القائمة الرئيسية

الصفحات

 بعد ممارسة الحب

أسماء ياسين


بعد ممارسة الحب - أسماء ياسين - بيت النص


بعد ممارسة الحب للمرة الأولى،

أجسادنا وعقولنا العارية بيت من المرايا،
أعزلين تمامًا، بالغي الهشاشة،
نستلقي في أحضان بعضنا بعضًا،
نتنفس بحذر شديد،
خشية كسر تماثيل الكريستال هذه.
حين أستيقظ هكذا، أبحث عن الشعر البعيد. هذا الصباح استيقظت بجلد أرق، بحثت عن الشعر. صادفتني هذه القصيدة للشاعرة الهندية فاهميدا رياز (رياض)! ربما. لم تخبرني القصيدة لماذا قد يستيقظ الإنسان بجلد أرق. ولا لماذا يبكي بعد ترجمة قصيدة حب عادية من خمسة سطور!
ليلة أمس تعثرت في كتابة قصيدة. توقفت في منتصف الكتابة. بكيت كثيرًا. ساعتها عرفت أني سأصحو بجلد أرق. وحزن عميق على القصيدة المبتسرة. حزن قديم. كأنه أزلي. كأني اجضهت كل قصائدي. كأن الشعر علاقة وهمية لم تحدث إلا في خيالي. لم يتبق شيء يثبت وجودها. كل شيء يؤكد زوالها. لكن زوالها يؤكد وجودها الشفاف.
كان نهار أمس يومًا عاديًا؛ ذهبت إلى العمل. ثم ذهبت للغداء في مطعم خال. كل مرة أتغدى وحدي أتذكر ظهيرة كنت في مطعم مع صديق، وجلست على المائدة المجاورة فتاة وحيدة، طلبت طعامها وأكلت وحدها، أشفقت عليها كثيرًا، كنت أظنها ماساة صغيرة أن تتغدى فتاة وحدها في مطعم مزدحم. في مدينة صاخبة. لاحقًا عرفت أن المأساة الحقيقية التي تستحق الشفقة، هذا الإحساس اللعين، أن تتوقف القصيدة. تهرب في منتصف الكتابة.
أمس ذهبت للتسوق. ذهبت إلى العمل مجددًا. في طريق العودة إلى البيت اكتشفت فجأة أني خارج البيت. عزلاء. مثل تلك اللحظات بعد ممارسة الحب في كل مرة. حينها أدركت أن الحياة لا تزال تضطرني إلى هذا التقارب مع الغرباء. في المترو القديم يجلس قبالتي شخص. لا أدري إن كانت امرأة أو رجلاً. لا أنظر أمامي. بيني وبين من أمامي سنتيميترات ولا أنظر أمامي. لا ينبغي أن يقترب الغرباء إلى هذا الحد. شعرت برغبة في التدخين. وبرغبة أقوى في أن أقول لشخص بعينه إني أشعر برغبة قوية في التدخين. لماذا يتوقف الإنسان عن التدخين. لماذا يوفر فرصة مجانية لقتل نفسه. لماذا يصحو بجلد أرق!

تعليقات