حدائق الشعر اليمني في مواجهة الخراب
ملف
إعداد وتقديم / عبد الوهاب الشيخ
في مهب الريح والحرب كل أرض منفى فيما تبقى القصيدة بابًا للخلاص وسفينة ينجرها الشاعر للباحثين عن النجاة . بعد الثورة اليمنية في 2011 وتقدم الشباب للصفوف كان في ذلك دفعة قوية لكتاب قصيدة النثر من الشباب ، حيث انفتحت أمامهم آفاق جديدة للكتابة لا تستلهم فقط رواد قصيدة النثر اليمنية والعربية ولا تستفيد من منجز الشعر العالمي فحسب، وإنما تشكل من خلال تجربتها الراهنة ملامح جديدة للقصيدة اليمنية عبر أصوات شعرية عديدة ظهرت في نهاية التسعينات وبداية الألفية أمثال محيي الدين جرمة وفتحي أبو النصر وأحمد السلامي وأحمد الفلاحي وغيرهم ، بالإضافة لآخرين سبقوهم إلى كتابة قصيدة النثر وامتدت تجربتهم آخذة في التطور والتشكل كعبد الوهاب الشيباني وعبد الوكيل السروري وهدى أبلان ونبيلة الزبير على مدار ثلاثة عقود . ومع اشتعال الحرب في اليمن صار الشعراء بين رهين للظروف القاسية في الوطن وطريد للمنفى في الخارج هكذا صارت هناك قصيدة واحدة يكتبها شاعران :أحدهما يعاني الحنين إلى الوطن محاولا ابتعاثه مجددا في القصيدة ، والآخر يحاول الهروب منه إلى القصيدة ، وكلاهما تظل الحرب بالنسبة له تجربة عبثية غير مفهومة ، تأملها لا يعني سوى الوقوف على عتبة اللاجدوى . يقول قيس عبد المغني في قصيدته " ثم جاءت الحرب " :
كنت مدرسا للرياضيات
ثم جاءت الحرب
و سقطت الطبشورة من بين أصابعي
نزحت المعادلات
و تشردت الأرقام وتفرقت المصفوفات
والقوانين المهيبة..
رأيت بنفسي جدول الضرب يضع حقائب كبيرة
في صندوق سيارة أجرة ويختفي معها..
كنت مدرسا نشطا للرياضيات
و
اليوم و بعد مرور خمس وعشرين ألف جثة
على
بداية الحرب
ذهبت
إلى المدرسة لأول مرة
تسلقت
ركامها بمشقة
و
صعدت على ظهر حصتي الأخيرة..
من
هناك
وقفت
أراقب – بارتباك تلميذ-
سربا
آخر من الأعداد الطبيعية و هو يهاجر نحو المشافي
و
المقابر
و
القنوات الإخبارية البعيدة .
هنا أثر الحرب العنيف يبدو عبر لمسات بسيطة من خلال تأثيرها على الأشياء لا الأشخاص، في مشاهد رمزية ذات منحى سريالي من نزوح المعادلات وتشرد الأرقام فلا منطق للحرب ولا فيها إذ يتحول الضحايا بين قتيل وجريح ومشرد إلى مجرد أعداد وأرقام .
أما فتحي أبو النصر فيرصدها من داخله ويتتبع أصداءها على روحه وقلبه عبر نص مليء بالانزياحات الشعرية ، إذ تعيد الحرب صياغة معاني الأشياء وعلاقتها فيتأكد ظن الشاعر بالريح ويحتفل بفقده ذاكرته في نهاية القصيدة . يقول أبو النصر في " رومانسية تحرض على الحرب" :
تهذي الجدران / يهذي
جيب الشاعر / تهذي السياسات العامة للأفق /يهذي القمر المنكسر كنصف قصيدة / تهذي
روزنامة الأحداث والتواريخ/ يهذي الرصيف الذي لم ينقذه احدٌ على الإطلاق .
الله رغبتنا التي تتصدع
، والغياب يشاطرنا الإعجاب بطلل قصائدنا.
شعوبٌ كثيرةٌ لبست عري
القصيدة أيتها العولمة،
وخطوات شغوفة قادتنا
إلينا، ولم نحصل على أي جواب آمن.
حتماً من هذه الزاوية
سيتأكد ظني بالريح ،
الريح التي تتعاون بشكل
كامل مع تلاويحنا فقط .
صريرٌ في الماء / جوعٌ
ملكيٌ/ غيبوبةٌ منفعلة ٌ/ موسيقى بيضاء للخبث / عكازٌ في الكلام المباغت /
رومانسيةٌ تحرض على الحرب / صراخٌ في علبة سجائرنا / امرأةٌ جاحظةٌ في نهايات
الحنين/ حزنٌ ماجنٌ جداً هنا وهناك / وهجٌ يتجلط في أعالي قلبي تماماً / أصدقاء
يتكومون كما لو في نهاية فيلم مرعب / ضحكاتٌ تتهرأ في ضلوع الشاعر الذي احتفل
بفقدان ذاكرته قبل قليل.
هكذا لا حضور للأيدولوجيا هنا بقدر تمثل المصير الإنساني في مواجهة لاجدوى الحرب . لقد أصبح الشعراء اليمنيون أكثر إخلاصا للتجربة التي تصنع شكلها الملائم بعيدًا عن المقولات الجاهزة ، وبفضل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي التي ضمنت استجابة سريعة من قبل قارئ لم يعد محليًّا بالضرورة ظهرت العديد من الأسماء الجديدة على الساحة الشعرية في اليمن ، في ظل تعدد أشكال الكتابة حيث لايزال البعض يكتب القصيدة العمودية بجانب قصيدة التفعيلة وقصيدة النثر .
جديلة ياسمين
كما
لم أعرفك..
أراك
الآن؛
تعض
أصابع شوقك،
ترقب
روحك المعلقة
على
وتر من وهم القُبل،
وتتحسس
أشواك الندم
الممتدة
على تفاصيل صورة وحيدة جمعتنا..
كما
لم نلتقِ..
أراك..
