حتى لا تكبر مثلي
مختارات من شعر عبد الوهاب الملوح
كان أبي
كان أبي يعرف أنه سيموت،
لذلك كان يدربني على الموت؛
يفتح لي الباب كل صباح
يقول لي اركض قبل النهار ولا تدع الليل يسبقك،
يقول لي ،
اذا تعبت اجلس على حجر في خلاء الصمت واصغ الى نبضه.
يقول لي،
ستتعب حتما ؛
خذ من درج الهواء ما رأيته في منامك وأعد تشكيله لعبا تغوي الريح؛
كان أبي يقول لي ،
إن حزنت قل يا ليتني كنت أعمى واضحك على صورتك في المرآة،
يقول لي،
اذا بكيت يا ولدي دع دموعك تسقي النخيل وبساتين البرتقال وأساطير المحبين؛
ويقول لي ،
إذا تعبت مرة اخرى توسد الريح ونم!
مرة ودعنا أبي إلى حيث لن يعود إلى الدار،
غير أنني رأيته يصفف الكراسي للمعزين،
ويقول لي وهو يكنس حزن السماء؛
اركض قبل النهار وقبل الليل يا ولدي حتى لا تكبر مثلي؟
ما الذي سوفَ يُغريكَ
أوْ يُوقدُ النَّار فيكَ
ولا شيءَ بين يَديكَ؛
تُمزِّق أوصال مستقبلِ الوهمِ؛
ها أنت تُنقذُ عُريَك من مرثِيات البكََاء المَجانِي،
وتُنقذُ عمركَ، قهقهةً تركلُ الالتِياع وكلََّ دواعي الندمْ.
وتُحرِّفُ سيرته بسموِّ التداعي وتصديقِ تغريبة الهذيان.
ما الذي سوف يُغريك في كل هذا:
الزحامِ، الرمادِ، الغبارِ، اللهاثِ، اللهيطِ، القطيعِ، العويلِ…
هكذا أنت هاويةٌ في رؤاك،
تُعدُّ الطريق مقاسًا لخطوك، ترعى الخلاء
فتحرسُ أثداء أنثى تنام فريسةَ حرٍّقليلََ الحياء،
وتحرسُ مستودعًا لمخيَّلة الريح،
تُصغي لسرِّ الحصى
وتخبِّئُه؛
تتبادل والقمر الطائش شتم موعظة الشمس،
من جهةٍ في التلاشي وأمزجةِ الاحتفال بما يتشظَّى
تجيء كإيقاع أغنية غير مكتملةٍ،
كمشقَّاتِ مُفردةٍ نالها صدأ الشعراء؛
على موعد مع ما يتدفَّق من كائنات مباهجِك اللامباليه.
أنت معبدُ هذا الضلال وما يتمجَّد خارجه؛
ولك الآن مِنْحةُ عمرك من محنتِك الموجعه
يا نبيََ الضلالِ اللقيط
لك الآن أن تكتفي بك
ها أنت ترتجلُ الوقت مختصرًا كل ما سوف يأتي؛
لك الآن أن تحتفي بالفراغ كحفلةِ طيرٍ تباغت حزن السماء
كغبطة أسرى تداهمهم بغتة الباب،
تأخذهم من أسى الانتظار وغيََّابة الفقد تأخذهم حيث تُسعفهم غابةٌ بصباحاتها ومساءاتها
وتعود حبيباتهم بحواسِّ غدٍ،
لا يعلٌّق وهمًا على الشمس
تنهض فجرًا يضيء عتمة ليل بلا قمر.
عبثًا؛ تعتق السجناء من الوهم،
من فكرة الجدران؛
عبثًا تعتق الشعر من كذبة الشعراء
عبثًا؛
تندم الآن؛
تمضي بهذا المساء إلى فرح تستعير كمنجاته توهُجه؛
من حنين بلا رغبة،
من يد الخذلان،
من الندم القاسي،
من عصا الأعمى،
من معاجم مرتجلي الهذيان.
