عابرٌ سراب الكلمات
مختارات من ديوان " جسد هو البحر رداء هي القصيدة "
موسى حوامدة
لا شيءَ جديرٌ بالاهتمام
إنْ جئتَ تبحثُ عن الكلمات
فها هي طازجةٌ لدي
أو كنتَ تبحثُ عن الشعر
فتأملْ هذه الأوراق
أو جئتَ تسمعُ الموسيقى
فإنها تموجُ هناك في روحكَ
وإن جئتَ تبحثُ عن سببٍ للكراهية
فتِّشْ عليه
في صدرك.
سأوفرُ عليكَ العناءَ والتعب
هنا خرابٌ في القصيدة
هشاشةٌ في الكلمات
ارتباكٌ في المعاني
غموضٌ في الصور،
وبما أنك قادمٌ للبحثِ عن خَللٍ
لا توقظ دماغَك الشرير،
...
لا شيءَ عندي جديرٌ بالاهتمام.
***
سينام الطبّالُ والراقصون
وينام عازفُ المزمار
ويهدأ الفيضان
وحدَه حفارُ القبور
يحلمُ بقصورٍ فسيحة
لزائرينَ جددٍ.
***
أراكَ في الكلماتِ
أراك في المحوِ
وأضحكُ
من رحيل الربيع.
***
شجرٌ تعلوهُ الحكمة
سماءٌ تعكرُ صفوَها النجوم
قابليةُ المطر
تعبرُ رؤوس الأفكار.
***
مستودعٌ فارغٌ
وصناديقُ الكلام
ملآى باليقين.
***
العيونُ الخائفة
لم تخنْ معناها
تركت رموشَها على الذكريات
وارتحلتْ بعيدًا.
***
أفكرُ في الرماد
وقبلَه في الحريق
وأستريحُ لو هطلتْ عليه الأحقاد
ومحا أثارَه البركان.
***
غربةٌ في غربة
المعنى دار
والمنفى وطن.
***
لا تستريحُ السماء
لا تستريحُ الأشجار
لا تستريحُ الطيور
وأعشاشُها أقفاص.
***
قمرٌ يسكب دموعًا
شمسٌ تجفِّفُ الجداول
مساءٌ بلا رفيق.
***
لستُ صيادًا
الغزالةُ
في
بيتي.
عمان/5/5/2013
سأكتبُ.. وأرمي في البحر
سأكتبُ وأرمي في البحر؛
سأكتب عن الموتى الذين يَحيُون من جديد؛
عن الأموات الذين يولدون معي كلَّ ليلة؛
عن أمي التي لم ترضعْني جفوةَ البشر؛
وعن أبي الذي لم يعرفْ
كيف يغري الحليب بالنشوة،
والمندلينا بالضحك.
سأكتبُ عن مُشعلي الثورات؛
عن كحل الصبايا،
في عيون الشفق.
سأكتب وأرمي في البحر؛
سأكتب عن آدم وحواء
آدم والندم
علاقة دمويةٌ يُخفيها الحرف الأول،
وحواءُ بَرَكة الخليقة
تحضنُ الرملَ بساعديها
وتُرضعُ شفاه المغيب.
آه يا أمَّنا العظيمة،
لماذا أنجبتِ كلَّ هؤلاء الطغاة؟
من أين جئتِ بهم،
وفي أي كهفٍ معتمٍ حَبلتِ بهم؟
سأكتب عن الخيانة
تلك التي تباعُ في السوق،
وتفسَّرُ في فنجان قهوة.
سأكتبُ وأرمي في البحر.
من علَّمكَ الصمتَ، أيها القردُ الهَمجي
من أعطاكَ زلَّةَ اللِّسان
ومن مَنحكَ قفا الطاعة
ولذَّةَ العصيان؟
من علَّم المدينة المقاومة
ومن منحها الزعفران
من حطَّ في باب التاريخ كفَنَ المعلمِ الأول،
ومن نهى الريحَ عن مصادقة السفوح؟
سأكتب عن القبور
تلك التي صار لها أبوابٌ ونوافذ؛
صارت لها عتباتٌ وأنوار،
وأتناسى حقي في انبلاجِ الفجر.
