مختارات من الشعر السوداني المعاصر
إعداد وتقديم / عبد الوهاب الشيخ
لا يمكن الإحاطة بروافد الشعر السوداني في لحظتنا الراهنة حيث لاتزال القصيدة العمودية ممثلة في شعر العديد من الشعراء أمثال : مناهل فتحي ومحمد المؤيد المجذوب وخالد بشير وابتهال تريتر وآية وهبي ومحمد عبد الباري وغيرهم ، وكذلك قصيدة التفعيلة التي تجدد حضورها قرائح عالم عباس والطيب برير وفضيلي جماع وعبد القادر الكتيابي وكثيرون لايزالون يكتبون وفق النمط التفعيلي ، بالإضافة لقصيدة النثر التي تحولت من الهامش الى المتن بفضل إبداعات محجوب كبلو وعفيف إسماعيل وطارق الطيب ونصار الحاج ومأمون التلب ومحمد صادق وأدريانو حامد ونجلاء التوم وإيماض بدوي وعشرات الشعراء الشباب في شمال السودان وجنوبه.
ولقد كان انحيازنا في هذا الملف للأشكال الأحدث في الكتابة لتقديم جانب من الشعر السوداني معرفتنا به مازالت محدودة رغم نضج واختلاف النماذج الشعرية التي يقدمها شاعر كعفيف الدين إسماعيل ، الذي يرى أن مهمته كشاعر هي الإصغاء لما بين الصمت والضجيج حيث تنطلق مرجعية النص لديه من اليومي المنسي تحت ركام الواقع وغباره ، فالشعر في نظر عفيف هو فن المحاورة الصامتة بين نسيج تعبيري يعج بتجاور المعاني الجمالية وخيال ذاكرة مفتوحة.
أما محجوب كبلو الذي عاد لكتابة الشعر بعد انقطاع عشر سنوات أمضاها في الخليج فتميل نصوصه إلى التكثيف ، ملتمسا في عالم الطفولة الساحر مادة لأشعاره التي تتمازج فيها الحواس لا على طريقة رامبو الشاعر الفرنسي الشهير وإنما بذائقة أهل العرفان من كبار المتصوفة العرب والمسلمين ، فما الشاعر من وجهة نظر كبلو إلا غافل كبير في متاهة الوجود الذي هو مصهر حي لكائناته ومكوناته .
وكذلك أسامة الخواص الذي يعيش منذ عام 2000 في أمريكا ليستعيد عبر نصوصه ــ وهو الصبي المروي ــ وطنه بثقافاته وتاريخه وعادات سكانه وأعراف قبائله ، مازجا كل هذا مع غناء البحارة وموسيقى شايكوفسكي وشعراء البيت .
ومن نفس الجيل طارق الطيب المولود في القاهرة والمقيم في فيينا ، والذي يكتب الشعر والرواية ولذا يغلب السرد على أسلوبه الشعري ، ذلك السرد المغلف بشاعرية ورفق حيث تراوح نصوصه بين حالين : حال النثر والإخبار المباشر وحال الارتفاع بشاعرية توافقية فيها نوع من الغموض المحبب.
وصلاح عيسى رجب الذي يجمع بين الشعر والترجمة وينحو إلى البساطة دون أن يضحي بالعمق الذي تصنعه فرادة الرؤية لا غرابة المفردة ، فيكتب قصيدة حداثية لا تفقد صلتها بشعر الستينات ولا تقلده .
فيما يرى الشاعر والروائي والناقد محمد جميل أحمد تجلي الشعر في اتصاله بالحياة بعيدا عن نخبوية النقاد ، وفي انفتاحه على الفنون الأخرى كالموسيقى والفن التشكيلي والسينما .
كذلك يقول الشاعر الشاب مأمون التلب ، مؤسس "الحركة الشعرية" التي بدأت فعالياتها وأنشطتها الشعرية في ساحة " أتنيه " بالخرطوم في يوليو 2015 : " إن القصيدة ينبغي أن تكون أفقا للتأمل في الحياة والكون لا مجرد مساحة للتعبير عن الحرية السياسية " .
وإيماض بدوي التي تعرِّف الشعر بأنه هو كلّ ما يسيل عن طبع النّفس الشاعرة أي أنّ الشعر حالة وصول لتوافق فكري ووجداني في قالب لغوي يعيِّنه موضوع النص الشعري أو وعي الشاعر بطرائق ترجمة شعوره ، أمّا فيما إذا كانت قصيدة النثر تستوعب هذا العالم أم لا؛ فهي قادرة على ذلك طالما حملت نعت القصيدة .
ومغيرة حربية الذي يمثل الشاعر من وجهة نظره شاهدًا على جريمة العالم وجرائم الوطن ، مما يجعله يغيّر لغته الشعرية بكل قاموسها المثقل بالهزيمة والموت إلى شعريات أخرى أكثر تورطًا في الحياة وإصرارًا على المغامرة : الحُريَّة.
وكمعظم أبناء جيله ينحاز محمد صادق الحاج لقصيدة النثر ويعتقد أن قصيدة التفعيلة قد أخفقت في أن تجذِّرَ وجودها في كوكب الشعر وماتت تحت سمائه المكهربة ، بينما قصيدة النثر هي الشعر ذاته ، عاشت مع البشَريِّ أول لحظة تأمُّل نفَّاذة يختبرها ، حملت معه إحراجات الوجود المؤلمة ، وفي كنفها أودع البشريُّ ملاحظاته القيمة حول الطبيعة والمجهول والطاقة ، ومعها امتلك خيال الفرد يدًا رهيبة تتجوَّل في عواطف وحواسّ الآخرين وتأسره .
ويتفق الشاعر عادل سعد يوسف الذي يكتب الرواية والمسرحية بجانب الشعر مع رينيه ويلليك في قوله " إن التمييز بين الأنواع الأدبية لم يعد ذا أهمية في كتابات معظم كتاب عصرنا ، فالحدود بينها – أي الأنواع الأدبية – يتم عبورها باستمرار، والأنواع تُخلط والقديم منها يُترك أو يُحوَّر أو تُخلق أنواع جديدة أخرى ، إلى حد صار معها المفهوم نفسه أي مفهوم النوع الأدبي موضع شك " .
أيضا أحمد النشادر لا يحب أن تتقيد نصوصه بجنس أدبي محدد ويصف لحظة الكتابة بأنها أشبه بالامتزاز: " أنفتح كلي كمسام شرهة لا يفوتها شيء ، أريد أن أمتص كل الجماليات الموجودة في هذا العالم وغيره ، وبعد أن أمتز جمال هذا العالم أفرزه من غدة هي العاصفة ، أريد ان أنجب كل هذه الجماليات بتلقائية قطرة عرق تنحدر/ بتلقائية دم يبزغ من جرح ."
وعاطف خيري الذي يرى أن الشعر ، بعكس الحياة التي يجب أن تمضي بسيطة وملتوية أحيانًا ، عليه أن يتسوَّر ببعض الغموض كي لا يطمع فيه الكسالى ، مع ترك الحرية كاملة للتجريب دون خوف على القصيدة التي ما عادت قاصرًا .
كذلك يؤمن الصادق الرضي أن المبدع ليس بمقدوره التعايش مع الوصاية فالإبداع في رأيه خلق جمالي معرفي مفتوح على كل احتمالات الحياة ، وعلى المبدع أن يتعلم من تجاربه ومن التجارب التي سبقته والتي تليه ، كسبه الجوهري هو إحساسه الدائم بعدم الكمال ، وحاجته الدائبة هي للخلاص من شوائب ما سبق واستشراف المقبل .