عبثا؛
ترتق الأرق المتدفِّق بالعرق المُتقطِّعِ،
بالنافذة،
بشجاعة طفل حزين لقيط
يركِّب لعبته الحجرية،
يمنح عائلة الريح أسماءه
ويديه التي لا يراها.
أين تمضي بأيام عمرك؛
تتركها للمجاز،
تُبعثرها قهقهات معلَّبة
أو حدائق موجزة في خطى عاشقين يفران
من أمل لا يعانق جرحهما.
سوف تبتكر النهر أغنية للطريق.
عبثًا؛
سوف تمضي بأيام عمرك،
أي طريق هذي؟
أي مصائر؟
أي حتوف،
وأي صلاة تؤديها ندمًا
وتؤكدها جبهة الرأس أختام توبة رأس تكسَّر،
لو كنت فوضى
أسلمت عمرك دون مزادات علنية َ
والمطر انفلت من كتاب السماء حمامًا.
ما الذي سوف يُغريك؟
لا شيء يُغريك غير ضلالة روحك.
جنازة الشاعر
لم يقل شيئا لجسده وهو يودعه فجأة
نظر اليه البكـــــــــــاء ومضى
علَّق أحدهم صوته على دمعة تحجرت بين يدي ايامه ومضى
قال ابوه كان ابني ومضى
قال ابنه كان ابي ومضى
أطلت جارة من شرفتها همهمت : كان ظلا يمشي في الحارة
نعاله فقط تعود كل مساء
لم يمش أحد خلفه
لا الجيران ولا الكراسي ولا القرآن ولا السماء
وحده الهواء تكفل بترتيب شؤون جنازته
ثم اتخذ هيئته وبكى
اشتميني بعينيك
تظاهري أنك بخير
لأصدق الثمار قبل أشجارها
والنجوم في النهار
والشهداء قبل البلاد
وأصدق حدسي قبلي
تظاهري بالسؤال عني
لأراني قبلك وبعدي
في الطريق ذاهبا لمهمة استعادة روحي من قتلة
أخذوا عمري باسم الله
وأمشي كثيرا فيما لا يعنيك ولا يعني احدا
لأراك حدسي الذي يفتح لي
أبواب صمتي
تظاهري أنك لا تعرفيني وأني لا أعرفك
واشتميني بعينيك
دعي خطواتك تسبني بلا عدد وهي توسع حتفي فيك
ولتكن نظراتك في السماء أراجيح تدوخ صبيان لهفتي لا يعودون إلى ديارهم مساء
تظاهري علي الأقل أنك بخير
سأراني قليلا بلا عدد
دونما أن يتظاهر مني الخير
أن تفكر كصباح
أن يُبعْثرَكَ الصباح بلا جهات؛
تدخل نهارا لا يفكر كالجدران،
تفتحُ بخطى صمتك طريقا بلا سقوف
وتمرُّ من بين كراسي الضجر
تُنقذ وقتك من الحاجة إلى رغيف الأمل
المصنوع بنخالة الشعير المحروق
ونشارة الأبواب القديمة؛
لا فائدة من التفكير فيما سيحدث بعد الآن!
وهبتك امرأة الموسيقى حجرها قصعة أحلام
فمزقت ظلالك
والقيت بها قمصانا للأماني العارية؛
لا تختصر كل شيء دفعة واحدة،
لا تستعجل الوصول إلى حجرها
وارتشف الطريق نبيذا تعتق في جرار
خبَّأها لك الشعر حيث عُتمة الغموض اللذيذة
وارتشف على مهل في اقداح مقدودة من بأصابع امرأة الموسيقى
لا تدع لهفتك تستعجل كتم هتافاتها
وامض صريحا في هفوتك...