كمن
أصابه الجنون
تمسك
عقارب الوقت من عنقها
وتضرب
بها عرض الجرح..
كيف
لها أن تمضي..
من
دون ضحكتي
من
دون أن تتشابك روحانا في حديث
يبلغ
الألف ليلة وليلة..
كما لم تحبني..
أراك..
تنظر
إليّ من نافذة القصيدة
تفتش
عن حرف يتيح لك
العبور
على مرمى ذكريات منكسرة
وعند
حرفي الحاء والباء
يسقط
الحنين في سيرة آه
وتسقط
أنت في فخ جحودك
محاطًا
باللامبالاه..
كما لم أحبك..
أمضي
غير
عابئة بثقل اللحظات الخالية منك..
أغسل
ذنوب الروح
بماء
قصائد الفراق
علّها
تزيل عن جسدي
أحاديث
حبك..
من يعيد لقلبك سيرته الأولى؟
من
يعيد لقلبي خفقانه الأول؟
حيث
كنا لا نعرف من الحب
سوى
ارتجافة طفلين
أضاعا
الطريق..
حيث
كنت أنا جديلة ياسمين
لا
تخشى لسعات الفراشات،
وكنت
أنت وحيدًا تُطارد ظلك..
(منى المصباحي)
الغرفة
ما تركناه على السرير
لم
تركله الريح
ولم
يبدده الصابون
ما
تركناه
تكاثر
وازدحمت
به الغرفة.
1
ما أفكر فيه الآن
كيف
أفكر؟.
2
من على صدرك
يبدو
العالم ضئيلاً.
3
سوى الجنون
لا
شيء يحررني من التفاصيل.
4
مع كل يوم يمر
تزداد
رغبتي لقطعة سكر.
5
الشفاه نصف غروب
والحديث
بحر
وأنا
الشط
صبحا
ومساءَ
أرسل
إليها النوارس
على
أجنحتها
قصيدة
أرسل
القوارب
على
أشرعتها
تحية
وقبلة
أقف
منتظرا
موجة
تسحبها موجة.
6
يداي لا تحسنان التفكير
كاللوح
شفتاي
ماذا
يمنعني من احتلال هذا الحيز
الصغير
؟
أبدو
منفعلا
ربما
لأني لم أحلق ذقني
ربما
لأني مفلس
أو
لأني أخشى (الكاميرا)
أقترب
كي
لا أظهر
خذ
لها صورة.
7
قارىء الكف قال:
خط
عمرك قصير
ومات.
8
لأن الأحمر هو السائد
الجميع
متوقف.
9
ما يؤرقني حقاً
سعال
حذائي.
عندما لا أصحو
تسير
الأمور على ما يرام.
10
أحتاج إلى مساحة أستطيع فيها
التحليق
وزمن
للتنفس
لن
اذهب إلى العمل اليوم .
(عمرو الإرياني)
بحر عالق في خشب السرير
لا....
لا
ترتحل
مستسلما
لخدر النعاس
ليس
الآن؛
فهناك
الكثير من الحكايات،
ومازلت
أشتهي
أن
أقصَّ عليك:
عن
بحر فاجأناه عالقا في خشب السرير
عن
هواء أغريناه بالشرفات
عن
إيقاع شارد آويناه صمتنا
عن
ليل غامض خبأناه في الشمس
عن مدن حلمت أن تزورنا
عن
بيت يسكننا
وقصائدَ
نسكن إليها
عن امرأة مكتظة
ببرتقال
الحنين،
عنها
وحيدةً
إلاّ
من
عطرٍ
حنون
عن
دمها يجلُّك
عن رجل مستتر كالضمير
عنه
مستترا بلا ضمير
عنا
نوزع حبنا على القارات
عنك
تتوزعك الجهات والنساء والكلمات
عن قصص مثيرة رغبت أن نكون بطليها
عن
قصص أخرى تطلبها للتسلية
أووووووووووه
ها
نحن في الليلة
السابعة
بعد الألف
وككل مرة
لقد
سرقك
النو
مُ
النو
ى
ما أقساكَ
تتركني
في ليل الحكي
لتغط
في
غياب
عميق؟
(إبتسام المتوكل)
حرية الريح
منذ
صار اسمي ضيقًا على ألمي
وبعيداً
جدًا عن الصدى،
لا
أجد زمنًا خارج نفسي
شيء
ما انكسر في داخلي
والمدى
يترنح وراء قلبي،
والسماء
التي كانت في قبعة الساحر
تحررت
من حافة المجاز
وطارت
إلى أبعد من العدم.
والسماء
التي كانت في الغرفة
لم
تجد جدارًا تعلق عليه العالم.
والسماء
التي نسيت اسمها تبحث عن حائط لتصلب الغيم.
والسماء
التي تحت أقدامك ترتب أعصابها وتبكي صارت مواربة.
والهواء
الذي غادر بعد ظلك؛
لم
يجد وسادة لينام!
لا
أفهم كيف يجد المساء متسعًا ليعمل في تربية الأرق.
النملة
التي خوفها من الشتاء يقتل فرحها بالربيع
حملت
أضعاف وزنها خوفًا من الجوع.
وأنا
فقدت أضعاف وزني حرصًا على صحة ظلي.
يمكنك
انتزاع عيون الدمية لمنحها رحلة مجانية إلى الداخل.
للريح
قلقها الشخصي
فمن
يحاسب الجدران على تحدي حريتها.
أدفن
معنى مات هنا
وأخرج
من جثتي واثقًا بالآه..
(محمد فائد البكري)
ذات حذاء وشيك
)في مناجاة صرصور(
ما الذي أخرجك الليلة ،
أيها المستريب ،
المتشبث
بقطعة من رصيف هذه المدينة التي
خلفت طينها ،
وانتشرت
حجرية الروح ، والصخب ؟
أية يد للغفلة ،
استمالك التيه بها ..
