يا الله، ارحم غربتنا الطويلة...
يوسف القدرة
بسم الله الرحمن الرحيم، حيث تبدأ الحكاية وينبثق النور من أول كلمةٍ تُقال. نختبئ خلف الاسم، نتفيأ بظل رحمته الواسعة التي تسكن الكون وتغمرنا، كلّنا، دون استثناء، فنحن جميعًا ضيوف على مائدته.
الحمد لله رب العالمين، تخرج الكلمات من قلوبٍ تعبت من كثرة الطرقات المغلقة، تحمده لأنه ربان السفينة التي تبحر بنا في بحار الحياة العاتية، تعرف أن لا أحد غيره يملك مفاتيح السلام وسط العواصف. إنه سيد العالمين، كل ما نبصره وما لا نعرفه، هو ربه وسيده، الحارس الأمين.
مالك يوم الدين، حيث تسكت الألسنة وتتكلم الأعمال، حيث يأتي الموعد، وحيث يقف الجميع على عتبات الحقيقة. الله هو المالك الأوحد ليومٍ لا يشبه أي يوم، يوم الحساب، حيث يتجلى الحق الذي طالما اشتقنا لرؤيته واضحًا، دون ظلال.
إياك نعبد وإياك نستعين، هي شهادة، هي وعد واعتراف في آن. نُعلنها بلا خوف: أنت وحدك من نعبد، وأنت وحدك من نستعين به في تلك اللحظات التي نتراجع فيها إلى داخلنا، نبحث عن القوة التي تعيد ترتيب فوضى الحياة. نصرخ بها، نطلب العون حينما تشتد الملمات ونشعر أننا على وشك السقوط.
اهدنا الصراط المستقيم، آه يا الله، دلّنا على طريقٍ لا ينحني أمام أهواء الرياح. نطلب الهداية في كل خطوة، نخشى التيه في دروب الخطيئة أو الوهم. نبحث عن الصراط، عن الجسر الرفيع بين الأرض والسماء، الذي يقودنا نحو الأمان، نحو غدٍ أفضل.
صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين، لا نريد أن نكون في قائمة الغضب، لا نريد أن نكون كمن ضاعوا في دوائر التيه. نطلب منك، يا الله، أن تدلّنا على طريق من أحببتهم، من وهبتهم النور في ظلام العالم، لا نريد أن نكون أيتامًا في عالم المعاني، نبحث عن هويتنا بين حطام الأحلام.
يا الله، ارحم غربتنا الطويلة...
تعليقات
إرسال تعليق