وإن حزنت لا تبحث عن صفات حزنك في فوانيس الندم
وحرير الحنين المغشوش،
تعثر تلعثم تدعثر و تبعثر صباحا لكل وقت بلا جهات
جغرافيا الثمالة
عاليا؛
كموال يحرره مقام الحجاز على الصول من ناي مُحتجز في حنجرة منضبطة .
مشبوها ؛
كحروف علَّة تُحرِّف المعاني وتعتق الأفعال من أقفال الفقهاء .
مسكونا بالتخلِّي؛
أقطع رأس الفكرة , أهجِّج دوابَّ رأسي .
مقيما في الشهوة عند الباب الموارب بين التوقُّع وصرامة الساعةالحائطية معلَّقة كحبل مشنقة حول رقبة توزعتها أمتعة الأنفاس ؛
الوقت ميليشيا تستعجل مهامها بإطلاق الغازات النتنة من امعائها ا لمتقرِّحة .
متحرِّرا ؛
كضحك يشرح تقصير الهواء , يفضح خوف الإسهاب من الغرق في الحرف الواحد ؛
غير معني بحفلة أنخاب الانتصارات في معارك الغباريين .
واقفا أركض ؛ لا مرئيا أعبر ؛ صامتا أغني؛ عاريا أراقص جثث أيامي.
متعتقا , متوهجا , مترنحا , متداع , متعال ,
ثملا أصعد خيباتي متجددا .
سوف
يأتي المرابون الجدد يستعرضون نذالاتهم المبتكرة ببذلاتهم المستوردة
ودموعهم المزيفة وسوف تعلو القوقأة كما تطل الثورات من التلفزيون لقطات
إشهارية للندم ...
يالندامةالدم ...
أنا من أتدلل على الدم يُغرقني في صفاته فلا يمتزج عندي بالدمع أو العرق ليس عرق جبين الكسل أو عرق قصر القامة .
كل ما في الأمر ؛
إن عرق الحدس وعرق الاختناق ينضاف إليهما عرق الإبطين
يا لرائحة الحياة البكر ؛
أنا صنيعة الدم المكابر
محتفلا بغنائم خيباتي
رأيت
الطريق تفتح لي بين منعطفاتها بيبانا تفتح بدورها على بهجة تلتمع من
اركسترا فاغنارية صوتَ قروية تدفع الحقول قدامها وتغطي شهوات المعز الإناث
بمحرمتهاالبنية .
أنا الملتبس بلا طموحات مستعملة ؛
لم أصدِّق يوما نواياي ؛
كل ما أعرفه عني إنني البهلوان غير الظاهرللعيان
لاأحتطب صفاتي من بكاء الغابة والتسبيح أثناء الوضوء
ما أكثر الاستقامة في بلد منحن سجدة في قرآن بلا آيات
ما أقل الحب الملتبس
المجد للغموض وبشاعة ستانلي كوبريك يلتقط جغرافيا الثمالة ويعلِّي من شأن البطء .
لا يجب أن يتم الامر بسرعة
يتبعثر الوقت لسوء سمعته
فينصرف إلى ترميم تمثاله ؛
التفاحة العالقة في الهواء تعيد كتابة السيرة الحقيقية لنيوتن ؛
لقد ارتبكت اللحظة
ومن الضروري الامساك بها كالاصغاء لحزن التفاحة وحدس ألوانها ,
كالتداعي في الخشوع وإعادة كتابة سورة يوسف ,
من المهم الان ترويض العبادة ؛
كما لو أن الوقت غير كاف ؛
مازال هناك متسع من الوقت ليتخثر لعاب الحواس وتتصالح الجدران مع عاطفة الشبابيك وتفعل المفاتيح الحب مع صدإ الأقفال .
لن يتم الامر بسرعة ؛
فالجوارب
المُنهكة كحكمة شعبية يتناقلها السفهاء فرًَّت من خلال ثقوبها وحوافِّ
المرآة تشاغب الزوايا المتروكة ضاءت شقوقها عصافير بيضاء تزقزق بين
خصلات شعر امرأة في الخمسين تضيء بدورها جوقة أحزان قديمة .
