القائمة الرئيسية

الصفحات

أحدث الموضوعات [LastPost]

ضباب.. ومقاساة / هاجر أبو شعيشع

 

ضبابٌ.. ومُقاسَاة

 هاجر أبو شعيشع

 
ضبابٌ.. ومُقاسَاة - هاجر أبو شعيشع - بيت النص

 
كلّ شيءٍ ناقِص.. مقطوعٌ ولم تعُدْ له وِجهة ينتهي فيها كذلك، ربما الدموعُ فقط، في عذابِها اللا نهائي، تلمعُ مثل أفئدةِ الصّغار، الورديّة كلسانِ قطٍّ آسٍ.
كلّ شيءٍ يُخدّرُني وعلى نحوٍ ناقِصٍ، كعاشقٍ مُدَلَّه.
لطالما أحببتُ الألوان -الداكن منها أكثر- والظِلّال الكثيرة في اللّوحة، والتقسيم المُوّزع للكُتل، لكن لم أستطِعْ أن أتَوَجَّهَ على هذا النّحو، لم أستطِعْ إبادةَ نفسي هكذا، لذلك اخترتُ أن أكتبَ كثيرًا.. وكلّ شيءٍ ناقِص، ما يتمّ في الشعر هو فقط ما لا أستطيعُ مقاومَته، إنّها فقط اليَد التي تُحاول أن تقبضَ على الرِّمالِ ولا تلقى غير المزيد من العطشِ والحرارةِ القاسية فيه.. لذلك اخترتُ أن أتحدَثَ ملء إشاراتي، مثل نهرٍ يَصبّ في بَحْري، وفي كلّ حادثةٍ وشاردةٍ أتأكدُ أنّ المَسألةَ تَحتملُ بُعدًا آخر، وفي كلّ بُعدٍ هناك المُشاحنة والمُوافقة والتّضاد، وهذا فعل آخر مضنٍ ومُهلِك.
أشعرُ طوالَ الوقتِ أنّ ما أفعله هُنا هو مُجرد تخديرٍ لواقعٍ لا أعي فيه الكِفاية..
الكفايةُ نقيضُ الاحْتِياج.. وأنا الحالِمَةُ الشارِدَةُ بالموانئ والقيَم الرعويّة، تنْهشني الشُّموس، ودُموعي في هذا الزّمن الغابِر ملأتِ الأرض أشجارًا، قلبي يحترِق، تمرّ النسمات كلسعةِ نحلة، تنهضُ الأقمار من مرابِعها، تستمرّ الذِكريات، كطيِّ ورقة، مثل سَكْرة وهم، أحملُ غُربَتي بيَديّ، مثل مِعطفٍ، تُجمّدني فيه سطوةُ اليَقظة، يُخدّرُني عطف أيادٍ لا أعرفها.. لستُ قيمةً ما، ولا شيء كذلك يُوضع له النّقيض الذي يكفيه، أنا مجردُ نجمٍ مُحترقٍ واهِن، مُضيء.. ربما، وقاتِم، ربما، وحيّ ربما، إنّه -فقط- مُضطرب، كَلِيل..
لا أستطيعُ التحكّم في أيِّ شيء.. الهواءُ مُبدّد ومعزول -هكذا يبدو الأمر- لكن الأمر حقًا؛ هو أنني أستطيعُ أن أظلَّ مستيقظة لأرى الضيّق من كلّ شيء حولي. أنا تائهة للغاية. وألعبُ بالنّار مثل كُرة.. لا أسددُ رميةً ناجحة، وكلّها -بالتوالي- تُحرق أصابعي. صمتي هكذا.. يُحمِّلني أكثر مما أستطيعُ إحراقه، فأصيرُ مثل المطرِ، أمحو نفسي، قطرةً قطرة، حتى لا يَتبقى سوى قطرةٍ واحدة، تائهةٍ، فوق ورقةٍ خضراء، تنتظرُ الشّمس، فينفد صبري، وأبدأُ في التّلاشي، أجلسُ على رُكبتيَّ شاردةً يلّفني فِراء الصّمت المُوحش، وأحسبُ الأيام.
 

تعليقات