القائمة الرئيسية

الصفحات

قمرٌ في حنجرتكَ يضيءُ كلَّ هذا الليل / وفاء المصري


قمرٌ في حنجرتكَ يضيءُ كلَّ هذا الليل

وفاء المصري


قمرٌ في حنجرتكَ - وفاء المصري - بيت النص



هل صادفَتْكَ امرأةٌ من قبل
تدمنُ صوتكَ إلى هذه الدرجة ؟
هل عرفْتَ امرأةً قبلَ ذلك
كلمةٌ منك تكفي لتَوَقُّف قلبِها
وحين تصمتَ لحظةً وأنت تحدِّثُها
تشعرُ أنها تقفُ على حافةِ الهاوية ؟
امرأةً تدمِنُ صوتَك بجنونٍ لا تضمنُ مغبَّةَ عواقبِه
إذا ما اجتاحها فجأة
وأشعلَ في أرجاءِ جسدِها حرائقَ ممتدةً من الحنين ؟

 
لا يمْكِنني أن أفسرَ تلك الدوْخَةَ الثَّملةَ التي تنتابُني
كلما سمعتُ صوتٓك وأنت تحدِّثُني آتيًا من شوارعِ ذاكرتي
أنا على يقينٍ بأنني سمعتُه في حياةٍ سابقة
قبل أن نلتقي على الأرض


ماذا لو علمَتْ كلُّ محطَّاتِ رصْدِ الزلازل
أن شفتَيْكَ هما أخطرُ بؤرةٍ زلزاليةٍ في العالم
وأن صوتٓك
ذلك الذي يُحدِثُ زلزالًا هائلًا تحتَ جِلْدي حين تهمسُ : "أحبُّكِ"
هو أخطرُ أنواعِ الزلازلِ على الإطلاق
حين يعيُد تشكيلَ خريطةِ الأرضِ كلِّها من جديد

 
سأكونُ صريحةً معك
أكثر من مرَّةٍ حاولْتُ أن أكتبَ صوتَك في قصيدة
وفشلْتُ كما لو أن اللغةَ لم تولد بعد
بصراحةٍ أكثر:
أفكِّرُ جديا في وضْع خطةٍ محكمةٍ لسرقَتِه
وتخبئته للأبد في محارةِ لؤلؤٍ فارغةٍ ورثْتُها عن أمي

 
يا لهَوْل ما تقولُ حين تصمت !
أريدُ أن أشربَ صمتٓك كلَّه قطرةً قطرة
حتى يغرقَ ضجيجُ العالمِ في بحرِ سكونِك.
أترى ؟
أنا حقا متيمةٌ بصوتِك إلى هذه الدرجة
ولو كنتَ هُنا الآن
لسحَبْته كلَّه من دمِكَ إلى شراييني سَحبةً واحدة
عندما ستتلامسُ شفَتانا لأوَّل مرَّة
ومثلما يأكلُ فرخُ الحمامِ الذُّرةَ من بين شفَتَيْ أُمِّي
سأبتلعُ كلَّ كلماتِك في فمي كلمةً كلمة
لن أترك حرفًا واحدا
دون أن أرتشفَ ضوءَه وأنا أُقَبِّلك طويلا
طويلا .. جدا
ربما أسمحُ لك بدقيقةٍ واحدةٍ فقط كي تتنفس

 
أحيانا أفكرُ في ابتلاعِ رسائلكَ الصوتيةِ من على موبايلي دفعةً واحدة
لأذوبَ في نبراته لوقتٍ أطوَل قليلا
"عاجل : امرأةٌ تبتلعُ صوتَ حبيبِها بجرعاتٍ مكثفة
وتسقطُ مغميًّاعليها في غضون ثوان "
أخمِّنُ أن خبرَ نهايتي سيكونُ هكذا !
أعرفُ أن ذلك يبدو غريبا
أنت لا تعرف :
أنا يا حبيبي
لو أنني قررتُ عمَلَ وَشْم
لرسمْتُ صوتَك على جِسمي كلِّه

 
لو قررتُ أن أدخلَ أكبرَ مسابقةِ تصويرٍ في العالم
لاكتسحتُ المركزَ الأول
بصورةٍ فوتوغرافيةٍ لعصافير صوتِك
وهي تنعسُ في أعشاشها على أشجارِ دمي

 
لو فكرتُ أن أتقدمَ لجائزةِ الأوسكار هذا العام
لأفضل فيلمٍ حيٍّ قصير
لصنعتُ فيلما
عن ذوَباني كجبلٍ من جليد
وأنا أرى اسمَك يضيءُ شاشةَ هاتفي

 
لو كنتُ أحدَ أيامِ الأسبوع
لاخترتُ أن أكونَ اليومَ الذي سمعتُ فيه صوتَك لأول مرة
ولم أعُد بعدَه المرأةَ التي كنْتُها

 
لا أدري كيف لصوْتٍ
أن يكونَ وطنًا
لكنني واثقة
أن كلَّ هذه الحروبِ الدائرةِ الآن
وَهـْمٌ سوف ينهار
لو سمعَ العالمُ صوتَك

قد يعجبك ايضا

تعليقات