منسيا؛
وحده دمي يتذكرني
معطوبا ؛
لم أصدق ما قلته لكم عني
أنا عرق الدم في جغرافيا الثمالة
لا شان للجدران بالسجناء والأملُ البغيض قمامة الحماس؛
ثمت عند مفترق البلاد
قبالة المنفى صباح سيء
ثمت باعة للحلم بالتقسيط
وروبفكيا للنشيد الوطني ؛
لن تأتي الحقول مجددا قبل انقاذ العالم من سماسرة النجوم
ليس ثمت اذا من داع للحزن والندم الشهي
لا شان للحمقى بمفترق البلاد
هم تبعثروا منفى لمعنى لاجيء
وتبعثروا منفى لاغنية لم تكملها قروية كانت تدفع الحقول قدامها مجدا للحمقى .
الحب مهبط سرِّي إلى حديقة هَنْدَسَتْها جغرافيا جوراسية بتضاريس شهوة براكين نائمة , تَبينُ من خلالها ربوات متثائبة وأعالي صاخبة ومنخقضات حميمية , تشقُّها جداول رائحتها بينما شهقاتها المكتومة تيجان أزهار برية وهي مضمومة تُشيع في الانحاء ارتجافات كتلك التي تدهم الجسد لحظة يشرع في الموت فلا يموت , يزداد توهجا بعنفوان لهفته .
لم يكن ثمَّت من حاجة للكلام ؛ كان الصمت شرط ازدهار اللحظة , والدفع أكثر بالمكان وكل تفاصيله إلى جهة الذهول , لذلك لم ير شيئا ؛ يزعم أيضا أنها لم تر شيئا
يتلعثم الهواء ,اذ تجرح استقامة قامتها الفراغ ؛ لقامتها سطوة الريح غلى بياض الطقس ؛ بكسل خدِر تشرع نوافذ بلا درفات وتتفقد أصص نباتات زينة عند الشرفة .
حدثته عن عشقها الخرافي و ما ترتشفه من رحيق النشاوي وهي بين ذراعي معشوقها , حدثته عن الآلهة فيها ودمها الفوضوي واحتمالات انتمائها إلى فئة من نسل ليليت رأى ذلك في صمتها الحارق وما تتركه عباراتها من ندبات هي بعمق مهاوي لا قرار لها , حدثته عن خساراتها التي بعدد ما تطفئه من سجائر في منفضة لوعتها وتساءلت من أين يجيئها البؤس وكيف يكتمل رثاثة وعي , حدثته عن مزاجها الخائب أحيانا وما ينال روحها من وجع حار , رأى ذلك في كيفية تصفيفها لشعرها غير المرتب دائما , يخفي شيئا من وجهها , يُخفي شيئا منها , حدثته عن فساتينها وحليها وشغفها بعطر يشبه عطر سوسكيند حدثته عن مرآتها وتلك الغيمة التي ما فتئت ترتسم عليها كلما وقفت أمامها . سوف تعمل الحركة الأولى من السيمفونية 94 لهايدن من اجل إشاعة مثل هذا الجو الهذياني المرشوش بديماء غيبوبة لقاء خارج المسافة .
حدثته عن أسراب لقالق تحط على كتفيها اللاحمتين وتفتح أجنحتها سحائب يوم صيف على قمم بيضاء رأى ثلجا يذوب وماء يغسل قدمي السماء وسحرة يرددون تعاويذهم على إيقاع قرقرقة ضحكاتها ورأى كهنة يبارحون مواضعهم من التيبت إلى قمم أعلى ويشطحون عراة .
