أتدثر بشهوة الموت / هند زيتوني

أتدثر بشهوة الموت

مختارات قصيرة للشاعرة هند زيتوني


أتدثر بشهوة الموت - هند زيتوني - بيت النص


أتنكَّر برداء شجرة الأزهارُ لا تصلحُ إلا لحياةٍ مؤقَّتة هذا الموتُ قد يضيقُ على الأجساد يقتاتُ على نبضِ اللَّحظة يومٌ هاربٌ من وجع الانتظار لا مكانَ يكفي لغابةٍ من ألم! ثمّةِ عطرٌ يبحثُ عن حبيبٍ ينثالُ على الترابِ كنهرٍ مريض. يؤلمُني الماءُ الذي انطفأَ فجأةً النَّارُ التي اشتعلتْ في القلب ما زالت تطعمُني رمادَها لا رمالَ تصلحُ لما اقتلعتهُ الرِّياحُ من حنين الزمنُ يطحنُ الأعمارَ برفَّةِ عين يكدِّسُ الأيَّامَ في قلعةٍ صدئةٍ ويرمي مفاتيحَها في بئر الجحيم.


نجمةٌ بيضاء أرتقي سلَّمَ الشِّعرِ كلَّ ليلة أُبدِّلُ أمكنةَ الكواكبِ في السماء أطفئُ مجرَّةً.. وأُشعلُ أخرى تتسرَّبُ نجمةٌ إلى دمي تضيءُ عتمتي تفتحُ ممرَّاً آمناً لتصعدَ الصلواتُ إلى الملكوت الأعلى ثمَّةَ صدى يشقُّ ستارةَ الوجود يرمقني من بعيد بإصبعه المضيءِ.. يثقبُ غيمةً فيهطلُ المطر.


تفاحةُ الحياة أخلعُ جلدي وأتدثَّرُ بشهوةِ الموت اللَّيلُ صيَّادٌ أعمى بلا شبكة اللَّحظاتُ نصالٌ تعربدُ بلا ضمير. ثمَّةَ من يسرقُ الأرواح ويضعُها في سلَّةٍ مثقوبة أخشى أن تسقطَ تفَّاحةُ الحياة! وأنا لم أجرؤ على الموتِ بعد. طاولةُ اللَّيلِ طبقٌ من الأسى وكأسان فارغان من الفرح كرسيٌّ مصنوعٌ من عظامِ شجرة أعطيناه غريباً للذكرى فأحرقَ أوراقَ أيَّامِه وانطفأ!.


حديث الياسمين أحدِّقُ في المدى البعيد ثمّةَ شيءٌ يحلِّقُ بلا أجنحة ولا يسقط!! دمشق! يا آخرَ نصلٍ غُرزَ في دمي وأولَ وجعِ القيامةِ من حطّمَ أضلاعَك حتى الرَّمقِ الأخيرِ؟ من سرقَ الألواحَ.. والتاريخَ؟ ألمحُ حقائبَ تقودُ ظلالاً متعبةً إلى المجهول. أقفُ وراءَ رغبةٍ جامحة في البقاء سأرتدي ثوبَ قصيدتي وأقدحُ شرارةَ الكلام لمن سأمنحُ حديثَ الياسمين وقد حلَّتْ لعنةُ الحرب.. والغياب؟ كيف أجمعُ دمعي وقد حطَّموا زجاجةَ الحزن الكبيرة؟ قد يشرئبُّ الأمواتُ من رمادهم!. آه يا وطني النائمَ على جرح التراب! الخوفُ الذي منحَ نصفَهُ لليل.. ونصفَه للصَّدى كان يجرجُر جثّةَ الوقت يا مدينةَ المعجزات! انتفضي مثل المسيح هزّي نخلةَ الرجاء قد يصهلُ الأمل على حصان إيثاكا قالوا لنا: المسافةُ بين الحياة والموت شعرةٌ قد تنقطَّعُ.. فنسقطُ في تابوت الزمن من يبدّد الغبش.. والفناء ويحمي حديث الياسمين؟.

تعليقات