سأهذي
وأهذي بما لا تعلمُ الفصول؛
سأرمي كانونَ في الربيع
وأخيط كُمَّ تشرين بإبرة الصيف؛
سأحكمُ على حزيران بالبرد،
وأغري الخريفَ بشهر أيار؛
سأحمل الشتاءَ في حقيبة تموز،
وأغيِّر مسارَ الكلمات.
ما الذي عكَّر صفوَ المطر
ما الذي عكَّر طعمَ الثناء على الموت
ومن الذي أهدرَ دمَ الغصون،
وباحَ للغريبِ بسرِّ النار؟
سأكتب عن البحر بمِداد البحر،
وأحملُ الريحَ بقميص الريح؛
أدلقُ الغيومَ في كفِّ السماء،
وأجلسُ تحت ظلِّ الغيمة
أنتظرُ زلّةَ لسانِ السَّواد.
سأكتبُ وأكتبُ،
ولن أقيلَ نفسي من وظيفة الغضب.
يَتُها الدُمي المتحركة،
أفيقي من سُباتكِ الأبدي؛
أفيقي من خَدَر اللهوِ والتطريب؛
أفيقي من غفلة الزمان،
وألغاز الغريب؛
أفيقي، يتها السماء، من غيبوبة الحرمان؛
من نقص المناعة، ومن زيادة الخمول.
خيمةٌ واحدةٌ.. وتطير؛
حمامٌ كثير ويموت؛
أبوابٌ سبعة للرزق
يغلقها الشيطان،
ويفتحها الشيطان.
وما لي لبداية البداية، من سبيل، سوى الخوف..
الخوفُ، على الذئاب،
من الذئاب.
وما تلكَ بيمينكَ يا ربي
تلك قبةُ الغَباء أضعُها فوقَ نقوشِ الحَسْرة
أخبئُ تحتها عفاريتَ الصباح
وأملأها بتراتيل السَّحَرة.
سحرٌ وأدعية ٌ وجنازاتْ
فقرٌ وبلاءٌ يجرُّ بلاء،
أنبياء ترعرعوا بيننا
وما حملنا منهم سوى العصيّ والبنادق
وربُّ البيت مصلوبٌ
لا يقاتل أحداً ولا يعانق.
إيه يا ربَّ الأرباب
حكمتُك العتيقة لم تعدْ تصلحُ للطيور
ولا للغربان.
سأكتب عن الخوفِ في صدور الحشرات؛
عن الجُبنِ في قلب الحجارة؛
أمدُّ يدي إلى يَدِ الخراب،
وأمسكُ نجوماً لا تطيعُ العتمة.
من أينَ تبدأُ الحرية، يا ربُّ،
ومن أينَ تعرفُ الشعوبُ راية الريح
المَسي جسدي، يا نسائمَ الحرية،
لم يعدْ يغريني الورد،
فاصنعي لصحرائي صبرًا وارفَ القسوة.
يا لخيبة المُدنِ المُستلًّبة،
حين تعفيها العواصفُ من رداءة الغبار!
امسحي وجهَكَ، بالسواد، يا مِحنَ القبيلة،
كم يحنُّ لكِ الهجاء.
سأكتب وأرمي في البحر
ويا قرَّاءَ الحظّ والفناجين
أشيحوا وجوهكم عمّا أهذي،
فليس من حقكم أن تسمعوا ما يثيره الله فيَّ
من هذيان الخليقة،
ولا أن تفكروا فيما يمكن، ولا يجوز،
في زمان العنكبوت.
كلُّ شيءٍ مفضوحٌ،
كل شيءٍ مرئيّ،
ولا شيءَ مفهوم
إلا ما يريدُه البلبلُ الأصفر،
وما يحتاجه الطفلُ للتأتأة،
وما يريده الخفاشُ في كشف صفحة الكسوف..
يا لخسوف الشمس، تحت جنح الظلام،
تنسلُّ خجلاً من وظيفة الحرية،
وتعطي خيوطَها لتاجرٍ قادمٍ من كلية الحرب!
