السلامة لأمواتنا من كل مكروه
نصر جميل شعث
خرجتُ لا لشيءٍ إلا لأعدَّ خطواتي،
والخطواتُ كالناس مَرضَى مشاعر.
نمتُ بجروحي،
رأيتُ طائرًا يطير وينسى عظامَه في الهواء.
نمتُ بملابس الخروج، وحلمتُ بأنّي وصلتُ.
كلّ هذا وأنا لا أراني في منامي.
عينُ النائم كالصائم فارغةٌ، يا حبيبتي،
وعينُ الشاعر علامة.
كل هذا والبلادُ أرملةٌ عطشى، لكنّ دموعَها غزيرة.
فلنبدأ التفكيرَ بعد كارثةِ المطر.
جاءَنا الخيرُ وهذا شيءٌ مُؤكّدٌ،
كمن اشْترى قطعة أرضٍ خضراءَ من ماله،
وجرّدَ زوجته من الذّهب لشراء السياج..
فيما السماءُ بنفسجيّة،
كالأختام على الذبائح المُعلّقة كساريةٍ،
وفيما النار ساريةُ المفعول؛
أنا على كرسيٍّ من خشبٍ قربَ الموقد؛
لا أدخّنُ،
لا أشربُ شيئًا.
فقط أتطلّعُ وأعدُّ اللّهب.
الوقتُ قوْتُنا يأكلُنا، يا حبيبتي، ونكبرُ.
وأنا مُتعبٌ من أشياءَ لا أعرفُها.
ضعي صوتَكِ في عينيكِ، واكْتبي إليّ رسالةً لأعرف.
نعرفُ أنّ المرآة أوّلُ درسٍ سقطنا فيه.
كلّ هذا نحنُ.
والحكايةُ إنْ كتبتها بالحرف فلن أصدّقها،
حينَ أصيرُ ناقصَ الحركة.
هدأتِ العاصفةُ،
وخرج منها نسيمٌ يلعبُ
بالدّمع،
بالرّماد،
ويُجفّف عرَق الخيل.
ولكنّني لم أرَ الذي أفاقني لأُسمّيه
في ختام إصغائكِ لهذا المنام.
(ما عدت أعرف الأرض من كثرة القصائد)
نمتُ على الحبّ،
ورأيتُ في الغيمة أمّي
تُمسِكُ بالقرآنِ
وتقرأُ فيهِ ابْتداءً من سُورة النّاس،
وأفقتُ قبل أن تصلَ الفاتحة.
وأشرتُ بيديَ القصيرةِ إلى النّاس:
أنْ من هناك، فمشوا عليها
وصلُوا وما وصلتُ
كغزالٍ وحيدٍ يَملأُ لوحةً لا أُحبّذُ نسبتَها للغزال.
وكنتُ أُسمّي الأرضَ وأعني:
الشعر،
كلمة واحدة.
لا أُسمّي الشعرَ الآن،
لا أُسمّي الشعرَ ..
ما عدتُ أعرفُ الأرضَ من كثرة القصائد.
أتناولُ من الصدفة القاتلة
حياتي،
مثلما يتناول ُدعاءٌ مرتجلٌ
بالصدفة
كلمةً مهجورة،
ويضعُها إلى جانب الله.
تعليقات
إرسال تعليق