هكذا يشكل تعدد الأعراق والبيئات الثقافية العميقة في طبقات التاريخ تنوعًا في النظر إلى طبيعة الشعر ومفهومه وطرائق الكتابة وآلياتها لدى الأجيال المختلفة من الشعراء السودانيين ، وإن نظرة سريعة إلى النصوص المرفقة تكشف مدى حداثة المنجز الشعري السوداني في اللحظة الراهنة ، ودقة اطلاع الشعراء على الأدب العالمي بموجاته المتلاحقة دون أن يؤثر ذلك على أصالة أعمالهم ، أو يعوق تجذرها في تربة بلادهم رغم عيش الكثيرين منهم خارج حدود السودان وبعيدًا عن سمائها .
نُوْسْتَالْجِيَا
الاسْتِقْلال
القَاهِرَة
هَلْ
كَانَتْ ضَلالاتُ كُرَةِ قَدَم/ ؟ / عندما صَبَّ جَلالَةُ المَلِكِ فؤاد الشَّايَ
في كوبِ عبد الخير السوداني / مُفَجِّراً الإغْتِلامَ القَوْمِيَّ تِجَاهَ فَتَاةٍ
قِبْطيَّة / ؟ / قَتْيلَةُ الدَّانْتِيلاَّ المَسْمُومَةِ اسْتَحَالَتْ
أُحْفُورَةً في مَاسَّةِ الغُرْفَةِ المُغْلَقَة؛ يُوبِيلاً قادماً.
هَلْ
تُحْظَى بِغُرْفَةٍ في المَلَكُوت؟، وهي لا زالَتْ تَحِنُّ إلى نُظَّارِ
القَبائلِ/ ذَوِي العِصِيِّ الغليظةِ / أَصْدِقَاءِ عَشِيقِها الحَاكِمِ العَامِّ
/ ذلك الاُكْسِفُورْدِيِّ ذي المَنَادِيلِ الكَثيرةِ / وأَفْضَلَ مَنْ يُدَافِعُ
عن قَضِيَّةٍ خاسرة:
ـ
كانُوا لا يَرَوْنَ جَسَدَه؛ الضَّباب لَنْدَنِيّ، فَوْقِي، فَيَفْرُمُونَهُ مَعِي
كالبَصَلِ مع اللَّحْم.
لندن
هَلْ
أَعَادَ المَلِكُ جُورْج سَيْفَاً مُخْتَلِفَاً / ؟ / صَالَةُ سُوزْبِي
لِلْمَزَادَاتِ تَعْرِضُ سَيْفَاً نَبَاتِيَّاً:
وَنْ
تُو
ثْرِي
كْلِنْغْ
كْلِنْغْ كْلِنْغ
هَلِّلُويَا
مَوْلِدُ
المَسِيحِ النُّوبِيِّ بِمُعْجِزَاتٍ هَرْطُوقِيَّة:
الزَّبِيبُ
عَلِيقَةُ خَيْلِهِ
قَصْرُهُ
مِنْ طُبُولٍ اسْكَتْلَنْدِيَّةٍ
يَحْمِيهِ
الفُولاذُ الدِّيْمُوقْرَاطِيُّ واللِّحْيَةُ الزَّرْقَاء.
لَهُ
المَجْد:
ـ
حَرَثَ حَقْلِي ثَلاثَةَ أَيَّامٍ لَمْ يَعْلَفْ خِلالَها غَيْرَ حَلِيبِي،
ودُخَانِ غُلْيُونِه.
ـ
كانَتْ كَلِمَةُ "جَسَدُكِ" تَتَلَوَّى فِي فَمِهِ كَفَرِيسَةٍ صَغِيرَة.
ـ
كَانَ يُهِيبُ بِسُلالَةٍ نَبَوِيَّةٍ أنْ تَخْرُجَ من صَحْرَاءِ جَسَدِه.
أُمْ دُرْمَان
شُيِّدَتْ
من غُرُوب
غُرُوبٌ
يَسَّاقَطُ مِن شَرِيحَةِ بطِّيخٍ مع فِرَقٍ مُوسِيقيَّةٍ خضراء
حِجَابُ
حَدَائقٍ سِريَّة
نساءٌ
مُهَجَّناتٌ من الزَّرَافِ وأفْرَاسِ النَّهْر؛ "المُنْتَظِرَاتُ
الخَالِدَاتُ للمَسْلُولِينَ الشَّبِقِين" يَرنين إلى دَبِيبِ عَصْرِ
البُخَارِ الأمْدُرْمَانِيِّ بِفُكَاهَتِهِ الذَّهَبِيَّةِ: الإسْتِحْمَام؛ شَايُ
العَصْر
تَصْفِيفَةُ
إبراهيم عوض، التُّرَام "زَرَافةُ الله في أَعْشَابِهِ؛ الَّتِي تَسْلَحُ
أطْرَافاً صِنَاعِيَّةً"
مُعَدِّيَّةُ
شَمْبَات التَّوْرَاتِيَّة، الأَوِزَّةُ الخُنْثَى؛ مُلْتَهِمَةُ أَعْضَاءِ
الصِّبْيَةِ العُرَاةِ لِتَتَقَيَّأهُم في السادسةِ أمامَ سينما بَرَمْبَل
فَتَلْتَقِطُهُم دِيَكَةُ الحِرَفِيِّينَ المُخْصِبَة / الفُونُوغْرَاف يَسْطُو
على صَلاةِ المَغْرِب.
غُرُوبٌ
تَبْغِيٌّ تَصْنَعُهُ مَصَابِيحُ فَانْ غُوغِيَّة لِلاَفِتَاتٍ فَجَّة:
[تَرْزِي
سَيِّدَات]
فَتَاةٌ
يمينَ العِبَارَة؛ تُصُوِّبُ مُسَدَّسَاً نحوَ فَتَاةٍ أخْرَى يَسَارَ العِبَارَة.
حِصَانُ
"كَالْتِكْس" المُجَنَّح وكَلْبَةُ "أَجِيب"ذاتَ الأرْجُلِ
السِّتَّة، يُثْقِلانِ خَطْوَ الأطفالِ في الكوابيسِ الخضراء.
[مِشْرَبُ الدَّجَاجَة]
أمَامَ
الجَّامِعِ الكَبير، بَابُهُ الخَلْفِيُّ في المِبْغَى؛ حَيْثُ نِسَاءٌ بلا
رُؤُوسٍ يَحْمِلْنَ مِظَلاَّتٍ على قَارِعَةِ الغُرَفِ الضيِّقَةِ بانتظارِ
صَبَاحَاتِ آحَادٍ إثْيُوبِيَّةٍ لن تَجِيْء.