ثم خلاك
في عرائك الماثل بكل فجيعته الآن ،
للصحو مباغتاً
على هذا القدر من الغربة
عن قبيلك الساعي ، مزهواً
بطمأنينته ،
في مِعى هذه المدينة ،
ومجارير حقيقتها ؟
أيّ همّ شردك الليلة ،
أيهذا الكائن المحاصر بقماءته ..
كأنك إياي
بقرنيك الذاهلين
اللذين يستشعران ، في خلاء توجسك ،
انسحاقاً نازلاً
حين تنطبق عليك ، ذات حذاء وشيك ،
سماءٌ ما ..
ثم ترفعك
في
الخلاص؟
(كريم الحنكي)
كأنّكِ وحدي
ستكتشفين غداً أنّ الظل الذي كان
يتبعك لم يكن ظلك بل هو ظلي
وسأكتشف أنا أنّ التي كانت تمشي
إلى جواره لم تكن أنتِ
كأنني وحدكِ في الترقب
كأنكِ وحدي في الغياب
ربما في حياة أخرى
لن نغلق فيها أيّامنا على فزع
أو نفتحها في ارتباك
ستصبح أوهامنا عارية منا
وحيث ابتعدنا سنجدنا
حينها ، ربما ، نبكي
أو نضحك
نندم
أو نغني
……………
……………
……………
……………
ما الفائدة ؟
(علي المقري)
شمسية الأمل
الغيومُ
تشعر بالأسى
الأراضي
الواسعة تشعر بالضيق
القرى
المعلقةُ في رؤوس الجبال خائفة
والمدائن
لم تعد تثق بأحد
الميكرفونات
تبث الرعب في قلوب الناس
الفيس بوك والتويتر مزيفان
الكتب هجرها الناس إلى فضاءٍ
فارغ
المغتربون يفقدون ميزتهم الوحيدة
لم يعد بمقدورهم الوفاء
بالتزاماتهم
زال انبهار الأطفال بسيارات
النقل التي كانت تجوب الدروب والمسالك الضيقة محملة بأنواع المعلبات واللعب
أسئلة النساء تزداد حدة
وأنا وحدي أقف مرتديا معطف
التفاؤل
في يدي شمسية من الأمل
(أحمد عباس)
عشاء القتلة
يرفعون الأنخاب عالياً ويضحكون
بينما النظرات مسلّطة على ربطات
أعناقهم المثيرة للجدل
قال أحدهم:
"إنها قصة طويلة ولا داعي لشرحها الآن"
تناول آخر آلة تصوير وأخذ في التقاط
صور تذكارية تؤرخ للحدث.
السيدة التي كانت تعلّق على عنقها
عقدا من الألماس قالت أنها سوف
تتزوج بمن تحبّ بعد العشاء مباشرة.
الرجل القصير أمرهم بالصمت لجدية
الموقف
وبعد أن عرفوا مهمتهم غادروا المكان.
والعشاء الفخم ينام في أطباق
الكريستال الغالية دون أن تلمسه يد.
ذهبوا دون التلذذ بما يُظن بأنه حلال
الجاد
وعندما انتهوا من قتله كانت
تخامرهم رغبة قوية في النوم
أفراداً
ومجموعين.
الرجال ناموا بربطات أعناقهم المثيرة
للجدل
المرأة بعقدها الألماسي المزيف دون
زواج
القصير بأوامره الصارمة لزوم الزعامة
النظارة المتميزون غيظاً لرداءة الصوت
الشاهد الوحيد على المجزرة
الفيلم الذي تحمّض صوره الملونة بجدية
لها رائحة اليود
نادلة الحانة آخر الشارع العامر
بوحشتها المفتوحة على الذكرى
سكان الحي البعيد في احتفالهم بعيد
ميلاد شخص مقتول لا يعرفونه
بطلة السينما ذات يوم المفلسة بعد
إصابتها بالإيدز
لاعب الكرة المصاب بفتاق في السرة
الكلب الذي غادره صاحبه ذات محطة ولم
يعد
البنت التي تنتظر عشيقها الخائن منذ
ألف امرأة
الشرطي الذي وضع دفتر المخالفات
عليه والرشاوى فوق براد المطبخ الذي
أهداه إياه رجل حُكم
بالإعدام
عطس الزعيم رغم حرارة الجو.
ناموا جميعاً
ولم يستيقظ منهم أحد.
(عبد الناصر مجلي)
مسافة قضمة
ننتظر حرباً
ننتظر موتاً
هكذا هي الحياة
غير أن الزمن كلما تقدم،
يسلب من البعض حقه
في أن يواجه خصمه
في معركة متكافئة.
ننتظر حرباً
ونحن نعرف سلفاً؛
أن طرفاً بعينه في المعركة
يسترخي على متن
بارجة في المحيط
وبوسعه الضغط بيد على زر الإطلاق،
فيما اليد الأخرى تمسك
بساندويتش همبرجر
هكذا تكون المسافة بين الصاروخ
والهدف مجرد قضمة!
(أحمد السلامي)
رهــــان
يتراهن حطابـان
يخسر أحدهما فأسه
فتبتهــج شجــرة.
يتراهن شحاذان
يخسر أحدهما زوجته
فتبتهج الأماسى الباردة.
يتراهن ملكــان
كلاهما يخســر مملكته
فتعم البهجة.
تتراهن الحياة مع الموت
نخسر متعة الرهــان
وتوارب البهجة نوافذها
المهتـرئة.
(عمار النجار)
بلا قناع
كم من امرأة
شدتني من أعماقي
بنظرة شبقة
ونهدين متحفزين
وعجيزة مثيرة للجدل
ثم مضت هكذا
من غير أن تترك عطرها
يفوح
في طريقي المسدود بالعثرات
مع ذلك
لا شيء يحل محل الفقدان
الأصدقاء
في انشغالهم المعتاد
بتوفير القوت الجاف
وحاجيات الكيف
الكيف بسقفه الهابط
عادة
هل يفضي بي
إلى خيط
أمسك به
لأصل.
