نصوص / البحري المصطفى

نصوص 

البحري المصطفى

 

نصوص - البحري المصطفى - بيت النص

 

                         1

على سريري

وأنا أستعد للنوم

تيبست أطرافي

تماما

تحسست صدري

كان قفصي الصدري بارزا جدا

ترجلت

وقع عظام أقدامي  على الأرض

مزعج جدا 

أيقظ كل سكان العمارة

تأكدت نبوءة أمي

كانت تقول لي :

( كل جيدا أيها الهيكل العظمي )

أكلت كل شيء :

الطريقَ إلى المدرسة 

فطائر الشحم اللذيذة

كتب الفلسفة

دواوين الشعر

 مصروف العائلة

أكلت كل شيء

ومازال صوت  عظامي يزعج

 ان العمارة .

  

                        2

هذا الصباح دخلت مبنى البلدية  . ألبس ملابس صيادي أعالي البحار . خلفي أجر سمكة تونة كبيرة  . كانت التونة سعيدة جدا : وجدت اسمها مثبتا في سجلات الحالة المدنية .

في ورشة بنائين . كان العمل مضنيا . مررت من هناك . لم يكونوا في حاجة إلى الشعر . رفعت إليهم قبعتي وانصرفت .

في المساء لجأ بعضهم إلى قصيدتي الأخيرة . كانوا يبحثون عن زملاء لهم فقدوا بعد الدوام مباشرة .

قابلت شارلز بوكوفسكي في مقهى الميراسول. مازال على موقفه من  البشر . حذرني من الاختلاط بهم . كان سعيدا جدا وأنا أقدم له أصدقائي الجدد : نسانيس بطرابيش ملونة وفيلة بيضاء .

 الدم يسيل في كل مكان . ليست هناك طائرات قتالية ، ولا مايدل على الحرب . سألت جوليا صديقتي . قالت : هناك خلل ما في الجهاز العصبي للعالم .

 

                         3

كان جدي لأبي

يكدس قصائدي 

بحقول البطاطا

وأشجار الموز

كان ينصحني بأن

أملأ جيوبي

بالفوشار 

قبل الذهاب

إلى المدرسة

كنت أخاتله 

وأملؤها

برسائل معطرة

لصديقتي سوزان المدللة

 

                        4

 فتحت صنبور المطبخ هذا المساء فانهمر منه جراد كثيف .

على باب البيت أسمع طرْقا عنيفا. أهل قريتي نزحوا جميعا الى شقتي .

لجأتُ إلى حديقة عمومية .

منذ أمس وأنا أبحث عن طعام . كل مطاعم المدينة مغلقة . دعتني سيدة إلى طبق سمك شهي . اعتذرت : الأسماك آلهة أجدادي الأولين .

في طريقي الى بيتي وجدت أهل قريتي يحملون بيتي على رؤوسهم وهم عائدون إلى القرية.

 

                        5

أقول لك شيئا

اقتربي أكثر

تأكدي أن لا أحد يسمعنا

( عليك أن تقيسي درجة نبضك

الأزهار تموت بسرعة . )

 

                        6

في مطبخ أمي تعودت  على طبخ أحلام  أسرتي النيئةَ .

لإنضاجها  كنت أحتاج إلى مهارات خاصة 

 كانت بعض الأحلام عصية على

 الطبخ .

أذكر أني أنضجت حلم أخي الأكبر

فصار صيادا ماهرا 

رجع من أمسية صيد بقمر صغير

 يجره خلفه بحبل .

وأذكر أني أنضجت أيضا حلم أمي

صارت شجرة

شجرة كستناء بعيون شديدة

 اللمعان

كان حلم أبي جميلا وناعما .

لم يصدق عينيه حين رفرف

 برشاقةِ فراشةٍ إلى أعلى الشجرة

 شجرة الكستناء .

لكن حلمي أنا كان الأصعب . لم

 أستطع إنضاجه

حتى الآن.

وكانت أسئلة أختي الصغيرة

تحاصرني في كل مرة :

( ألم تصِرْ بعد مصباحا سحريا

 يضيء عتمة العالم ؟ )

  

                       7       

لا أحب أن أقف طويلا

أمام التوابيت

أمس زرت قبر صديقي

وضعت قليلا من الورد الأبيض

جهة الرأس

ورششت قليلاً

من ذكرياتنا

جهة القلب

ثم انصرفت

عند بوابة المقبرة

كان صديقي ينتظرني

ودعني ثم عاد الى قبره .



تعليقات