الخُرْطُوم
لندنُ
من الشُّوكُولاتَة
تَسِيلُ
على رَبَطَاتِ العُنُقِ المُزَرْكَشَة
أبْيَضُ
تَبْغِيٌّ
فضِّيّ
ألْوَانُ
مَشْهَدِ السُّودَانِيِّينَ يَوْمَ القِيَامَة، وثَمَّةَ رائحَةٌ رَسْمِيَّةٌ؛
رَوَثٌ وفَنِيْكْ، تُرَفْرِفُ من أكْفَالِ خُيُولٍ لامِعَةٍ تَحْتَ ضوءِ الشمسِ؛
طاهِيَةِ العَدَم، وهي تُنْضِجُ شَعْبَاً من ذُرَةٍ، على أَرْضٍ تَفْتِنُ
السُّحُبَ الهَرِمَةَ لِتَتَنَاسَلا: آذَانَ فِئْرانٍ خَضْرَاء؛ صِيْصَاناً خُضْرَاً،
دَجَاجَاً أَخْضَرَ: حَصْدٌ بِمَنَاجِلِ مَكْسِيم الوَلِيد ـ كُمْبْرَادُورِيَّة
كَرَرِي "الآن مَحَلِّيَّة كَرَرِي" ـ 1898 ـ بَعْدَ مِيلادِ المَسِيح.
(محجوب كبلو)
في المكتبة القبطية
كنّا في انتظار المُغنِّي الجميلِ
صديقتي التي ضاعتْ منذ تلكَ الأيامِ
أو بعدها بقليل
تُخفي رأسَها بينَ فَخْذَيْهَا
تُصَفِّرُ بأصبعينِ ناعمينِ وشفتينِ جذّابتينِ
كان رنينُ الصوتِ أنثويًا عاليًا
ذُعِرَ الحاضرونَ ولم يتَبينُوا صاحبةَ الصوتِ النّدي
هيَ
دون أن تُعدِّلَ جلستَها
في كُرسي الخيزرانِ الذي تشاركني الجلوسَ عليه
ضَحِكَتْ بنشوةٍ ورفضتْ تدريبي كيف أُصَفِّر
(نصار الحاج)
لم نعد هنا
لم
نعد هنا
تعطلت رسائلنا في
البريد
تعطل القلب
والحمامات الزاجلة
والقبلات الهشة
تعطل الأصدقاء
وتعطلت حيوات الريفيين.
لم نعد نحن هنا
لا مأمون التلب ولا
شجرة الصندل
ولا سينما أب عشرين في
حقل الروح
كل شيء تبدد.
أذكر القبر
تحت شاطئ ود البخيت
الفلاني
)كثيرون عبروا(
ولم يتبق سوى الليل
والمركبات وحصائد الشجر
لم يتبق سوى الرعشة في
القلب:
غناء قرقراب
وكف الرطل الرحيمة.
تقول أمي: هات أولادي
يقول قبرها:
سافروا بعيدا.
وحدي من يبكي بعين
حولاء.
)مغيرة حسين حربية(
طويلةٌ بما يكفي، قصيرة بما ….
( إلى م.س )
في سبعِ دقائقَ
لا غير،
يُمكِنُكَ أنْ تحكي قِصَّةَ حياتِك
كُلِّها،
يقولُ الشَّاعِرُ
الذي ماتَ هذا السَّبت
عن ثمانينَ مِنْ التِّيه …
ما الذي يختصِرُ العُمرَ إذًا؟
زُرَقةَ هذهِ القصائد،
أم تلكَ الغابة
التي ليس بها
سوى شجرةٍ واحِدة
واحِدة بما يكفي
لتملأَ المكان
والدفاتِر …
٥ يوليو ٢٠٢٠ م
(عصام عيسى رجب)
سيجموند
فرويد
السيدةُ التي كانتْ تخدُم
"هِرّ" سيجموند فرويد
لم
تكُن على عِلْمٍ بِمَا يفعلْ
وبما
فيه يُفكِّر
كانت
تعتَبِرْهُ رجلاً مُرَتَّبًا
ومُريبًا
تُنظِّفُ
بيتَهُ
وتَغْسِلُ
له مَلابِسَهُ
تدْعَك
ياقاتِ قُمْصَانِهِ بشِدَّة
خَوْفًا
من أنْ تَتْرُكَ فيها أثَرَ إهمالٍ
تنفُضُ
بإصْرَارٍ الكنبةَ
التي
سقطَتْ عليها آلافُ النفوسِ والأحلامْ.
في الْمَسَاءِ حينَ كانتْ تجْلِسُ
إلى صديقاتِها
في
بيتِها وتَصْنَعُ
كعكةَ
"الكوجيل ـ هوبْف" لَهُنَّ
تحكي
كيفَ أنَّها
تُشْفِقُ
على هذا الرَّجُلِ المِسْكِينْ
تَحْكِي
لَهُنَّ
عن
كنبتِهِ الشهيرة
التي
يرتمي عليها كُلُّ زَائِرٍ
وزَائِرَهْ
وهو
ينحني عَلَيْهِمْ
وعَلَيْهِنَّ
كَمَنْ
يُنصِتُ لأصواتٍ بَعِيدهْ.
( طارق الطيب)
لوح الهذيانات الكبوشابية
سأنقش لوحا لوهمي:
كانت
"غنية" جارة لأحد الموسيقيين
في الحمام الملكي
والذي تشرف على إدارته اليوم شركات سياحة غربية
وكانت ـ أيضا ـ
قرينة أحدى الكنداكات اللواتي كن يداهمنني كثيرا في أحلامي
كنا
أنا و"غنية"
نلعب لعبة الجسد مقابل الفريد* الملون الذي تحبه
حين كنت أمتطيها على ظهر جوال عيش في غرفة مظلمة
ونحن أبناء السادسة
كان وجهها يلمع
ويلمع
…………….
…………….
أرتبكت
فركت عيني مرارا
فجأة
بدا وجهها شبيها بوجه "أماني ريناس"
التي راودتني عن نفسي مرارا
ذات أحلام
كانت "غنية"
ترتدي قرصين على شكل هلالين
مرسومة فيهما أغصان الكروم
وطاووسان نشرا ريشهما حتي غطيا الغرفة
بمعنى لطيف
لم أكن أدرك كنهه
غير أن أريج ذلك المعنى الغامض
كان يدفعني دائما لأن أحتضن "غنية"
التي تأتي دائما مختالة
رغم سنواتها الست
حين يروق مزاجها للإحتضان
كانت تأتي وحول رأسها ينمو شجر البراءة
وهو شجر ملقح بالإرتياب
كانت تأتي برداء شفاف
يصل إلى القرب من نزقها المروي
يعلو رأسها شعر مستعار
يعلوه وهم مستدير
ثم يعلوه عبق مستطيل
يحيط بالرأس
حين نفرغ من العناق
تنمو ثعابين أعلى رأس "غنية"
لم أرتعب
كان على الجبهة ثلاثة ثعابين
وكانت "غنية" تمسك بيدها اليسرى صولجانا
سقط حالما أحتضنتها
أما المنديل الأخضر الذي تقبض به على يدها اليمنى
فأنها تعصب به كوابيسها الإلهية
وحينما عرفت هويتها المروية
من مدرس التأريخ بمدرسة كبوشيه الثانوية العامة
في سنة 1971
جلدني مرارا
لأنني لا أجيد نطق إسمها
وبالرغم من قسوته
قلت له إنني أعرفها
وجلدني بقسوة أكثر
حينما قلت له في إجابة لي عن سؤاله:
"من أين لك معرفة أماني ريناس ؟"
قلت له:
"إنها كانت تراودني عن نفسي
في أحلامي
وأنها مرة
صدتني حينما اندفعت نحوها
لأنني بلا شلوخ
وقلت له أكثر من ذلك
أنني كنت أضاجع قرينتها
وكثيرا".