يا لنساء الجزيرة،
ابعثن زرقاءَ اليمامة مجدداً؛
فما حيلةُ الغراب
سوى النواح على حائط الأمل،
وما للأمل
إلا العزاء.
22/8/2011
عدمٌ يملأُ اليَقين
لو لم تكوني الشُرفةَ
والشعاعَ القادمَ من عينِ الشمس
لو لم تكوني النهارَ
والسحابَ الهاطلَ والغواية
لو لم تكوني الزمانَ المنسابَ في حبّات المطر
لكنتُ التابوتَ الخشبيَّ
والبلادَ المنسية.
***
عدمٌ يملأ الرئتين
وكلامٌ فارغٌ عن الحياة
وما بين النورِ والعَتمة
تموت خلايا العمرِ باكيةً.
***
كأس وحيد
يشفع للغُيّاب
وبيتٌ محمومٌ يصفعني بالموت.
سأموت
لو لم التقطْ حباتِ الفجر
من بينِ يديكِ.
***
سأموتُ قهرًا
وأموتُ في بلاد الناس
وما كانَ همّي ألا أموت
لكن حزني بلاد
وحياتي قصيدةٌ تتلاطمها الأمواج.
***
الليلةَ ... وكما كلّ ليلة
يتمزقُ قلبي بين ال/طريقين
وأفتح نافذة للندم
في كلِّ طريقٍ أسلكه.
مالي إذن أدفعُ حظي بيدي
وأركلُ كأس سعادتي
بقدمي؟
***
سأموت
إن لم تختطفني إحدى الإلهات
وترفع عن صدري كآبة الوجود.
وأموت ..
لو ظلَّ العالمُ سائراً إلى حتفه الأكيد.
اللعنة
لم يعد للسماء لونُها المعتاد
لم يعد ظلُّ الحنين يحجبُ اللهيب
وأنا موزعٌ بين السماء
وبيتي الضرير.
ما لي أنا لأكون المنشقَّ عن ذاته
والملعونَ في حياته
ومن أنا لتطاردني وحوشُ الظلام
وتقتلني أفكار السوء؟
كنتُ
أويتُ
إلى ذات الرواية...
...
أيتها الشمسُ ألا تساعدي الأعمى؟
ما نفعكِ أنتِ يا نسائم الصباح
إن لم تحمليني إلى براءة الكروم
وما نفعكِ أنت يا غيومَ الحيرة
إن لم تُمسكي بيديَّ التائهتين؟
أتحرِّرًني الكلمات
أتمنحني المتاهةُ درباً ثالثاً لليقين
أم تزيدُني غموضاً
تلك الحُجُبُ الملتفةُ حول ضمير القدر.
سأتوارى قليلاً عن عناء الجبال
سأهبطُ رويداً إلى حضن العشبِ الطري
لستُ طموحاً لأحطمَ السلاسل
وأكسر القيود
طموحي أقلُّ مما يودُّ الفرسان
وترغب الجيوش
طموحي سلامٌ
سلامٌ سلام
سلام يظلِّل الوقت
يغطي التفاصيل
حتى تصير الحياة
في سلاسة النعاس.
عمان30/3/2012
لم أعدْ أحبكِ
لم أعدْ أحبكِ...
....
تغيَّر القمرُ كثيراً
بدَّل شكلَه مراراً
تَرَكَ ندوبَه فوق صفحة السماء
وحزنَه على وجه الليل.
كلُّ شيءٍ لم يتبدلْ/...تبدَّل
لم يتغيرْ/ ...تغير
كلُّ شيءٍ
آوى إلى رَحمه الأول
إلى كونه المتلاشي
وحدَه البحرُ
ظلَّ يزمجرُ
طامعاً في بيته الجديد.
لم أكنْ أنا البحر
لم يكنّي البحر
لم أطمعْ بشيء
ولم أتركْ مياهي أسفلَ الوديان.
لم أعد أحبكِ
لماذا لا يعودُ القمر إلى بيته
والفارسُ إلى موته
والحبيبةُ إلى قبرها الأول.
