خيوط الضوء
بيسان عدوان
أعرف تمامًا أنني أسير على حافة الجرح،
وأن البلاد التي أحببتها تتنفس تحت الركام،
تحفظ أسماء الشهداء في تجاعيد حجارتها،
وترقع سماءها بثقوب الرصاص،
كي لا يضيع الضوء في العتمة.
تماديت في حبكِ،
تماديت في قراءة ملامحكِ في وجوه العائدين،
في تتبعِ ملامحِكِ في الشقوقِ العتيقة،
في الندوبِ التي حفرتها القذائفُ على الجدران،
في صوتِ الأذانِ المختلطِ بصدى الرصاص،
حتى خُيّل إليّ أن الخرائطَ التي مزّقوها
ما زالت تحفظُ ملامحَكِ عن ظهرِ قلب.
تماديت في الحلم بك
تماديتُ في تتبع آثار أنفاسك بين الكلام
تماديت في نحيب الريح بين الأغصان اليابسة،
في الماء المسكوب على الأرصفة بعد الغارات،
حتى خُيّل إليّ أن الغيم الذي يعبر سماءكِ
يحمل في طياته وجوه الغائبين،
وأن المطر الذي يغسل أزقتكِ
هو رسائلنا إليك
"لم نغب، نحن هنا، في جذوركِ العميقة".
كلّما كتبتُ: "أنا.. أنتِ"،
رأيتُ النقطتينِ فوهتي بندقيّةٍ
تتربصُ بالغزاة،
أو جرحينِ صغيرينِ في كفِّ طفلٍ
حملَ حجراً ولم يُفلتْه.
كلما كتبت: "أنتِ...أنا،
رأيت النقطتين خيطين من دمٍ
يخطّان أسماء القرى المنهوبة،
رأيتُهما بابيّ منزلٍ قديم
لم يغلقه صاحبه،
وترك المفتاح تحت العتبة
لأن العودة أقرب من النسيان.
فى ذكرى السنة الخامسة للرحيل