(أسامة الخواض)
"ويك اند" لعاطل عن العمل
أنْ تعمل ثمانية ساعاتٍ في اليوم
عشرة
أو إثنتا عشرة ساعة
وأنت تهبط وتصعَد مثقلا ً بركائب الرمل
في منحدر حفرةٍ عمقها مائتا قدم
إنّها راحة ٌ للبال
راحة ُ البال ِالتي بتّ أبحثُ عنها.
ليس من أجل النقود
ليس من أجل حبيبتي التي لا اُحبّ ُ
أن تتعارك معي حين أحاول ثنيها عن
شراء قصعتيْ "آيس كريم"
ـ في نهارات صيف
"هيوستون" ـ
لأجل رشفتيْ "عَرَقْ".
ليس من أجل قميص الحرير ذاك
المعلّق في معرضه على بطاقة: (72$)
اليغازلني لو إرتديته تخمش
"ماريسيلا" كتفي بأصابع كفّها
توخزهُ ذؤابة ُ روحي شاكّة ً نسيجه
وهو لا ينفتقُ أو يتكسّرُ .
ليس من أجل إقتناء : DVD (Sade:Lovers Live)
مرّة ً أخرى
ـ بعد أنْ تخليّت عن نسختي لرفيق
بكى عند سماعه ـ
ليس من أجل ترنيمة: (Immigrant)
أو تعويزة: (Jezebel)
بل ولا من أجل الدندنات كلّها:
الإثنتين والعشرين.
ليس من أجل وعدٍ قطعته على نفسي
بردِّ جميل لصديق ٍ
أو لصديقة ٍ
لأخ ٍ
أو
لأخت.
بل لأجل ِ راحة البال
من أجل "ويك اند" أمرحُ
فيه على هوايَ
بلا بحثٍ عن عمل
بلا رَهق
بلا إعمال ذهن من أجل كلماتٍ تسدّ
رمق هذي القصيدة.
(عادل عبد الرحمن)
صحبة
مايكل انجلو
1
الملوكُ
الذين مضوا
تركوا
أثراً اسمه نسيانَهم
مثل
(أليس) أو (كوش).. إلخ .
تركوا:
تيجانَ
ممعنةً في غرابةٍ
بقايا
هياكلَ عظميةٍ
رؤسَ
أسماكَ ـ أسماءَ يَصعبُ نُطْقَها
مراودَ
كُحلٍ ـ وصايا ـ مدائحَ منقوشةً على حجرْ.
بيدَ
أنِّي تركتُكِ
أنتِ
المُضُاءَةُ بي
أينما
حملتَكِ عروشُكِ
دماً
طازجاً في شرايينَ تَفْنَى
ويصعبُ
نسيانَكِ !
2
عند روما القديمة ـ أبواب روما
القديمة
تصحبُني
ممعناً في صرامة الدقِّة المتناهيةْ
لتصوركَ
الخيطَ في ثقبه الأرهف
لتصوركَ
الخطَّ والمنحنى
تصحبُني
في صداقةِ الحجرْ
يدٌ
ليدٍ
أصابعُ
لأصابعَ
ثم
في
مدخلِ الحانةِ
نقرعُ
كأساً بكأسٍ
تضعُ
النقطةَ التاليةْ
في
صفحةِ وجهٍ يتفرَّسُ تاريخَه.
3
أينا المفتاحُ ـ عند بابكَ أو عند بابي ؟!.
4
يَسْعَدُ الصمتُ
يَسْعَدُ
الحال
يسعد
نُطْقُ الصورْ
كلما
تُرِكَ المقعد خاليا
كلما
توارى صاحب المعطف
كلما
سُمعت شهقةُ العتمة الخفيفة
العناق
ـ ميثولوجيا الحضور!.
5
ما الحكمة..؟!
(الصادق الرضي)
بضع ثوان .. لا أكثر
غمضْ عينيكَ لبضعِ ثوانٍ
بضع ثوانٍ..
لا أكثر!
سترى اللغةَ تمرّغ صَدَفَتَها
في بقعة صمغ
سترى القمر يراقص أمعاء الصخب البري
سترى الصحراء تجفف سيرتها بأشعة الصمت..
سترى الغابةَ تسقط من سقف الجوع
(على رأس مَلينزي الزنجي)
سترى الحربَ تُرصّع جسدَ الذاكرةِ
بحبّات الألم الأبيض
سترى الشمس تغلّف قطع المالارْيا بالسكر
سترى السجن يُدلّك ساقَ العتمة بالڨازلين
سترى النار تهدهد، بحنانٍ، موجات الميكرووﻳﭫ
سترى البؤس الأزرق يصرع،
بيديه العاريتينْ،
شاشات السِنِمَا العملاقة
سترى الوقتَ يَنُشّ سحابَ الرغبات بذيلِهْ
سترى الشارعَ يمضغُ في الليل
نباحَ الأفكار الضالةِ
سترى الوطنَ المتشرّدَ يفترشُ
نهارًا..
أرصفةَ قصائدنا الخربة
سترى الماءَ يخرّ قتيلا..
برصاص العطش المحتل
سترى العمْرَ يمرّ سريعًا..
خشيةَ أن ترصده
عينُ قضاء
أعمى ..
سترى
في الظلمةِ
أشياءَ كثيرة
فيما أَتَجوّل
في كافّةِ أنحائك..
ويدي اليسري
قد دُسّتْ، كزجاجة سمٍّ، بين عطورك
ويدي الأخرى..
تعبثُ بالسرّ الأوّل
(حاتم الأنصاري)
وحيدٌ علي أرصفة الطلسم
(مجتزأ)
.......
صوتُكِ مصهور الجيتارات،
صوتُكِ مَحَفَة النسيان التي طارت في سَهَرْ الدنيا،
صوتُكِ العويل الحلو يُكلل الأفق بالتيه والأوشحة
أنتِ الأقاصي التي لسعتني بالجُروح والأغنيات
نثرت دمي على طعمك الآهل بالغياب والطيور
صوتُكِ غربة الأرض في الصلصال الأول،
يُسمِّي حدود الأجنة بالأسماء،
ويمنح الخطوات أعشاب الأمل
صوتُكِ
صيادٌ يكبح الوقتَ بالفخاخ
أيتها الخائفة من عذوبة النبوّة،
أيتها النابضة في لحم اللحظة،
صوتُكِ جنة تهدل بالحطام والأسماء ،
صوتكِ "نورٌ مطلسم مال على بعضو ميل"
صوتك مصهور الجيتارات النارية ترطن لحن الظلال.
•
لكنكَ أنت الضاري،
ترفع بَهْوَ الوقتَ بأصابعك المنحولة،
ترفع المدى نفسه بوتر الصلوات،
لكنك الضاري،
تتقن لعبة الأنصال، وتذرف الكنوز رأفةَ بالصلصال.
لكنك أنتَ الصلصال الضاري،
تعجنُ العالمَ بالألغاز، وترشق العدم بطفولاتٍ موصدةٍ بالبحر،
لكنما الحلم سجن يشهر أخطاء الشوق رأفةً بمواكبك،
مواكبك المجنونة.
•
مساء النور
يا قلبي
يا حجرات المنفى
( رحيم النيل)
قصيدة لم تكتمل
.. ليس لك.. غيرُك.. خذ بيدي..
سأُقاسمُك
النَّعش..
الورد..
والذكريات..
احترس..