لم أعد أحبك
ودعتُ رملَ الصيف في أول تموز
خارت قوى أيلول على عتبات الخريف
تطلع الغريبُ إلى غربته
النايُ إلى صوته المتطاير
أدركْ يا نايُ لحنَك المتناثر بين خلجات الهواء
أدرك يا نسرُ جريحَك المثنويَّ
تعلق بحبال الكمان
يريدك الموت واقفاً تحمي يديهِ من الخسة
وأنا لا أريدك ميْتًا ولا مكلومًا
تمتعْ بنهار أقلّ من ساعاته
مَسِّدْ قلبَ الصخر
إن نزفتْ سنواتُ عمركَ فوق شفاه الحسرة.
لم أعدْ أحبك
لم يعد بيتي يشبهك
ولا الحريرُ المتلعثمً قربَ سريرِك يغري بالنوم
حبيبات العطر تندلق في قارورتِها
لا تشتهي نفحَها
لا تتشهى الرذاذَ
مصلوبة في يقين الزجاجة
تحتسي همس النافذة السقيم
تطير فراشاتُ العمر حولَ أشجار اللوم
اللعنةُ تحصد المشاعر
المشاعرُ مغولٌ يتدافعون نحو القرى
مغولٌ يسدّون النهار
مغولٌ يفسدون القصيدة
يشبهون الأمس الثقيل
والأمسُ بطيئاً يجرُّ رجليه جانبَ الوداع.
أمامَ تقليبِ الأعوامِ في عين الصقر
في ساعة استرخاء
ملأتْ حواشي المثانةِ بالهطول
والملاءَة بالبلل.
لا أحبكِ
ليس للبلورِ ذنبٌ في اسوِداد قلب الثلج
وليس للوردِ حصةٌ في جريمةِ السلف
محصورةٌ عندَ يَباسِ الحُقول
البيتُ جاثمٌ عندَ هيكل الخراب
واليرقاتُ تشعُّ نورًا في عَتمة السكون.
لم يعد يغريني الثغاءُ المعسول
ترهلُ الجسد الواني
بوحُ الأمهات لصمتهن
صراحةُ الماء لميقات الحنين.
طيورٌ سوداءُ تحلِّق في وهج السطوع
سطحٌ بسيط يفرشُ ماضيه فوق دار القيامة
حكمةُ المَلل
ترجيءُ قطعَ حبل المشيمة
متيمٌ بثناء الغراب
يُرجع الليل لمحبرة الغجر
زواجٌ عقيم
يفرغ قصائدَ الحبِّ من كبرياء الجنون.
أميط اللثامَ
عن مُحاقٍ هجين.
أ
ح
ب
كِ
لم أعد أحبك
ألفٌ تمطُّ رأسها بلا خطٍّ لولبيَ
حاءٌ حائرةٌ تحتاجُ إلى حكمة الحرف
باءٌ بائسة تفرد ظهرَها جَسداً لعبور اليائسين
وكافٌ لا تدلُّ عى سراجِ التَّرددّ في كلام الليل
خوفٌ في مغارة الكلمات
طلاءٌ فوقَ لسان المنفيِّ والمنفى.
أحبكِ
لا ...
لن يحدثَ شيءٌ للكونِ
إذ يخلي الغرابُ سوادَ الحليب
لن يذوي الشكُّ
خشيةَ الخسارة
من دموع الكلمات.
لم أعد أحبك
لم أعد أسابق الغزالة في مطاردة الشرود
ولا النمرَ في اصطياد حتفه
ودعتُ بداياتي
وغبتُ عني.
أحبك
.....
لم أعد
أحبك.
29/12/2013
عمان
انشغالات
أنشغلُ اليومَ بما ينشغلُ به العاطلُ عن الصمت
أثرثرُ للأزهارِ عن سيرةِ المطر
أروي للترابِ بعضًا من حكايا القبَّرات
أُسِرُّ للغزلانِ:
قصةَ حُبٍّ لطائر السنونو.