كانت تمشي وتجيء ولا تهدأ ؛ وكان المكان حولهما فوضى كخطوتها ا لمستهترة ؛ كرائحتها البرية ؛ كطريقة تدخينها وهي لا تكف عن تدوير السيجارة بين أصابعها ؛ كقامتها تسطو على المكان ؛ حدثته عن مدينة زارتها البارحة وسوف تعود إليها اليوم وغدا بل سوف تضمها إلى ممالكها , مدينة خارج مدار الجاذبية حيث لاشيء مستقر ؛ حيث الجسور أهات والطرقات تعبدها اللهفة والجدران يثقبها التحديق إلى الأبعد والمباني لن تكون هناك مباني ... فقط عربات مجرورة على ظهر سلاحف لن تضل طريقها إلى النهر؛ حدثته عن قلبها , رآها تصعد حيث سقف الغرفة و لا تقع رآها تفتح بذكرياتها شبابيك ,تخلع أخري , تغلق أخرى , تنكسر درفات , يقع الزجاج شظايا وتحلق عصافير دون أن تحط .
الهرب
عادة ما يسيؤون إلى الهرب؛
كما لو أن له قدمين،
ورأسه قمامة لقاذورات الأخلاق،
من عادته ٱن يفسد كل شيء
ولا ينتهي من ذلك بسرعة،
ليحزم أغراضه ويرحل.
الخروج من مقصورة الحلم لارتباك الألم دون انتظار مزية الأمل،
الهرب تلك المكنسة التي تزيح عن العزلة غبار الأصوات المبحوحة وتزيل أورام الأحزان المغشوشة،
ينقذ الجسد مما ٱتلفه الزمن فيه
وينعش الذاكرة بالنسيان،
ويتدفق الادرينالين
يغذي شرايين شوارع مهجورة في
محطات تجمد فيها مسافرون في انتظار الطريق،
لا شأن للهرب بتحصين دفاعات اليأس،
بل هو الخروج من قائمة انتظار الحياة
وتحويل وجهة الطريق في كل مرة.
العمق
الحدائق التي لا تنام ليلا لا تُزعج أحدا
ليس البحر كما تعتقدون أشد عمقا؛
والسماء التي تتعالى ليست بدورها اكثر علوا؛
الأيام لا تتوالى،
تخفق احيانا في اكتمال استدارتها وتلتف حول نفسها؛
سوف يكفي القليل من الطيش
ليكف العمر عن الكذب
وتخلع الأشجار قمصانها نكاية في عدالة الفصول المزعومة.
لم يكن وودستوك مجرد احتفال شهواني،
أو ملصقات إشهار لتعميم فائدة الفوضى
في زمن الانتحار الجماعي؛
كم كان مذهلا ان تحتمل أجنحة الفراشات نشوة الكون!
وتكذِّب التفاحة صلاةَ نيوتن الأخيرة،
والأمر لا يتعلق بعواء غينسبرغ او طريق كيرواك
أو تفاحة كوبريك
فالزهرة لم تعد تحتمل عطرها المحبوس في أرشيف المستقبل
كانت الأشجار تجيد مزج الروك بالبلوز؛
أما الهواء فلقد تخلى عن حياديته
وصار اقل حياء.
كان لا بد ؛
من كسر رقبة الوقت
وابتكار عاطفة أخرى أعمق من البحر وأعلى من السماء
وأكثر صمتا من الحدائق؛
كان لا بد من، موسيقى بلا إيقاع،بكاء بلا دموع،فرح بلا ضحك،رقص بلا طبول، شجن بلا حزن.
ذلك هو العمق.