السَّاعةُ
الآنَ قبل
نضوجي/
نضوجك
..سيدفعُني وجعٌ لبلوغِك..
هل
سيقتُلني الشعر إنْ
لم
أجد سبباً للحياة؟
السَّماءُ
نداءٌ..
وبعضي
لبعضي نبيٌّ..
أيا
زمني المتبعثر.. في زمني..
انا
حنينُك..
للمُتبقِّي
من الرُّوح..
نهرُكَ
عمرٌ من الياسمين..
سأعبرُ
نهد المساءِ إلى الليل..
رأيتُ
هناك امرأ القيس
يلعنُ
سمَّارَهُ والحياة..
غداً..
سيخوض الحنينُ..
ممرَّاتِ
قلبِك..
ستفتحُ
نافذةً للتَّحايا..
سريعاً
يمرُّ بك الغُرباءُ..
الغريبُ
يدٌ تتحسَّسُ فِقدانَها..
أنت
بوصلةٌ لاتجاهٍك..
تملُكُكَ
الكلماتُ..
تُتَوِّجُ
سنبلةً غيمةً..
و
تطيرُ إلى آخر
الجسد
المُتناثرِ فيك..
العصافير
ذاهبةٌ لألوانِها..
والمرايا
تعود لوجهك
فالكلمات
التي
لا
تصيبك تُؤلم قلبك
الكلمات
التي
لا
تذيبك تجرح صوتك
فاصنع
بها ما تحب وما تتعبد من وحشةٍ
في
مخيِّلة الوقت
اطرق بها
الليل
وانحت
بها الصلوات
افتح
صندوقَها لتطل السماواتُ
متْ
تحتها
يا
حبيبي انتظرني.. عند قاطرةِ الروح
سنمشي
قليلًا على الشوك
سينهدم
الليل من فوقنا
مجازًا..
مجازًا
ما
أوسع الصمت و الكلمات معًا
العصافير
بيضاءُ بيضاءُ
والوقت …
شجرٌ
يتسلل قلبُك للشارع العام
بينما
زهرةٌ تتعرَّجُ لون مراجلها
باتجاه
الغموضِ الوحيدِ على هذه الارض
احترق..
أنت
الفراشة والنار.
(حاتم الكناني)
( )
تمضغ عشبةَ الليل
بجوارك
النجمةُ تتبرعم في عذرية الحظ
عائلةُ الألوان في فكٍ عائلي
الحطبُ اللين تحت قدور الأفق
أنت تشعله بالتوجع جنوباً
في نوبة المغارب
العاملُ يستحق قنينة يأسٍ كاملة
ما قُطِّع بالمدية المتأففة
وما نضج تحت لهبةٍ نيئة
ليس كافياً
تنقصنا في هذه الموجة
عشرةُ أذرعٍ من عذوبة التماسيح
ما يسيئنا في هذه الدمعة
الأفاعي والأفاعيل
الأمور التي تدفع للأمراء
للبسطاء
للأكثر غموضاً من زوجة الوزير
السّهر وإلحاقُ الضرر بالليل
البقيةُ النادمة على الأجنحة
هذا ما هيّج صخوراً
وألهب مخيلةَ معادن
ليس اقتناء امرأة
ولا تكشيرة عضلة مُحب
ما ظلّ غامقاً في البشر
سماءٌ حذرة وبروقٌ بلا حشمة
التمارينُ الشاقة على ما هو أسوأ
البارحة دون هتاف
والعودة من النهر
بلا ضغينة
ما غاب برفق عن فطنة الليل
ما سقط عنيفاً فوق شجر الحقيقة
حيازةُ قارب
وخسران عصفور
(عاطف خيري)
هوامش ليلة الدم ..
السلام على الأرض:
حيث الجميعُ يخونُ الجميعَ
وحيث البلاد تضيق علينا
لتستوعبَ الأضرحة.
السلام على هوّة في السماءِ:
تقللُ من ثقة الصقرِ بالأجنحة
السلامُ على غفلةٍ في الدروايشِ
موجزُها الأبديُ:
"لكي تصلح الأمرَ..يكفيك أن تحملَ
المسبحة" !
السلامُ على العسكر الوادعينَ:
يحيّوننا بالرصاص وبالغازِ
يعطوننا دورةً في احترام البساطير
والأسلحة.
السلامُ على لحيةٍ لا تردُ السلامَ
عليّ
سأعذرُها
فهي مشغولةٌ باتباع الدليل
"إلى الشيك ذي الرقم الفلكي"
ومشغولةٌ بالتحققِ من كل نصٍ يؤكدُ
شرعيةَ المذبحة
السلامُ على الحبرِ والوسخِ الصحفي:
سيحشو المثقفُ غليونه بالأكاذيبِ
يحلقُ شاربَه "بعدَ ذمتِه"
ثم يكتبُ ألفَ كتابٍ يوثقُ فيها
مسيرته في التذبذبِ والأرجحة
السلامُ على القصر:
موسى سيكبرُ فيه
وفرعون لن يستطيعَ - وقد أمر الجند
والقابلات بذبحِ المواليدِ- أن يذبحه
السلامُ على آخر الصاعدين إلى الله:
إن سبحته ملائكةٌ بتراتيلها
فهو بالدمِ قد سبّحه.
(محمد عبد الباري)
زوارق محترقة
ــ1ــ
في
البَدء
كان
الوشمُ
نتوءًا
حالمًا
وكبيرًا
الموسيقى
نشوة
لم
تُدرَك
السريرة
أُنثى
بقلب مُتسلِّق
الكلام
صِنَّارةٌ
تلتهم
قمرًا مُرقَّطًا
إلى
يومِ القيامة
التاريخ
مزحةٌ
في فمِ شيطان
العشق
بئرٌ
ضامرةٌ
الوجود
حيلة
للعبور
والأقراط
نيازك
لاهثة
ثم
كانت أُمِّي
كلَّ
الكائنات
وأنا
أكورديون
يتدلَّى
يُطفئ
ورْدَها
وينام.
-2-
مثلما
يقتلُ الطَّنينُ
ذبابةً
ويُجرجِرُ
الغمامُ
قمرًا
رضيعًا
ويَشِمُ
الوقتُ الحكاية
مثلما
تسودُّ
فراشةٌ
وتُجهَدُ
وردةٌ
تفوح
الأسرار
وتتعانق
الوجوه:
أُحبُّك.
ـ3ـ
كنتُ
محضَ نهرٍ
يضجُّ
بالنيازك
في
يدي قربانٌ
وفي
قلبي
قناديلُ
والعالم
كارثةٌ
مُحتمَلَة
ثمَّة
غرابٌ يدلق عطره في ليل مُشتهىً،
تفوحُ
منه العذاباتُ كُلُّها
كُنتُ
رقصةً بنهدٍ
واحدٍ
ولم
أتكلَّسْ
مدينةً
بأعمدةٍ مُجفَّفةٍ
قلعةَ
نارٍ
أو
نصًّا
يُخلِّص ذيله
من
المِقصلة
كنتُ حزنًا
جبلَ
أوتارٍ
عرينًا
من الأسئلة
جيلاً
ناقصًا
نزفًا
ازْرَقَّ
من
هولِ ما رأى.
-4-
الكمالُ
زوارقُ مُحترِقة
ثقبُ
حنينٍ وضجَر
ذكرى
توابيتَ طائرة
مُعلَّقة
على جرْح طازج..