أنا المنحدر من رنين بعيد
أجلس في ألفة غائمة حتى هلال العيد
أضع يدي في جيبي
علني أسد الفراغ
الذي خلفته المدينة القاحلة
من أي لمعان
لكن يدي التي لا تحسن المجاملة
تفلت منها الفرص الثمينة
لهذا أقول
كم محظوظة هي اليد
اليد المتحركة
اليد المتحركة خلف الستار
إذ تؤول صمتي جمراً يتقد
كلامي غواية
تتحسس في الصحو الملتبس
أن يعبر سماء الحرف
ولو بالصدفة
تخرج الحرب للعلن
تنتزع مني الهدوء القليل
لتبقيني شاغراً
ريثما يأتي يوم آخر
فيذكرني بمبادراتي المؤجلة
وبالمقالب ـ أيضاً
المقالب التي أحيكها بإتقان بالغ
ولا يسقط فيها أحد
تغرق في ضحك لزج
إذاً أنا فعلاً
لا أضع على وجهي قناعاً
رغم أني من أعوام تالفة
منفي في قريتي
وثمل بقداسة الأجداد .
(جميل حاجب)
حروف الجن
أيها الماضي لا تقل لا
ليل من أرقٍ ونفاياتٍ
تتجمع الأسئلة...
متى تبدأ سهرة الألم ؟
من يستقبلُ خلف الأبواب
القلاع المهجورة
وحروف الجن ؟
من يدرب الرياح على العدْوِ ؟
السقوف مريضة بالمشي أثناء النوم
وأسرى الحمامات العامة
يلفونَ وجوهَهم بالمناسباتِ
والبخار
هناك فندق يبتسم للأعضاء الجنسية
طوال اليوم
وهذا البهوُ المزينُ بباقي الموائد
ولوحات الأنوف الغارقة
في المانيو - والكتب المقدسة
يمارسُ
.......
عادته المفضلة
لِمَ تنامُ الفنادق القلقة خارج
المنزل ؟؟؟
هذا اليوم لم يمت أحد
هكذا قالت لي نافذة المدينة
يوم الجمعة أغتسل من نفسي
واتعطر برائحة المقبرة.
بمن أقيم صلاة الفرحْ؟؟؟
أنا خشب الخطيئة
دقوا مسامير الفضيلة في جسدي
لامعةٌ كلماتي مثل صفائح الحزن
وحادةُ مثل نصلٍ البكاء
السماء تعلمني حكمتها
النجوم البعيدة لا ترى إلاّ
حين يكون الليل أحلكُ من
لبن النهار
يسقط مني الحبلْ حين
أتسلق حصاه الرمل
وتتدحرج فّي الهوةِ والقمةُ
دعوني أضعُ شَعْرَةَ التقيؤ
في فم التاريخ.
وأكمل هذه الثرثرة اللذيذة
(عبد اللطيف الربيع)
تبدأ الدائرة
المدى تفاحة . وأنا سكين ، وحيث هويت : ثقبت على جلدها باباً ، وأطلقت العنان للنساء أن يستدرن في خواتم شهوتي ، ويدخلن يتفيئن في فضاء أشجاري وأغصان هواي .
وأنا متعب لا ريث ولا عجل . كأن الماء يرسم في خطاي نافورة ، والطين يفتتح في مداي قبة . وأنا أعود إلي من أقصاي .
في يدي مقاليد يدي . وفي يدي مصابيح القبة والمحراب .
سيقول لي الطين :
هذا يوم أختتم فيه أسفاري وأدخل إلى ملكوت يهبني التهليل ، ويخلع علي بسطة .. ينقش فيها بعضي بعضي ، وأولِفُ منهما قامتي الواحدة .
ويقول لي الماء :
أنا الجسد الذي أعطي للكلمات قوامها . وأنا النبع الذي يؤالف بين أشتات الحصى والحجارة والغبار . دمي يتلو دمي . فينسج سورة ابتدائي وندخل ننقش في الفضاء خطوط فراشة نرجستنا الواحدة .
دخلت ..
حيث أخطو ليس ثمة سماء ولا قاع .
أخطو فتنحرف بوصلة الجهات ، تتسلل
جميعها من قطب واحد ، تتجمع في نقطة مركز
وتخرج منها إلى خطوتي لترسم فضاء دائرة .
تبدأ الدائرة . تكبر . تكبر وتصبح إلى ما لا نهاية ، في حدود الفضاء . إذن بدأتُ.
(عبد الودود سيف)
ثعلبا \ تقنص غيمة
أن تكون فظًّا
وعقلك خارج مئزري
مثير للغاية
مثل بندقية تنطلق للَاشيء عدا أن تفك
أسر ثعلب
من هول المعركة
ابدأ بالضحك
وتظاهر بأنك أرنب ناعم
كل شيء يلتهب
وأنت آسر جدًا
كما ليس متوقعًا من رجل أخرق
ماكر كمذنب
قريب للغاية
من سرةِ السماء
كن أكثر فظاظة
واقطع عروة قميصك
اجعل غرابك المدرَّب يفعل ذلك
الطير اللص سرق قلبي وادعى العرج
الفئران في كل مكان بسيقانهن الخلفية
الغليظة
يشبهنك للغاية
متهور ، فاتن وأحمق
غيومي التي تتسع لدهائك ينفضها زلزال
الآن
هزات عصافيرك المليئة بالفوضى
فوضى السكَّر والتوق
سأستمر بالامتعاض
بينما أشاهد بمتعة ٍ
الزهورَ التي تتفرع حول رأسك
تتسلل بترفع فارس قديم
إلى ابتسامتي التي تخفي رقصتها خلف
مئزر المطبخ
(ميسون الإرياني)
أنا عبدالمجيد التركي
إنسان عادي ليس في سيرتي ما يدعو للالتفات.
أخرج من بيتي ساعة واحدة ظهر كل يوم
وأقضي الثلاث والعشرين ساعة في غرفتي
كأنني ألعب دور الرجل الخفي.
أحب القطط وأخاف من الجرثومة،
وأتمنى اقتناء كلب
فأتذكر كل الأحاديث عن نجاستها..
النجس هو صديقي الذي وشى بي عند أبي.