مجرد أطياف
أين هي الحياة
لِنُفَكِّرْ مَعا؛
أين هي الحياة؟
لعلها مدسوسة في جورب قديم مثقوب،
أو منسية في جيب معطف جديد لم يكن على المقاس،
ربما هي في حوض جلي الأواني رفقة الشحوم، وفتات الخبز
وفي فم الصنبور المسدود بالماء المتجمد،
لعلها في المرحاض المسدود،
من جهتي لم أعد تهمني الحياة عموما،
فمن وراء نافذة غرفتي لا أرى سماء وأرى الشمس عواء ذئب وقع في فخ صياد بائس؛
لنفكر معا؛
كيف نحن؟
ألسنا مجرد أطياف وهم لأسماء ليست لنا؛
أو نحن ما لم تحتمله أخيلتنا،
امض بسؤالك أيها الحوذي
توغل في ليل حدسك
فلم تكن لنا حاجة بالأجوبة.
فنحن حطب نريد أن نعود لامنا الشجرة
نلوي عنق الحياة لتصعد نحو الأعلى
لنفكر معا إذا
أعود إليها
قريبا من الليل؛
تجلس معتدلا بين غرقى مياه تتدفق بالاحتلام
وجرحى حروب التوهم؟
تفتح نافذة لا تطل على شارع مستقيم.
سماء تسرح غيماتها دببه في خيالات عميان جاؤوا على عجل يحسبون الضباب طحين السماء.
أنا لست أعرف من صفة السعداء
سوى ضحكتي الطائشه
تسحب العالم المتقاعس من خصره
لتراقصه
ولتركل مؤخرة الموت من جهة غير معنية بوصايا زرادشت
أو بغلة المتنبي.
أباغت دِيَكة الفجر
بالشمس تطلع زرقاء
أو جوقة لحساسين حمر،
تُدلِّل أخيلةَ العاشقين
فتنقذهم من كراسي المحطات
والأصص العالقه
كشفاه بلا قبلات
تُشقِّقها الشهوات البدينه.
ككل صباح،
أعود من الليل،
ارتجل الضوء بالمشي مندفعا للجلوس
قريبا من الحلم في نظرتها
بين ممرين في سيدي بو حديد.
يمد لنا البحرُ
أرى قامتي حانة يتحصَّن فيها البكاء من الكذب العاطفي..
أراني على شفة حرف يديها
ككل صباح أعود إليها من الليل في مشيتي.
قل لها
قل لها : منذ عرفتك توقفت عن قراءة ادب الرواية في انتظار الانتهاء منكِ
قل لها : لن يبكيَ شتاءُ هذا العام على أحد وسيمضي بغصته التي ستترك على الارض ندوبا بعمق حسرة الاحياء على ما فاتهم من موت محترم.
قل لها : لن يُجدي نفعا أن انساك دون ان افكر فيك.
قل لها : لم اتحدث عنك كثيرا خشية ان أفقد صلتي بك
قل لها : مهما اشتعلت الحرائق في داخلي وارتفعت السنة اللهب من شرايين قلبي لن استنجد برجال الاطفاء.
قل لها : تُغير مذاق عزلتها ؛ لن تحتاج إلى الكثير من البهارات؛ سوف تملحها بأغنية على ايقاع الريح.
قل لها : لئن طال عمر المسافة بيننا فهي توقد بقاءها من جمرة لوعة الفقد.
قل لها : تؤلفين كونشرتو الصمت بأقل درامية ممكنة تحرر الشجن من مهامه المعتادة.
قل لها : لا أريد ان يفوتني منك ما فات وما لن يأتي.
قل لها : ستأتين أكون وقتها قد حفرت لي في ظلكِ قبرا
قل لها : لاتستعجل الاقامة عنذ ظل الشجر ة تأملها قبل جيدا انهاتفكر فيك.
قل لها : شركاء في الحزن لنتبادل الاوجاع نكاية في فرح لم يعترف بنا.
قل لها: مازلت مبتدئا في حبكِ إلى الابد.
قل لها : ليتني كنت واحدا منكِ.
قل لها : قليل في حضرتك كثير بك في غيابكِ.
قل لها : أتفقدك في داخلي كي لا انساني.
قد يعجبك ايضا
تعليقات
إرسال تعليق