أعوامٌ
آيلةٌ للسقوط
على
بوصلةٍ عرجاء
مرآةٌ
تقفز بالزَّانة
تعبر
أقواسًا
وشفاهًا
واجفة
تتبخَّر
أقراصًا
وقراصنة.
(سارة عبد الله)
تينة التائه
*حتّى لو وشمْتَ البيضةَ كلّها سيخرجُ الطائرُ صافياً ، هكذا تعملُ الذكرى !
* ولا أحد! لا أحدَ يخرجُ من بطنِ الطائرِ قبلَ أن يقولَ: سبحانك ! ولا أحدَ يدخلُ قبل أن يقولَ : فوتوشوب!
*ليستْ تجاعيدَ ، ما حولَ عينيّ شقوقُ الكسرِ بعدَ أن - يا لِحَظّي- أخيراً ارتطمتا بقعرِ الهاوية !
* انْهض يا خاليَ البال ، انهضْ من يديّ ، أُريدُ أن أحُكّ لِهاتي ، اُريدُ أن أحُكّ قلبيَ الرنّان!
كانَ الفتى جميلاً كعُلبةِ الأشباحِ وغامقاً تضيعُ في بِشرتِه الطائرات ، كانَ شعرُه مُرّاً كالخلود ، وله نهدان جميلان مثلَ كلِّ الفرسان . لو سكتَ حطّ على فمِه الفراشُ ولو تكلّم زرادشت! قالَ : نعم؟ قلتُ : نعم ، قالَ : لا ، قلتُ نعم ، قال: كلّا ، بل تَمورُ في الحالِ حتى يخرج قلبُكَ من أصبعِكَ فتُشير فنُشير وتمشي فنمشي ولو على اليابِسة! قلتُ : يا تينةَ التائهِ ، يا قوسَ الطابيةِ يا هِلالَ العطشان ، يا زينةَ المسلوكِ يا بديعَ المهصورِ يا خليلَ العوّامين يا ساري ، اهدِمني ،فهدَم.
(حسام الكتيابي)
فناءات..
عابر أنت
مثل سقوط
الإجابات
التي
تهبط وأجنحتها
إلي الأسفل
متعلل دومًا
بالنسيان
*
عميق
هو جرحنا
المغسول بدفق
سوبيري
خلية الخصب
منبت الحراب
المقدسة ،،
المغروسة
نصالها
في مشيمة
الرماد
*
لعبة حظ معطوبة
سر بقائنا
النادر
فكم استبشرت بنا
المفرات
وخارطة
الوحل العالق
علي أرجل الحفاة
صنيعة
رياح الصدفة
ومزايدات
صانعي المطر
في عِرض
الصواعق
(أتيم سايمون)
وإلَّا
بَعْدَ يَوْمٍ..
يَأخذُ الثُّوَّارُ غَفْوَتَهُم..
يُدَخِّنُونَ الأُمْسَيَاتَ الشَّحِيحَةَ صَامِتِينَ..
يُقَبِّلُونَ حَبِيبَاتِهُمْ لِيَشْعُرُوا مِنْ جَدِيدٍ بِالْحَيَاةِ.
بَعْدَ يَوْمٍ..
تَرْجِعُ الثَّائِرَاتُ القَهْقَرَى..
يَخِطْنَ جِرَاحَ الشَّوَارِعِ مَشْيَاً عَلى بَقَايَا المَيِّتِين..
يَدْخُلْنَ بُيُوتَ الانْتِظَارِ مُجَدَّدَاً.. وَيَنَمْنَ.
بَعْدَ يَوْمٍ..
يَجِفُّ دَمُ الفَجْرِ المَسْفُوحُ فِي الأَزِقَّةِ..
يَنْسَى العَابِرُونَ مَذَاقَ الضُّوءِ..
يُحَيِّي القَاتِلُ قَاتِلَهُ تَحيَّةَ الصَّبَاحِ..
تَبْتَسِمُ البِلادُ للخَرِيطَةِ..
يَكْنسُ الوَقتُ حَوَشَهُ مِن حَفْلَةِ الدَّمِ..
يَبْقَى كُلُّ شَيءٍ كَما يُرِيدُ اللهُ.
بَعْدَ يَوْمٍ..
يَحْكِي المتَفَرِّجُونَ مِنَ الذَّاكِرَةِ..
كَيْفَ مَاتَتْ قُلوبُ الصِّغَارِ سُدًى..
وَكَيْفَ مَاتَتْ بِلادٌ عَلَى حُدودِ النَّجَاةِ.
بَعْدَ يَوْمٍ..
يَفْقَأُ الإِسْفَلْتُ ذَاكِرَةَ المَدِينَةِ..
يُخْفِي عِطْرَ مَنْ سَقَطُوا عَليهِ
طَيَّ أَحْذِيَةِ المُشَاةِ المُطْرِقِينَ..
بَعْدَ يَوْمٍ..
يَنْسَى الغَاضِبُونَ طَعْمَ الخَطَايَا..
يُنْكِرُونَ ظِلالَهُم..
يَخْتَبِئُونَ خَلْفَ سُهُومِهم.
وَيَرُوغُونَ مِنْ أَسْمَائِهِمِ الْقَدِيمَة..
بَعْدَ يَوْمٍ..
قَدْ يَعُودُ الذَّاهِبُونَ مِنْ أَحْلَامِهِم..
يُولَدُ الشُّهَدَاءُ فِي قَصَصِ الشَّوَارِعِ مِنْ جَدِيد..
يَثْمُلُ البَاكُونَ بِالذِّكْرَى وَرَائِحَةِ المُشْتَهى..
الأَيْدِي..
السَّوَانِحِ..
الخُذْلَانِ..
كَابُوسِ الحَيَاةِ..
بَعْدَ يَوْمٍ..
قَدْ يَنْدَمُ المَوْتَى عَلَى مَوْتِهِم..
وَيَنْدَمُ الأَحَيْاءُ.
بَعْدَ يَوْمٍ..
قَدْ يَرَانَا الشُّهَدَاءُ.
(محفوظ بشرى)
بهجة النسيان
(إلى أمي الثانية التي لم تلدني)
فيما كان
حذائي يلمع بين يديها، عند شيخوخة قدحت خيالها بذكرى أبي، قبل خروجه من المنزل
(أيام الحلفاء)... وحين جاءت لوحشتي من بلاد أليفة، بعد أن سكنت ساحل العمر، كنت
بعيدا، وكانت قريبة من كل شيء في غرفتي البائسة، حتى من
) التلفزيون) صديقها الذي يعرض عليها ـ
في غيابي ـ صورة (كوندليسا) فتقول لنفسها بصوت مسموع:
(هذي بنت سودانية )
.
وتلعن جميلات (العطور والشامبوهات...
إلخ) حين تبصرهن (على الشاشة) لأكثر من شهر دون تبديل سراويلهن، لا بسبب الجمال
والبياض؛ بل بسبب سراويلهن الداخلية المعيبة بالإضافة إلى ما يمكن أن يرشح عن تلك
السراويل بمرور شهر كامل ؟.
في الثمانين، أحبت الحياة كما لم
يحبها أحد من العالمين، وحين رأت صديقي الشاب الأعمى، دمعت عيناها وقالت:
)هذا أكيد من الملائكة) لأنَّ براءة
متدفقة حلت محل عينيه؛ ولأنها ضحَّت بـ (نكهة العمر) من أجل عينيها، حالما أمرها الطبيب
بالإقلاع فوراعن قهوة، قدحت مزاجها قبل ميلاده وأكتفت (خوفا من الضغط والعمى)
بمزاج نشربه على يديها.. صديقي وأنا.
