القائمة الرئيسية

الصفحات

حدوته للحزن قبل أن ينام / وفاء المصري

حدُّوتةٌ للحُزنِ قَبْلَ أن ينام

 وفاء المصري

 
حدوته للحزن قبل أن ينام - وفاء المصري - بيت النص

 
شِعْرِي بيْتٌ صغيرٌ
بابُه العُزْلة
وشبَّاكُه الحَنِين
لم يكُنْ لي في أيِّ يومٍ
بيْتٌ سواه

في بيتِ أَبِي
عشتُ على الهامش
كأيِّ فتاةٍ غريبة
أوحَدَتْها القراءة
ثم جاءَ رَجُل
، كان يكرهُ الشعراءَ والفلاسفة،
وأخذَني من يدِي الصغيرةِ إلى منزلِه
لكنَّه ما لبثَ أن سجنني في ظلامِ قبْوِه
بعد أن ضبطني متلبِّسةً
بكتابةِ الشِّعرِ في الخفاء
 
لمَّا هربتُ منه بمعجزةٍ حقيقية
كان عليَّ أن أبني بيتا صغيرا
لإقامتي على الأرض
 
 قلتُ :
سأبنيه من الشمس
خليةً خليةً
لكِنَّ حرَّاسَ الظلام
دكُّوه على رأسي
 
قلتُ :
ليكُن
سأرفعُه من أحجارهم التي رمونِي بها
لكن قُطَّاع الطُرُق
، تحتَ عيْنِ رَجُلِ الشُّرطة،
كانوا قد سرقوا الأحجارَ في الليْل
 
قلتُ :
"معَلِش"
سأرسمُه على الوَرق
لكنَّهم
ذبَحوا لوْحاتي أمامَ عيْني
 
قلتُ :
ولَوْ!
سأشيِّده في خيالي
إلا أنّٓهم قاموا بتفتيشِ رأسي
وسجنوني
، في النهاية،
بتُهمَةِ استخدامِ الخيال
 
يَقولُ المفكرون والفلاسفة :
"إن الطريقَ إلى الْبَيْتِ
أجملُ من البيْت نفسِه"
أغتصبُ ابتسامةً حزينةً
وأقولُ :
حسنًا
أعطوني أنتم البيْتَ
وخلُّوا لكم الطريقَ الجميلة
 
ويقولُ أخوتي السلَفيُّون
العائشون على أموالِ النفطِ
في أفخمِ البيوت :
" لا تحزني يا أُخْت
كلُّ البيوتِ ترابٌ فَوْقَ تراب
ولا بيتَ للمرءِ في هذه الحياةِ الدنيا
سوى قَبْرِه "
أقولُ :
طيِّب ..
امنحوني أنتم هذا القبر
وسأحوِّلُه إلى بيْتٍ جميلٍ يؤويني
 
ويقولُ اللهُ في مُحكَمِ كتابِه :
" أولئكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ بما صَبَرُوا"
أبكي وأقول :
أنا الصَّبْرُ
خُذْني يا ربُّ
وَلَوْ في بَدْرومِ غرفتِكَ العالية
 



تعليقات