القائمة الرئيسية

الصفحات

الحياة التي أحبها / مختارات من شعر أحمد الفلاحي

 

 

الحياة التي أحبها

مختارات من شعر أحمد الفلاحي 

 
الحياة التي أحبها - أحمدالفلاحي - بيت النص


 1

هذا أنا
بكامل تجاعيدي البكر
وشعري الأبيض
أقف عاريا في النهر
النهر الذي يحبس الصلوات
يترك قدم الحقيقة تدلف مرتين.
هذا أنا
بكامل اصفادي
أكتب بفم الحكاية
أن الوطن
أوله قبلة
وٱخره رصاص.
هكذا هم
عسس الخديعة
ينهشون الموتى
ويتذرعون بالله.
هكذا هي
مدينة لاتنام
من أين يأتيها النوم
وبطون الجائعين تعوي؟
من أين يأتيها الهدوء
وصراخ الثكالى
ينهش الصمت؟.
هكذا أنت يسرقك الوقت
يختبئ في فمك الكلام
ويغادرك الضوء.
هكذا نحن
نأوي الى ضفيرة الموت
وننسى أن نبتسم للقبر.

 

 2

 

فيما لو مرّت الحرب قربك
ولم تفقد عضوا من جسدك
أو قريباً أو صديقاً،
لا يعني ذلك أنك في مأمن،
راقب ظلك المهتز
والشجرة الباكية
وتلك الدمعة النازفة من عين الشمس.
لو مرّت الحرب
وزلزال خفيفاً يلهث خلفها
يعني ذلك أن النهر خبأ عصافيره
والبحر فقد بوصلته
والمحيط مازال يفكر في الضغينة.
في الحرب يغيب الحب تحت الركام
ثم يموت
ولا يبعث.
فيما لو انتهت الحرب
ومازِلتَ مشردا في البعيد
تأكلك الغربةُ
والشجرةُ تٌسْقِطك ورقةً يابسةً
والحوافر كلها تتمرغ ببتلاتك
لا تفكر أن ينبت في قلبك برعم الأناشيد
ولا حتى تزهر في خدك قبلة أخيرة.
لو بقيت الحرب هكذا دونما انتهاء
والابواب تئن في وجهك كلما تبّسمتَ،
لايعني ذلك أنك حي
فالقذائف تعرف طريق قلبك..

 

 3

 

الحطابون هذه الليلة
يجمعون الدببة الحمراء،
بقايا الورد،
وأشجار الزينة.
هذه الليلة كتلة من ورق التواليت،
هم يلفون مقبض الفأس بمنديل رمادي
يدلقون بقية القناني على الحصير
الحطابون يجدون المتعة أيضا في عيد الحب
يحبون الشجرة العارية
وتحبهم الشجرة العارية
يقبلونها بفم الفأس
وتطلق فأرتها الى الجدران
تثقبها وتتصيد الوزغ
لا أحد يدري كيف تبصق التراب
الفأرة تأنس للثقوب
تتحسس المزامير
وتهمس للريح
الحطابون الليلة يجيدون الغناء
والفأرة والفأس يرقصان
فينتحب الشروق.
 
 
 
ما الغريب في الأمر؟!
كتلة الضوء استحالت فراشة
الأجنحة أضحت رمادا
اليوم هو الثالث لعودتي
لكن لا محراب يوارب العطش
ولا غربان تدل على الجيفة
ماذا يعني الموت متأخرا؟
المساحة أعلى النبع غيمة
وتحت السديم قفازة رعد
أنا الريح الجامحة في ليل غريب
أهمس للاشجار بالتناثر
للأماسي بالتناحر
أنا الرياح اللواقح
لكني أترك الازهار على حالها
أنثر الأحاجي في مهب الصمت
ألثم الموت أول الرائحة
وأواري اللحد عن كثب الشفق
ما الذي تسبره الأشواق الان؟!
لا شيء
فيما أفاقت رعشة بين طيات الأفول
إعلم أن للأخاديد رتق أكثر
وللأهداب رمشة أخيرة
لا تومض للضوء
ولا تعبس في غياهب الأنتشاء
هل تذكر لحظة موتك؟!
طبعا للموت رائحة الجوارب والعناق
لكني أثقب النار بنَفَسي
وأعبر طيف الحياة بحبق وجنية
ثم ما ألبث أن أرعى الذئب
وأحنو على غزالة
 
 
 
