يوم السلام
ثلاث قصائد من شعر ماري لويزه كاشنيتس
ترجمة : عبد الوهاب الشيخ
يوم السلام
عندما
يقترب يومُ السلام
لن يأتيَ
مع أجنحةِ الحمام ،
ولا مع
الناياتِ من التلال ،
لن ينثرَ
البذورَ الذهبية .
كلا ,
ولكنه مثلَ سَكينةِ الموت
المُفْزعةِ
الخاوية سوف يحِلّ ،
والسفائنُ
في البحار
ستصير
كالشاردةِ الضائعة .
لأن الخطرَ
كان بالنسبة لنا مشكوكاً فيه ،
وكنا نعرفُ
قواعدَه ،
ورياحُ
العاصفةِ في الأشرعة ،
ويدُ الموت
على الدفَّة .
ولكن حينما
ينتهي هبوبُ العاصفة ،
نكون قد
فقَدْنا كلَّ قوانا .
عيونُنا
عمياء ،
آذانُنا صمّاء .
آذانُنا صمّاء .
والطريقُ
صوبَ الوطن
مدى مبهم
ٌمليءٌ بالأسرار ،
النجومُ
القديمة لا يمكن التعرُّف عليها ،
مُلْغِزةٌ
قلوبُ الأصدقاء .
بيت هادئ
بيتٌ هادئٌ تقولون ؟ نعم ، الآن
هو بيتٌ هادئ . لكن
قبل قليل كان الجحيمَ ذاتَه .
فوقنا وتحتنا أُسَر لديها أطفالٌ
صغار ، تخيَّلوا
ذلك . العويل والصُراخ ,
المشاجرات ، دبيب
ونَبْش الأقدامِ الصغيرةِ الساخطة
. في البداية كنا فحسب
ندقّ بذراع المِكْنسة على الأرضية
وعلى السقف . وعندما
لم يُجْدِ ذلك نفعاً ، اتصل زوجي
بالتليفون .
أجل , مَعْذرة ، قال الأبوان ، الصغار يُسَنِّنون ، أو
التوأم يتعلمُ الجري للتوّ.
بالطبع لم نكُنْ نَقْبَل
بمثل هذه الأعذار . اشتكى زوجي
إلى
صاحبِ البيت ، أسبوع بعدَ آخر ، ثم طَفَح الكَيْل , كتب
المالكُ إلى أولئك الذين يسكنون
فوقَنا وتحْتنا خطابات
وهدّدهم بإخلاء المنزل دون سابقِ
إنذار .
بعد ذلك تحسّن الوضعُ في الحال ,،الشُقَق هنا ليست
غالية . وهؤلاء الأزواجُ الشباب
ليس لديهم المال ،
للانتقال إلى مكانٍ آخر . كيف
حَمَلوا الأطفال على السُكوت ؟
لا أعرف بالضبط ، أعتقد ، أنهم
يربطونهم الآن بشدة
في أعمدةِ السرير، بحيث يمكنهم
الزَحْفُ فحسب. وهذا يسبب
ضجةً أقل . وربما يكونون قد حصلوا
على مهدئاتٍ قوية .
فما عادوا يصرخون أو يتصايحون ، وإنما يُثَرثرون فحسب ،
في غايةِ الهدوء ، وكأنهم نيام .
الآن صرنا نُحَيِّي الأبوين مرةً أخرى ،
عندما نلتقي بهم على السُلَّم .
بل إننا حتى نسألهم عن حال
الأطفال . بخَيْر , يجيب الأبوان
. لماذا إذن هناك دموعٌ في
عيونِهم ، لستُ أعرف .
هيروشيما
الذي ألقى
بالموت فوق هيروشيما
دخلَ الدير ، حيث تقرعُ الأجراس .
الذي ألقى
بالموت فوق هيروشيما
قفز من
مقعده داخل أنشُوطة ، وشنقَ نفسه .
الذي ألقى
بالموت فوق هيروشيما
أُصِيبَ
بالجنون ، إنه يدفعُ مئات الآلاف
من الأشباح ، التي تتوسل إليه ليلاً ،
ناهضةً من
التراب نحوه .
لا شيء من
كل هذا حقيقي .
لقد رأيتُه
قبل قليل
في حديقة
منزله بضاحية المدينة .
الأسيجَة
كانت لا تزال فتيّة وشجيراتُ
الوردِ
رشيقة .
هكذا لا
يصير بالإمكان سريعاً ،
أن يتوارى المرء
في غابة
النسيان . ما كان أجملَ رؤيةَ
منزلِ
الضاحية العاري ، الزوجة الشابة
التي تقف
بجواره في ثوبٍ مزيّن بالزهور
البنت
الصغيرة التي في يدها
الصبيّ ، الذي كان يجلسُ على ظهره
وفوق رأسه
يفرقعُ بالسوط .
لقد كان
يلوحُ كحيوانٍ
من ذوات
الأربع على ساحةِ العشب , ووجهه
متقلصٌ من
الضحك ، لأن المصورَ الفوتوغرافي
ــ عَيْن
العالم ــ كان يقف خلفَ السياج .
تعليقات
إرسال تعليق