***
أنشغلُ اليومَ بما ينشغلُ به العاجزُ عن الكلام
أحلمُ ببلادٍ من فراش
بجنةٍ من أنهارٍ وطيور
بمرجٍ واسعٍ من خضرة
وبأعداء لا يريقونُ دمَ الزيتون
ولا يخلعونَ جذور الكبرياء.
***
أنشغلُ اليومَ بما ينشغلُ به نافخُ الكِير
أنفخُ أيامي على جمْر الأمل
أُصهر حديدَ الانكسار
أحرقُ صدأ الزمان
أشوي فلذة كبد العصور
أبرِّدُ منشارَ الخَلاص.
اكتفيتُ بالنار
اكتفيتُ بحكمةِ الحديد المقهور.
***
أنشغلُ اليومَ بما ينشغلُ به المُؤذِّن
أصيحُ في الظلام:
من أنا أيتها العتمة
من أنا أيُّها الصمت
من أنا أيُّها الكهف المخمور
ومن أنتَ يا سارقَ الأوتار الحزينة.
***
أنشغل اليوم بما ينشغل به المُصور
أطبعُ عمرَ بلادي على طابع النسيان
أمسحُ كلامَ الأجداد عن وجه الغبار
ألتقط بكاميرا الحنين
وجهَ زغرودةٍ لم تصعد سماء الأغنيات.
***
أنشغل اليوم بما ينشغل به النحَّات
أنحتُ سنواتِ المنافي
أصنعُ من هزيمة الفينيق
تمثالاً يليقُ بالأسطورة.
***
أنشغل اليومَ بما ينشغل به الزنجيّ
أدوزنُ نوتةَ الحرية
أحبُّ اللونَ الأسود
أرقصُ رقصة التام تام
وأربط اسمي باسم الثورة.
***
أنشغل اليوم بما ينشغل به السجين
أحطِّمُ حديد الزنزانة
أطيرُ فوقَ سطوةِ التاريخ
وميزان القوى
أخلع جدران الأسر
أفكًّ قيودَ الشمس
وأرمي السجانَ إلى هوة الخسارة.
***
أنشغل اليوم بما ينشغل به الطحّان
أهيءُ قمحي للمطحنة
أدفعُ سنابلي للرٍّحى
أعدُّ أيامي خبزًا
للمنافي.
***
أنشغل اليوم بما ينشغل به العبقريّ
أضعُ رأسي تحتَ شجرة التفاح
بانتظار سقوط إحدى النجمات
لأكشف سرَّ السماء.
***
أنشغل اليوم بما ينشغل به الفلكيّ
أراقبُ أيامي من مرصد الهفوات
أسكبُ قطراتِ الحَنين لما مرَّ من غيوم
أرصدُ تحولَ المجرّات
وأهمسُ للفجر :
باسم حبيبتي الغجرية.
***
أنشغل اليوم بما ينشغل به الوثنيّ
أعبدُ صنمَ الحرية
أقلبُ آلهتي بين أيدي الطبيعة
أوقنُ الآنَ أنكِ طريقي للإيمان.
4-11-2010
عمان
آلامُ الجبل
أفكرُ في الوردة
الوردةُ وهي تموتُ بين يديّ الطبيعة
الوردةُ لا تحزن
لكنها تذوي وشذاها يملأ الحواس
كيف لي أن أصبح وردةً
فراشةً
قطناً سماوياً
يضمدُ جراحَ الأسرى
جراحَ المُهانين
آلامَ الجبلِ الرابضِ على مشارف الخليل
ذاك الجبلُ الذي مررتُ فوقه سنواتٍ طويلةً
وأنا أتعجبُ من انحنائه
للعابرين
وعدمَ اعتراضه على
وقاحة الغرباء
أولئك الذين جاؤوا بغبارٍ أسود
نتفوا أوراقَ الوردة
ورموا تلكَ الفراشات
بفحمٍ أسودَ
ملوثٍ بريش الحمام
ذاك الحمام الذي لم يطرْ فوقَ كتف الجبل
حطَّ بطيئًا باحثًا عن الحَبِّ
ولما رأى العنبَ يعصرُ في كؤوس الغرباء
هَدَلَ قليلاً
وطار عن الشجر..