في المزاج رأى صديقي الأعمى نشوة
المذاق بين جبال وجنائن ذكرته بقهوة أمه قبل ثلاثين سنة، وأبصر في البياض رائحة
خضراء تنبعث من فمه لتعيد إليه ذكرى الأشواق الوردية البعيدة في (كسلا)
بعد شهور من فراقها، أدرك صديقي
الأعمى: أن النساء (بهجة البيوت).
ففي ذلك الصباح كان يتحسس لمعان موقد
الغاز متعجبًا من يديها النظيفتين.
ذلك الصباح كنت بعيدًا، فيما كان
صديقي الأعمى يروي لها أمنياته الخضراء برطانة شيقة
:
(................................)
حينها، عرفت معنى أن يكون اليوم مزلاجًا
للشمس !
كما قال (التجاني يوسف بشير):
(................................)
محمد جميل أحمد
حارس الثلج
(إلى عثمان بشرى)
أعتقد
أن كل شيء هنا
في هذه
الحانة الخلوية
معدٌ
بإتقان
بعد قليل
سيتسلل
الأصدقاء واحدًا
واحدًا
الهواجس في
مكانها تماماً
شرائح
القصائد المعتقة
منذ دولة
توما العظيمة
والتي
جلبها في النهار
تاجر
البهار
بنابر سلطة
الوقت
موزعة
بعملية هندسية
سيدة
الحانة اجتهدت معنا كثيرًا
برغم ضنك الخلاء
الموحش
وحاجة
الآدمي لما يسد الرمق
في آخر
أيام الخريف
بعد قليل
ستدار الكؤوس
في صحة ما
تبقى
من بنات
الأمل الوطني
ومستقبل
الغابات البعيدة
يبدأ اللغط
الثوري
في كشف
قناع الخديعة القادمة
يشهر
الندماء دفاتر حزنهم اليومي
بعضهم يذرف
الدمع على أوراق المنفى
ومناديل
الحمام الغائب
يبدأ
الهتاف المؤسس
ضد الوجوه
الزيف
والقناعات
الطائشة
تدار سهام
الاتهام
على طاولة
العناق
والبكاء
على أطلال مملكة الهوة السحيقة
حيث اكتمال
الغيبوبة القصوى
حيث الطقس
البدوي وغيوم الشجار
حيث النار
حيث الكائن
الخلوي في وحشته
يحرس
بدهشته لوح الثلج الذي كان.
(الأصمعي باشري)
عِيَارُ القُبْلَة
(1)
في
البَدْءِ كانَ الْمَلَل
وفي
النهايةِ لَمْ يَبْقَ سِوَاه.
(2)
أصْحُو
واقفاً على القائمتين الخلفيتين
مُحَدِّقَاً
في الْخَفَرِ السَّمَاوِيِّ،
تُرَى
مَنْ حَرَّكَ السَّمَاءَ قليلاً
لِنَرَى
كَمْ هو مُوْحِشٌ هذا العُرْيُ بينَ لانِهَايَتَين،
تُرَى
مَنْ حَرَّكَ السَّمَاءَ قليلاً
ليزلقنا
في الأَبَد.
(3)
وَجَدْنَا
أُنَاسَاً يَعْقِدُونَ أرواحَهُم في أصَابِعِهِم
ويَسْقُطُونَ
في لا جَسَد.
(4)
أُسْبِلُ
قُرْبِي عَلَى بُعْدِي
أَضِلُّ
إلى الوَرَاء
مُتَقَدِّمَاً
عَلَيَّ
مُحَاذِيَاً
أَرْغَبُ
فِي أَنْ أكونَ ظَهْرِي.
(5)
العَالَمُ
تَيْسٌ أَرْعَن تَتَخَبَّطُ في أَمْعَائِهِ الخليقة.
سَذَاجَةٌ
جَمَّةٌ أَسْتَحِمُّ بِها مِنْ أَخْطَاء تَرْتَكِبُها اللُّغَةُ بِاْسْمِي
تُسَمَّى
شَخْصِيَّتِي.
شَخْصٌ
وَاحِدٌ أَوْسَعُ مِنَ الكَوْن،
لاحُدُودَ
للشَّخْصِ الوَاحِد.
الحدودُ
عَانِس.
(6)
لاحَظَ
أَحَدُهُم أَنَّنِي مَحْبُوسٌ فِي الْخِضَمَّاتِ
بَدِيعٌ
في الْمَوْعِظَةِ ذُو بَأْسٍ بَائِسٍ (مُغْتَصَب).
مُشْكِلَتِي
البوصلة؛ القادم، كَيْفَ أَعْصَابِي، أَو كَيْف؟.
أَرْفُضُ
الجنونَ؛ الانتحارَ، الْمَرَض
أُرِيدُ
أَنْ أَحْتَفِظَ بِحَوَاسِّي كُلّها
لأَمْتَزَّ
بِها وبإخْلاصٍ هذا العَدَم.
(9)
رَأَيْتُ
قَلْبَاً يُسَاطُ بِالنّعَالِ
فَيُشْرِق.
رَأَيْتُ
كُرَةً مِنَ الظَّمَأِ
ظَنَنْتُهَا
قلبي
فَاْبْتَسَمْتُ
لَها.
(10)
وبِمَا
أَنَّكَ اْسْتَنْفَدْتَ بَذَاءَتِي بِاْرْتِخَائِكَ فِي وَعْيِي
فَلَنْ
أكُونَ عفيفاً أيها العَالَمُ
وأَنْتَحِر.
(11)
صُورَةٌ خَلِيعَةٌ: العَالَم.
(12)
أُرْجُوحَةٌ
مُتَدَلِّيَةٌ بينَ خُصْيَتَيَّ
تَفْقَأُ
عَيْنَ العَالَمِ في الذّهابِ والْمَجِيء.
(13)
هُوَ
بِقَلْبِهِ الْمُؤَنَّثِ
يُشِيرُ
إلَى هذا العَالَمِ الْمَضْجَعِ فِي كُلِّ مَكَان.
(14)
كُنْتُ بَشِعَاً كَأَنَّنِي أَنَا.
(15)
(القَصِيدَةُ)
كُلَّ مَرَّةٍ أَلْمَسُهَا لأَتَأَكَّدَ مِنْ أنَّهَا حَقِيقَةٌ،
فَأَشُكُّ
في أَنَّنِي لَسْتُ حقيقيَّاً كِفَايَةً لأَفْتَرِضَ نَفْسِي مِعْيَاراً.
"عِنْدَمَا
تُحَقِّقُ الكِتَابَةُ وُجُودَنَا الأَعْمَقَ؛ لِمَاذَا نَسْمَحُ لأَنْفُسِنَا
بِالعَوْدَةِ إلى لَحْظَةٍ وُجُودِيَّةٍ أَقَلَّ أَهَمِّيَّة؟".