أنا عبدالمجيد
لم أشارك في أي مسابقة
ولم أفز بأي جائزة،
رغم تأكيد رئيس لجنة إحدى الجوائز بأن
اسمي هو الفائز.
تكاسلت عن تقديم مجموعتي الشعرية
التي أجازوها قبل قراءتها..
لم أتكاسل..
كنت خائفا من القناع الذي سأرتديه بعد
استلام الجائزة.
أنا مجيد.
أخاف من الأكل الفاخر
أخاف من السمن والزبدة والأماكن
الضيقة،
أخاف من البوالين الملونة.
)عبد المجيد التركي(
سيرة
لا شيء في موقعي
المعتاد
يكدر طرسي
أمامي لوحة الخيال
الثمينة
ووجه القمر المبتسم
داخل مدن الضوء
والغناء
أتلقى أعمق الدروس
بسيرة خالية
من السقوط
أتذوق طعم الطيران .
(عبد الغني المخلافي)
رأسي يمتلئ بالفراغ
هل تعرفين عدد العصافير التي تعوي في رأسي؟
اتركي أصابعك الآن على
الرف ،
وتعالي نكتشف معاً أين
يختبئ النوم ...
لنقل: سرقه جارنا الذي
يوزعه شخيراً على حينا..!!
أو ربما ذهب لملاقاة
حلم
فاختطفته يقظة..!!
ما كل هذا الضوء
ياحبيبتي ؟
من جلب خيوطه إلى عيني
؟
مايزال العالم مستيقظاً يدب في رأسي ...
أحتاج أن أغمض وأطفئ
العالم لنهار كامل ..
لم أنم بعد ؛
لقد نسيت الليل معلقاً
في الخارج فوق الشجرة ،
وأخشى أن تحمله صرخات
الريح
وتذروه بعيدآ !
(عادل نور)
ليس في الفنجان ما يثير
في الحرب المفترضة
فقدت دماغي ..
في الموت وجدتني
و لم أجد الغائبين ..
ذابت التماعات الصيف
و لم يذب السكر..
ليس في الفنجان ما يثير
فالتكهنات عادتنا
السيئة
و الحب كلام نسيناه..
جهة القلب غامضة
و الوطن جهات عدة
في كل جهة نقصدها
لانجد شيئاً ..
نحن إخوة في الحلم
سنحتاج إلى الحب
كنوع جيد للطهارة
التي نتلمسها
عند كل صلاة ..
سأحتاج إليك
في هذه الـبلاد
التي عوت في القصائد
فالموت قرصان ليلي
يتربص بالهزيمة !!
(محمد عبيد)
من أجل
من أجل الطريقة التي
اخفيت بها الدموع،
قلبت الطاولة ونسيت
أوقات الكتابة.
من أجل الطريقة التي
أحببت بها الناس،
دافعت عن نفسي.
من أجل الطريقة التي
فرّقت حروف اسمي،
كلمت نفسي وابتسمت.
من أجل الطريقة التي
تمنت بها امرأة وقف الحرب،
تبرعت بظلي وحملت أطفال
الريح.
من أجل الطريقة التي
جعلتني أحبك،
جلست على عيني .
من أجل الطريقة التي
أكل بها الحزن قلبي،
تذكرت البحر .
من أجل كل شيء جميل،
ذاب الجدار.
(اوراس الارياني)
الصباح المتناسخ لشخص في الثالثة والخمسين
وانت في الثالثة والخمسين
لم تزل تنهض في الخامسة
صباحًا،
حتى وان كانت رأسك
ثقيلة كشوال رمل،
حشاها النوم المتقطع
بالكوابيس.
ولم تزل تجد
في المشي الصباحي
الطويل
ترياقا للتخفف
والنسيان،
حتى وان قرعتِ
الذكرياتُ التافهة
بطبلها الأجوف أسفل أذنيك.
وأنت في الثالثة
والخمسين
لم تزل تطارد صور الغد،
التي تظنها ستأتي
ملوَّنة
وعلى جناحين رهيفين،
حتى وأنت ترى "أسفلتا"
من اللحم البضِّ
ينمو من أجساد نساء
متشحات بالسواد
على رصيف بارد،
ينتظرن كسرات يابسة،
من فرن العسكر القريب.
وأنت تبصر
الكلاب الضالة
تنبش في
"البلاستيك"
الى جوار جائعي الحواري
الذين يتسابقون
على المزابل الشحيحة،
قبل ازدحام الشوارع
تتذكر أنك في الثالثة والخمسين،
وأكثر ارتيابًا
من مخبري الأمن الوقائي
الذين يتكاثرون كفطر
سام
في الطرقات
لكنك لم تزل قادرًا على
تجميع
أواني العلب الفارغة
من الأزقة ، دون خجل
وتملأها بتراب القيعان
البعيدة
من أجل نبتة ستزرعها
في الممشى الإسمنتي
الجاف،
في مسكن الإيجار الذي
تقطنه
لتؤرخ بها للأيام التي
تتسرب خفيفة
من بين الأصابع الداكنة
مثل طلاب المدارس
الفقراء .
او تتركها عنوانًا
لغصة حفرتها
الطلقة الاخيرة للجار
التي احتفظ بها للشتاء
الرابع للحرب
ليطلقها مدوية،
فصبَّتِ رصاص المرارة
المذاب
في أفواه
ثلاث فتيات مراهقات
هن بناته
من أم غريبة عن هذه
الديار، التي تستبدل
قلبها بأحجار
جبالها العارية.
(محمد
عبد الوهاب الشيباني)
وشم على مقبض الباب
يقال
إنني مصابة بالجنون،
إذْ مسني العشق
وإن اسمك موشوم على مقبض الباب
أليس مهما
!!
كل شيء يقودني إليك
سوف أصير علبة ألوان
لكي ترسم ملامحي التي هربت
بطريقة محزنة
أو أكون امرأة مندفعة
أفقد اتزاني عند أول قبلة
ثم لا شيء يمنعني عنك
سنكون أكثر نضجا من النهر
حين تمتلئ رئتانا بصوت فيروز,
سأبدو خفيفة وأرشق من راقصي التانجو،
بينما يكون جسدي مشبعا بالملح،
وعرق الفاكهة ..