ساعة واحدة ·
لستُ شغوفاً بليلة القدر
ولا بالحور العين
تعلمت القناعة مذ جئت وحيدا دون توأم
مذ فرّ من قفصي اللهف المتعدد
أكتفي بسنبلة
وبصلاة وحيدة
بيوم واحد
لا أحب المبالغات في الجزاء
ولا الحسنات المضاعفة
كل مالايضاعف احبه
لذا أنا فاشل في الرياضيات
و لا أصلح للقسمة
لو ان انثى اصطفتني للموت
أصطفيها للحياة
أكتنز شغفي
وأعتمر اللهفة
لست مبذرا بالهوى
ولا أحب ان اكون واحدا منهم
إما انا وفقط هي
أو لا شيء
ليست انانية
لكن كما ولدت وحيدا
أرغب بالموت هكذا
بالحب هكذا
بالعشق هكذا
بكل مالا يقبل القسمة هكذا
منذ الطفولة
 
 
6 
 
بالغياب مزروع
بين جشع اقطاعي
وفرحة جائع برغيف حاف
لفائف التبغ واحدة واحدة
ترسم بدخان مرّ أطياف وجهك
قلما يعبر الضوء من مسامات الوجع
كيف أدخل اليك وهجاً يرفرف في عيون الابدية؟
أنا الطاعن في العتمة
اول الخريف اومض ويسقط ما تعلق من وطن.
مالذي سيحدث لو غادرت وطني تماما
في المترو اترك محفظتي للسرّاق
وفي الجيب الخلفي تتلهى قطة مع فأر السد
أنشغلُ بقبلات ترمم تشققات شفاهي
"امرّ على بائعات الهوى الاسيويات في "شارع سان دوني سترازبوغ
ليس لدي ضغينة تجاه بائعات الحب
فقط لا ارغب بتقبيل الافواه المشرعة للريح
لا شيء افعله سوى العبور الى pigalle
بعد الحرب الاعضاء التناسلية في الشوارع
والورد البلاستيكي يحاصر صباحاتي الفيسبوكية
مالذي سيفعله يماني ضارب في اللوعة
امام ثقافة التوك شو وال sex shop
كيف سيفتش عن منفى اخر؟
لا شيء غير النبيذ مع خبر حاف
يقاسم السين عطشه ويندبان حظهما بالفيضان
قبل ان تأتي الحرب
كانت الارض قطعة شكولاتة بيد طفل اناني
والان اصبحت الضفيرة خطأ المغني
من يقترف النغم امام عرافة الايدلوجيا
يصطفي من الحقل فراشة لا تعرف التوقف على متك واحد؟!
بالغياب مزروعة يد النسيان
موغل بالرقة والحكمة القديمة انت
لا تترك ذاكرة الضوء مشرعة للرماد
أومض في صدر العتمة
اهمس للفجر بشقشقات الشفق
بحبات الشوق المتناثرة في فضاء البوح
اترك للعرافة لذة انس الضحية
وطنك اوشمه كخريطة نار في بطنك
وعلى فخذك الايمن ارسم خارطة المنفى والحب
صلِّ لتنال الحب الخالص
وألا شريك يقاسمك الثغر
ألا شريك يقاسمك الشهد.
منذ أعوام.
 
 
7 
 
 
في ذاكرتي فراشة تأبى النوم
صباحاً أقدم لها أسراب الطلع
وعلبة تبغ
في الليل أمنحها أقداح الضوء
ونبيذ القبلة
في ذاكرتي تطير من الردهة
ولا تنام
تخشى النار التي في قلبي
لا يدفعها الفضول الى الموت
لكن امرأة القارورة
تكمن في الضوء
والذئب الماكر في شرياني
يتربص بالعطر
ها انا اقتلني
لتطير.
 
 
8 
 
الحياة التي أحبها ليست هذه
لم تطربني ابداً
الحياة التي لا تشاركيني فيها بأنفاسك
لا شمس لها
لا مطر فيها ولا رعد
كثيرا ما أحب المطر
لأنك تلتصقين بي كطفلة،
كلما غضبت السماء
نعدو على ضوء البرق
ولا نحتمي من الشوق
لكن سأرى ما بوسعي فعله.
لا أحب الحياة دون ابتسامتك
المدن كلها عابسة
وحين تضحكين معي
ترقص السماء
وأحبك أكثر.
الحياة التي أحبها
هي تلك التي اخترعناها معا
وحين أقول افتقدك
لا أجد إلا إجابة بعيدة
بعيدة جدا
وتجف السماء
 
 
 

تعليقات