Ruby Tuesday - الثلاثاء القرمزية
(بمثابة تحية لفتاة طائشة في موسكو)
منذر مصري
عامِلها بلُطفٍ
طلباتُها لا تتعدى أشياءَ قليلةً
تكادُ تكونَ بالنسبةِ لكَ
بلا ثمن
"حياتي صعبة" قالت (فيفي)
لن تخسرَ شيئًا إذا عاملتني
كإنسانةٍ ذاتِ روح.
/
ما تزدريهِ فيها
تلكَ السهولةُ الَّتي تُبديها عِندما تُعطيكَ كلَّ ما تطلب
تلكَ الشراهةُ في تدخينِ السكائر
الموافقةُ على كلِّ شيءٍ تقولُهُ
مهما كان سخيفًا
وذلكَ ببساطةٍ
لأنَّهُ ليسَ لَديها أدنى فكرةٍ عمَّا تتكلَّم
صدِّقها عندما تحاولُ إفهامَكَ
بنعم ولا
وبإشاراتِ الأيدي والأصابع
وبالنظرات
أنَّها لم تأتِ من أجلِ هذهِ الروبلاتِ القليلةِ
الَّتي ترميها في حضنِها
فتلتقطُها وتضعُها فيِ حقيبتِها البلاستيكيَّةِ الملونة.
/
ليسَ كلُّ الفتياتِ الموسكوفيَّاتِ بهذا الاستهتار
فقط تلكِ التي كسرت أطواقَ الخوف
وخرجت من زنازينِ الفاقةِ والجوعِ لكُلِّ شيء
وراحت تكرعُ عبوةَ البيرةِ حتى قاعِها
دفعةً واحدةً
ثمَّ تلحسُ بلسانِها الرغوةَ العالقةَ تحتَ أنفِها
وتشعلُ من عُقبِ سيكارةِ (مارلبورو) رأسَ سيكارةِ ( لاكي سترايك)
لا يُهِمُّها مَن أنت
ولا من أينَ جِئت
ولا ماذا تظُنُّ بها
همُّها أن تتنشَّقَهُ حتّى تملأ بهِ رِئتَيها
حتى يدورَ بهِ رأسُها
حتّى تحرُقَ بهِ روحَها
هذا الدُخانَ الَّذي تنفُخُهُ من فمِها المُضرَّجِ بأحمرِ الشِفاهِ الى أعلى السقفِ.
/
أُشغِّلُ وأنا مُستلقٍ على الكنبةِ العريضةِ بجانبِ (دو ري مي)
شريطَ أفضلِ أغاني فِرقةِ (رولينغ ستونز)
(مايك جاغر) يُغني دونَ صراخٍهِ المُعتاد
عن فتاةٍ بلا اسم
لَم يستطع أحدٌ أن يُحدِّدَ مَن هيَ
فأطلقوا عليها لقبَ: (الثلاثاءُ القرمزية)
كانت تلحَقُ بالفِرقةِ أينما ذهبوا
تصعدُ بصُحبتِهم إلى القاطراتِ وهم يتنقلونَ للقيامِ بجولاتِهم الغنائيَّةِ
من مكانٍ إلى مكان
وتؤي معهم في غُرفِ الفنادقِ
تنامُ بجانبِ أيٍّ منهم لا فرقَ
وفي الصباحِ
يفشَخونَ من فوقِها وهيَ متكومةٌ بثيابِها الداخليةِ على بلاطِ الممر
وسروالُها مُلقً على ظهرِ البيانو.
/
تُصغي (دو ري مي) إلى الأغنيةِ الَّتي لم تكُن قد سمِعتها من قبل
وتطلبُ مني إعادتَها المرةَ تلوَ الأخرى
وهي تحاولُ أن تحفظَ هذا المقطعَ من الأغنيةِ:
"لا تسألها:
لماذا تحتاجُ أن تكونَ دائمًا حرة؟
ستُخبِرُك:
"إنَّها الطريقةُ الوحيدةُ لأن تكونَ حيًّا".
تعليقات
إرسال تعليق