(بدرية محمد الناصر)
ليس أنا..
1
كل هذه القُصور..
وأنت؛
بلا جدار!
كل هذه الطريق..
وأنت؛
بلا حذاء!
كل هذه الحروب
وأنت أعزل!
2
هَذَا الـَّذِي يَبتَسِمُ في الصُّورَةِ،
لِيسَ أَنَا!
أو بِالأَحرَى،
الإبتِسَامَة ليسَت لِي!
إِنٌهَا - وهَذَا ما أتذَكَّرهُ مُنذُ زَمَن..-
لِشَخصٍ مَا؛
أَطَلَّ مِن نَعشِهِ بَاسِمَاً،
وَرَبَتَ على كَتفِي.
وَدُونَ أن أمنَحَهُ الوَقت..
لِيقَول شَيئَا.ً
نَسِيتُ دُمُوعِي مُعَلَّقة على النٌعشِ
وَ ارتَدَيتُ ابتِسَامَتَه!
3
لَستُ واثقاً مِن أنَّنِي..
بِخَيرٍ أم لا.
كل ما في الأمرِ،
أنَّنِي اتَنَفَّسُ
ولكن بِبطء!
4
من مِثلِي يَحتاجُ إلى:
ذاكِرةٍ عَاطِلةٍ عن
النسيان،ِ
وقَلبٍ عَاطلٍ عن
الحَنَيِن!!
5
ليسَ لأنَّ الشّمُوس لا تَمُدُّ جِرَار دِفئها،
وليسَ لأنَّ السَّماءَ
أرجأت المَطر.
هذا البَردُ؛
مُنذُ صَارَت (صنعاء)
مدينة مَثقُوبة النَّهاراتِ،
ومَفقُوءَة الليالِي!!
6
في رأس رجل ما،
اختمرت فكرة الحرب.
وإلى الآن؛
ليست سوى رؤوسنا
هدفها السهل..!
7
أَوقِفُوا حُروبكم على اللهِ،
اللهُ؛
حَيثُ الحُب لا الحَرب
الله؛ُ
حيث القلب الذي يَرتُبُ على اليُتمِ،
وحَيثُ الدمعة التي تسيلُ لأجل آه
وحَيثُ اليد التي تُمسِكُ عن موتٍ
وتُغنِي من جُوع!
8
اللصُوصُ أيضاً،
يَتَّكِئُون عليكَ، يا الله..
ينفقون ما أمكنهم من الوقتِ..
في الصلوات،
وتشييد القصور
ويَحثُونَ الأرصفةَ على الصَّومِ
والصُّمُود!
9
إلى الآن..
ما لا تعلمه البلابل في (تويتر)
أن القتلة صاروا..
يغردون!!
10
لا حديقة تتسع لرغبة طفل
في اللهو..
وما تبقى هو الهواء؛
يحرك بخوف أذرع أشجار
غادرت ظلالها،
وأرجوحة تزعق بالصرير..
كان يتناوب عليها أطفال فقراء،
قبل أن يذهب ريعها
لمجهود الحرب!
(محمد الجرادي)
شقوق الوقت
أنا آخر المنسيين في جهة الحرب
تورطت في الأحلام
كثيراً
حتى أنني حين أضع يدي
على رأسي
تتداعى قشرة ذكرياتي
الزائفة.
....
في الساعة المهزومة من
الليل
أستيقظ مذعوراً على
صوتك
للتو رأيته يهرب من
النافذة
حاملاً معه أحد أحلامي
النافقة
وحين ارتطم بالأرض
صنع ربيعاً واحداً في
الأسفل
ثم تفرع كسنديانة
حملت العصافير والأزهار
ورائحة المطر
إلى مقربة من خوفي.
...
هذه الصخرة التي تتدحرج
نحونا
رشقها جندي نزق
بالحجارة
حين ظن أن الليل
يقع في فوهة حزنه.
...
الأطفال الذين يكبرون
في ساحة المعركة
حين يجوعون
يستبدلون أسمائهم
بأسماء القتلى
ويصعدون موتاً شاهقاً.
في المساء
يرتطمون بجثث الأحياء
يفتشون عن عين واحدة
لم يفقأها القدر
...
في طريق البيت
أعبر درباً موازياً
يؤدي إليك
حين أسهر وحيداً
أسهر في شارعك الذي
يعرف خطواتك
حين أغلق الباب على
الضوضاء في الخارج
أفتح نافذتي العميقة
المؤدية إلى محيطك
حين أضبط الوقت
أضعه على مؤشر مواعيدك
وحين أشاهد سماءً زرقاء
أراها قمراً في سمائك
هكذا هو الحال
أعيش أنت من حيث لا
تتوقعين.
...
في الليلة التي سبقت
حزني
رأيتك تغادرين بلا ظلال
بخطوات قلقة
ويداكِ تكتنزان الطريق
ثم تلاشيتِ في عيوني
بهت معطفك المتدلي من
شجرة الرمان
سجائرك الرديئة نامت في
المعركة
وقنينة عطرك الخاص
أصيبت في عنقها
طفولتك التي تركتها هنا
صارت مخزن ذخيرة
لقد مزقت الحرب كل شيء
(غسان خالد)
موسيقى البلور
هو يعشق القمم الناتئة متجردة ًمن هموم الوهاد وعنفواناتها
وأنا أعشق القشة حرّة
من قراباتها الأصولية
طليقة في وجه التيار
الجارف .
لا هوية أعنف من ريشة في
مهب الريح.
هو يعشق الصوت الفردي,
يهتم بالشئ نفسه
لا يعنيه ظلاله الباردة
يصغي للريح ..لا لأثرها
على الماء ودمائها الممتدة في الأشياء
لا يتتبع قصة النسيم
وحواراته الجانبية
يوم للشمس أو ليلة
للقمر هي وحدها خمرة ذاته
التوحد ..الوحدة وطنه
الأبدي المضمر في سكون سجادته
وتدفقها على جسده الميت
حين لا يكون ثمة من
يطرق الباب أو يفتحه
حين لا قنديل يسهر على
روحه النائية .