الشجر...
الوردة...
الفراشة
البلاد
البلاد الوردة
البلاد الحمام
وأنا أذوبُ بين يديّ الخطيئة
كما تذوبُ
الحلوى بين يدي الذنوب
أيتها الحلوى
أيتها الوردة
أيتها الجبال
يا عطر القطن الساقط من حقول السماء
آنَ للكمأ أن يرفعَ رأسَه قليلاً نحو الأزرق
آن للغريق أن يمسكَ تلابيبَ الكاهن في الجليل
ويجرّه إلى شرفة البحر.
ولأني متعجلٌ نحو الوردة
مستغرقٌ في تفكيكِ أواصر علاقتها بالريح
متشككٌ في قدرة الماء على إحباط رغبتها في الشذى
أسلكُ طريقاً مغايرًا للشوك
أفتح بابًا مواربًا للحياة
أمطُّ تاريخَ الإسفنج
وأغفو عندَ يَدِ المعنى.
عابرٌ سرابَ الكلمات
مأخوذٌ بجدية الفنار في تحرير الضوء
سابحٌ في فضاء الوردة
في نشيجها
في بكاء أوراقها
وغفلتها الأبدية
في يد الغواية تقتربُ من جسد الوردة
في ابتسامة الطبيبة
في رائحة ملابسها
في عشقها للوردة
أكتب للبياض
لقميص الحرية
يا حرية
أنا الوردة
متعددةُ الحَمَاوات
لكني حرةٌ في موتي البطيء
حرةٌ في بث حكمتي للقفار الجريحة.
17/4/2011
أعدُّ موبقاتي ..........
ربما كنتُ إحداها
ربما جئتُ من واحدةٍ منها
ربما أنتم ملائكة
أنتم ملائكة حقًا وأنا العدم
أنا الجرحُ المفتوح
أنا المنفي في لغتي،
وفي ندمي
وأنتم طيبون حقًا
تريدون وصمي بالشَقيِّ وبيتُكم من كلام
سأرمي عليكم حنطتي
وآيتي
فلا تحرثوا الأرض التي ولدتُ عليها
ولا تقربوا مدينتي الغافية في بيت الذهب
أيها المُدلهمون مع الفجر
تتكاثرون عند السكر
ولا تستريحون في بيت العناء.
...
هاكم....
يدي فارغةً وحجارتي قطنٌ
لا أرجمُ العدوَ بلهيبٍ كي أرجمكم بالقبلات
أقتاتُ يومي
وأنامُ على سوء ظني
فلا تعلموني لجم الندم
آمنت بكم
وكفرت بكم
فلا تزيحوا الستارة عن نافذتي
ولا تضعوا على صفحتي شارةَ العجب.
9-4-2011
آهٍ يا عَتمةَ قلبي
النورُ يملأُ الأرض
شموسٌ ساطعة
نهارٌ مثقل بالوضوح
كلُّ شيء مُعَدٌ للضياء
آهٍ يا عتمة قلبي.
سألهو بما تشاء الحِيل
أجرُّ العرباتِ نحو مدار الشمس
أصدُّ رياحَ السموم
وأطبق يديَّ على مزاج التضاريس.
تمنيتُ بستاناً منزوع الخيبة
تمنيتُ عمرًا بلا حكمة
وبلادًا خاوية من يقين
وفيما يُشبه الغمر
أغمضتُ عينيَّ على حفنة من تراب
نَمَتْ فيها خصلات شعر الرب
واسترسلت في الندم
نَمتْ فيها طحالبُ وأشباهُ أشياء
ومجاميعُ من مخلوقات
تحملُ قبورًا فارغةً من الدود
ترفعها علامةَ صَليبٍ في وجه السماء.
ترجَّلي يا سنوات الله
ترجَّلي واهبطي قليلاً نحو الأرض
لنداعبَ وجهَكِ الطريّ
ونقرص وَجناتِ الدهر
بيدين حُرَّتين
ونركلُ الفراغ
بعيدًا...
تعليقات
إرسال تعليق