وأنا كقبلة انداحت على
النهر
كزهرة في قعره
عيناها إلى السماء
كلما هممت أن أقول :
(أريد أن لا أريد(
ينقطع وتري
وتفنى عناقيدي
(محمد العديني)
قصائر
[1]
لقد غير هؤلاء الأوغاد
كل شيء حتى.. اسمي
لم أكن يوما يساريا أو
يمينيا
كنت ولا أزال - سلطان
عزعزي فقط
كائن يتوجس من المشي
في الممرات الضيقة
قبيلتي الكلمات
وعشيرتي الحروف
وطريقي الحب
[2]
نعم هم يسبقوني دائما
لأنهم إعتادوا
الركض لوحدهم
[3]
كي أحتفظ
بمذاق القبلة
أعلنت الإضراب
عن الطعام
[4]
لأني قليل
أضاعف بالصور
الجانبية نفسي
وأنشرها في الصحف
[5]
لقد أصيب العالم
بعمى الألوان
لذلك أجمعوا على
أنه' البيت الأبيض'
[6]
عندما أسقط في الانتخاب
القادم
على العرش سأعلن..
أن المشكلة ليست في
الملوك
أن المشكلة في الكرسي..،
الكرسي الذي اعتاد
على صنف واحد
من المؤخرات
[7]
كم من الشمع ستحتاج
لإشعاله
كي تكف
عن لعن الظلام !!
(سلطان عزعزي)
صباح
نحن الذين جاؤوا
برغائبهم
رغائبهم التي ظلت معلقة
هناك
نهش أحلامكم، ونزرع
بدلا عنها البطاطا
كنا قبل هذا نرث الجبال
البعيدة
هبطنا هذا الصباح على
جثث القتلى
الحالمين بالثورة
كم تبقى من الوقت كي
نثير الزوابع في السماء
لنتاكد من تسجيل أسمائنا
كشهداء
أو بالأقل مواطنين
صالحين
نحن الذين زرعوا
الصحراء بالجثث والبنادق
سنكون هناك ضيوفا عند الله
سوف يستقبلنا بالتأكيد
و يمنحنا شهادة ميلاد،
وجوازات سفر جديدة
نطير بها من سماء إلى
أخرى
لم يكن ميقاتنا الوهم،
فلا تدفنونا بأناشيدكم الغبية
فنحن لا نتوخى رعاية
أحد منكم
نثق بأن الله سوف
يمنحنا المزيد من العشق
لن نكلف أحدًا البقاء
بانتظار قطار القيامة هناك
نحن فقط من يفترض أن
يقوم بهذا العمل
إنه ميقاتنا حيث الحور
سوف ينتظرننا هناك عند المفترق
أعني خروج الكاهنات إلى
النشور
سنكون بذلك قد حققنا
المزيد من القبل
ورسمنا أكثر من سلة ورد
كوننا سنحتفي بعبورنا
الصراط
وهذا انجاز مهم
صباح الخير للشهداء
وللسماسرة أيضا صباح
(عبد الوكيل السروري)
درس في الزهد
أترك
ظمأي يشرب بدلاً مني.
أجرب درسًا في الزهد.
لا أتكلف وأنا أقف وجها لوجه
مع أنفاسها
التي تكسر
كل ادعاء للنصر داخلي.
أتخيل شفاهي تحلق ببضع كلمات
تومئ كصمت لا يتحدث
إلا ألمًا.
شفاهي تجلس على ورقة
حيكت من ظلال ترتجف
ككف الريح.
شفاه منداة بقبلة أول ضوء
قبل الفجر حتى.
تكتفني نظراتها
إلى عمود رغبة
في قيظ التمنيات.
أنسى حتى المياه.
ووظيفة الفم كمعبر
لعذوبة ما يروي.
أبدو خفيفًا رغم ما يثقلني
من ظلال ريشة تغمس بقاياها
في عسل يقال له” العلب”
يعشش في مهب الجراح.
وثم تيه يطلب الإغاثة
صحارى ضائعة
كبقية من زجاجة
تفتقد عطرًا
كان ضائعًا فيها
(محي الدين جرمة)
العملاق النائم تحت شجرة الرمان
سلمت لكِ أيامي
أخيرا نام العملاق الذي
يسكنني
والبالون المشدود إلى
خيط ملفوف حول أصابعه
والكلب الذي يتبعهما
وشجرة الرمان الوحيدة
واستيقظ شيء ما يلهث في
الثالثة والثلاثين
أباً لشيء ما
وحبيبا لآخر
مع سوء هضم كبير وهشاشة
في الركبة
سلمت الأيام التي يمكنك
تصديقها
الأيام التي لا
تعرفينها أكلها العملاق
العملاق النائم تحت
شجرة الرمان الوحيدة
وحيداً مثل شجرة الرمان
حيث الكوابيس أخف
حيث من الآن إلى أن
يستيقظ
إلى ألف عام تقريبًا من
عمر العمالقة
سأبقى في ثلاثتي من
الثلاثين أخرش قلبك
وستكون هناك دماء
ستكون هناك رمانات
حقيقية تشربن من خدوشه
ثم ستكون هناك أيام
أسلمها لك برمّاناتها وعمالقتها
لكل عملاق شجرته
وبالونه المشدود
وكلبه الذي يتبعه
ورجال وحيدون كالأشجار
يسلمون لك أيامهم
أخيرا نام العملاق
واستيقظ الشيء الذي
يعرف كل شيء
حيث ثلاثة أشياء تحت
سقف واحد
تعرف كيف تعمل من
كوابيس العمالقة كوابيس أخفّ.
(جلال
الأحمدي)
الحرب معقدة كفكاهات كآبتي
أنا الآن كأغنية خرساء تملك المساء كله ..
بدون مبررات أمدحني في
ذعر الكمائن وغموضها .
في كامل اليأس وفي ذروة
الأمل ،
لذلك سأكتب قصائد
مشجوجة كتفسيرات روحي عن الأهوال البيضاء،
غير أنني سأصبح على قلق
ويقين لأحدثكم عن الحرب .
الحرب معقدة كفكاهات
كآبتي
هدية الندم
وما تعنيه اشتعالاتنا
التاريخية في الحرية المغرورقة .
فضيلة الانتظار بعيداً
عن فكرتي الزمان والمكان، وخطيئة هذا الانتظار أيضاً في عالم لايمكن ان نرانا فيه
إلا كجدران سوريالية تتحرك .
رموز تفوقي الصاخب في
العواء ومعنى حيرتي الطويلة لكي تبتكرني ضحكتي الأنيقة من عبث الحرب .
الحرب : أن أشفق على
الحرب
وعلى أصوات الجميع في
الحرب
أن أحاذيني أو أن أتشظى
في محاذاتي،
أنا الذي في كل حرب
تعودت أن أتواطأ مع
الهياجات المخيفة للمحبة وهي تقترفني وتباركني مكللاً وملعوناً بآخر ماتبقى لي من
ذكريات ومن نسيانات .
الغريب في الأمر
ما الغريب في الأمر؟!
كتلة الضوء استحالت
فراشة
الأجنحة أضحت رمادًا
اليوم هو الثالث لعودتي
لكن لا محراب يوارب
العطش
ولا غربان تدل على
الجيفة
ماذا يعني الموت متأخرًا؟
المساحة أعلى النبع غيمة
وتحت السديم قفازة رعد
أنا الريح الجامحة في
ليل غريب
أهمس للأشجار بالتناثر
للأماسي بالتناحر
أنا الرياح اللواقح
لكني أترك الأزهار على
حالها
أنثر الأحاجي في مهب
الصمت
ألثم الموت أول الرائحة
وأواري اللحد عن كثب
الشفق
ما الذي تسبره الأشواق
الآن؟!
لا شيء
فيما أفاقت رعشة بين
طيات الأفول
اعلم أن للأخاديد رتق
أكثر
وللأهداب رمشة أخيرة
لا تومض للضوء
ولا تعبس في غياهب الانتشاء
هل تذكر لحظة موتك؟!
طبعا للموت رائحة
الجوارب والعناق
لكني أثقب النار
بنَفَسي
وأعبر طيف الحياة بحبق
وجنية
ثم ما ألبث أن أرعى
الذئب
وأحنو على غزالة
(أحمد الفلاحي)
إلى : هاء
شوهِدتُ للمرة الأخيرة وأنا أحبك..
حدث هذا في حانة هولندية بإحدى قصائد "جاك
بريل" المهجورة..
شوهدتُ
مرتدياً زي نادل أرستقراطي
أقدم
زجاجات بيرة فارغة لغرقى متذمرين
وأشباح
يهرشون بقلق صدورهم الخاوية
أساعد
شعراء وبحارة مخمورين في النهوض من أسمائهم وانتصاراتهم المهترئة
يقال
إنني تعثرت باسمكِ عند أحد السطور الشائكة
و
إنني غرقت في ذاكرتي ،
يقال
أيضاً
إنني
كنت أحداً آخر ولم أنتبه ،
هناك
تضارب بشأن نهايتي
لكن
الجميع متفق بأنني
شُوهِدتُ
للمرة الأخيرة
و
أنا
مصاب
بك .
(قيس
عبدالمغني)
كما في كل مرة
ستتأكدين عن طريق سؤال مباشر
ستصوبينه باتجاه إجابة
طازجة
سأضعها أنا مباشرة فوق
رأسي بشكل واضح
- بينما أقف مسنودًا إلى الجدار
المقابل -
إن كنت ما أزال أحبك ؟
لعبة قديمة لطالما
مارسناها سويًّا،
ولسنوات طويلة
من دون وسائل حماية
أو أي من أدوات السلامة
مارسناها مرارًا وتكرارًا ،
إلى الحد الذي لم يعد
بإمكاني معه
رؤية ملامح وجهي القديم
وجهي الذي أفتقده الآن
كثيرًا
كلما وقفت أمامك أيتها
المرآه
(إياد الحاج)
أولد الآن
أولد الآن
في هذا اليوم الذي لم
يحدث فيه شيء من قبل ،
وأعدكم أن شيئا
بعدي
أو غيري
لن يحدث في مثل هذا
اليوم أبدا !!
إنني - الآن - أولد
بذاكرة مجنون
وحزن نبي ..
بشهوة طفلٍ مجهول الجنس ..
أولد وأنمو لا لأصبح
أكبر
وأتكاثر أيضا ولكن لكي
يسعني العدم ..
كفردتي حذاء لنفس القدم
كقدم نافقة
أولد - الآن -
بظهر لا يستقيم
وبخاصرة مفقودة في
أزقّة تيهي
أولد الآن
بظلٍّ يبصق في وجهي
كلّما التفتُّ ورائي
بنصف حبيبة تحت السرير
بصديق يأتي قبل الحاجة
ويرحل حسب الطلب
أولد الآن كالذي ولد في
عداد الموتى
بالقليل مما مضى
والكثير مما لا يمضي
كأمس ألغته المقادير
وأصرّت عليه الصدفة
كما لم أولد من قبل
كأولئك الذين لا يجدون
من يجدهم قبل فوات الأوان
كالأوان الذي يجب أن
يفوت
كصلوات ثُقبتْ من
الأعلى
كأدعية فاخرة تحفظ بعيدًا
عن متناول الأطفال
أولد الآن كما لم أولد
من قبل
بأصابع خارج اليد
ويد تمتدُّ لتفقد كلّ
شيء وأي شيء معا
تلوّح بالتحية فتنفجر بالوداع
إنني الآن لست أكثر من ميلاد مخلّل بالموت
كأنني الفجأة التي تسقط
على فم الزمن
كتلك الفجوة التي تبتلع
خاطر اليوم مخافة أن يطير المستقبل
٢٧ فبراير ٢٠٢٠م
(أبوبكر
باجابر)
تعليقات
إرسال تعليق