(16)
الدُّوَيْبَاتُ الصَّغِيرَةُ تَزْحَفُ فِي كُلِّ مَكَانٍ مِنْ جِسْمِي، والديدانُ الْمِغْزَلِيَّةُ الْمُشِعَّةُ والكَتِيمَةُ كَالْخَشَبِ تَبْزُغُ مِنْ مَسَّامِّي؛ تَتَعَرَّى وتَسْبَحُ وتَتَغَذَّى مِنْ قُشْعَرِيرَتِي، ويَنْتَفِخُ الْهَوَاءُ مِنْ حَوْلِي كَجُثَّةٍ ويَمُوت. ويُعْتَرِينِي شَجَرٌ بَذِيءٌ، وتَتَصَاعَدُ مِنْ كُلِّ ذلك رَائِحَةٌ مُتَمَاسِكَةٌ كَمِقَصٍّ؛ فَأَشْتَمُّ رَائِحَةَ الْمُسْتَقْبَل.
(17)
هَذَا السَّطْرُ بِهِ عَشْرةُ كِلاَبٍ تَنْبَح.
(18)
أَنَا:
جُلُودُ
الأَضَاحِي.
عَابِسٌ
بِالجَّسَد.
إِبْتَدَعَنِي
القَلَق.
(19)
والآنْ: سَأَتَعَلَّمُ الْمَشْي.
( أحمد النشادر)
فِي حُزَيْرَانَ
فِي حُزَيْرَانَ
فِي الشَّهْرِ السَّادِسِ مِنْ عَامِ الْمَذْبَحَة
أرَى
الْعَصَافِيرَ الْمُشْتَعِلَةَ بِالْحُزْنِ
تَجْلِسُ عَلَى ذُهُولِ الأمْكِنَةِ
تَجْلِسُ
حَوْلَ بُقْعَةِ الدَّمِ
حَوْلَ أَقْمِصَةِ الْمَغْدُورِينَ
حَوْلَ صَرْخَةِ الْبَنَاتِ فِي الْجِهَاتِ الْعَشْرِ
حَوْلَ نَشِيجِهَا الْمَدَنِيِّ
- مَاذَا بَعْدُ؟
الْعَصَافِيرُ
فِي حُزَيْرَانَ
فِي الشَّهْرِ السَّادِسِ مِنْ عَامِ الْمَذْبَحَة
قَدْ لا تَعْرِفُ الْبُكَاءَ
لَكِنَّهَا تَعْرِفُ الْفَرَقَ الشَّاسِعَ بَينَ الْقَاتِلِ والْمَقْتُولِ
بَيْنَ سُنْبُلَةٍ فِي حَقْلٍ مِنَ الحُبِّ
وأخْرَى
فِي حَقْلِ مِنَ الضَّغِينَةِ.
- مَاذَا بَعْدُ؟
الْعَصَافِيرُ
تَعْرِفُ الرِّجَالَ
وَاحِدًا
وَاحِدًا
تَعْرِفُ الْجُثَّةَ الْمُلْقَاةَ فِي النِّيْلِ
الصَّرْخَةَ الْوَاجِمَةَ مِنَ عَضَّةِ الْكَوَابِيسِ اللَّيْلِيَّةِ
الظَّهِيرَةَ الْمُرَّةَ لِقَلْبٍ يُعَلَّقُ فِي صِنَّارَةِ الْفَاجِعَةِ
تَعْرِفُ الْوَلَدَ الَّذِي يُشْبِهُ خَطَابَ اللهِ للْمَسِيحِ
(إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)
تَعْرِفُ البِنْتَ الَّتِي تُشْبِهُ صُورَةً عَمِيقَةً
فِي قَصِيدَةِ لِويسْ أرَاغُونْ
لَكِنَّهَا
لا تَعْرِفُ مُطْلَقًا
وإلى الأبَدِ
الرَّجُلَ الَّذِي يَغْــدِرُ
الرَّجُلَ الَّذِي يَحْنَثُ
الرَّجُلَ الَّذِي يَخْدَعُ
الرَّجُلَ الَّذِي يَمْكُرُ
الرَّجُلَ الَّذِي يَكْذِبُ
- مَاذَا بَعْدُ؟
الْعَصَافِيرُ
أبْنَاءُ اللهِ والتَّجْرِبَة.
(عادل سعد يوسف)
في
المرسم
على دفترِ الرسمِ
رسمتُ
أبي
سعلتُ
مِراراً
وأنا
أرسم
سجارتَهُ
مرميةً
أسفل
اللوحةْ
وحينما
أكتملَ الرسمُ
أعلاه
تركَ
أبي أصابِعَهُ
على
المنفضةْ
وصفعني
باتهامِ
أنَّ
في نيَّتي أن أدخِّنَ العُقبَ سرًا
لذا
رسمتُهُ
(شاردًا( !!!!!
(خالد عباس الطاهر)
( .... )
وتكتب في درب الوحشة هزائمَ تليق بنوافذك المشرعة على العزلة، تتفقدُ جثثًا طازجة على براد وقتك، مغموراً بما ظننت أنه الليل،
وتكتب اسمك المندلع في الأقاليم،
أقاليم الهاوية،
بيأس لامع وكآبة مضحكة،
ماذا ظننت؟؟
تركض حول رأسك المجاهيل، وتتناثر داخل سيرتك الخرائط،
تزهر السنوات الشائكة.
يا قبر اللحظة،
اشتعل،
تلك المسالك التي نادمتك ونامت، ترقصُ الآن ومحتدمةً خلف ما عمَّدته يداك، خذ من أهوال الرحلة ما يليق بالعدم، واشتعل بالرؤى والخوف والتخاريف،
هذي الفجيعة الساهرة تحضِّر دمك لما سيغمركما من قبائل في الأبدية.
يا قبر اللحظة
اللحن الذي يهد الخطى والحقل والقناديل ويوغل في النخاع، مثل جهنم، يسيل الآن في الزمان ويغمرك بالوقت كله، والنوافذ الملوعة لها عندك أحراش ومطاردات، وفراق يعرِّش قلبك
يا قبر اللحظة.
(عبد الرحيم حسن حمدالنيل)
غَرَقٌ يَتَنَزَّلُ عن أسْمَالِهِ - شذرات
في أنْخَابِ الحَيْرَة
تَرْفَعُنِي الأَسْقَـام
تَتَجَرَّعُنِي بمَرَارَةِ
الحِكْمَة
***
أُرَتِّقُ الظِّلَ تَحْتَ سِدْرَةِ
الضَّبَاب
أرْفُو تَهَدُّلَ النَّظْرَة
أغِيْبُ فِي مَشْرِقِ السَّمَاحَة
في احْتِدَامِ السَّرَاب
***
السَّاعَةُ دُرْبَـةٌ بِظَهْرِ
الصَّحْو
كَيْفَ يَتَفَوَّهُ الأَبَد
مِنْ فَيْضِ العَيْن
دُوْنَ أنْ يَغْرَقَ فِي
البَدَاهَةِ؟
***
أُغْمَرُ فِي الزَّمَنِ
الاكْلِينِيكِي
مَشْذُوْبَةً بِنَصْلِ الَّليْل؛
أُسْقِطُ الأَرَق
لمَرْتَبَةِ الكَوْن
***
هَذَا الشُّحُوْب
نَظْرَةٌ
انْكَفَأَت
فَلَمَحَتْ قَلْبَــهَا
****
أنْجُو فِيْ الدُّهْمَة
بِزَهْرَةِ الأَسَى
..
فِيْ لُحْمَةِ الفَقْد
بِصَلِيْلِ الجَّسَـــد
***
جُثَّةٌ تَطْرُقُ بَيْضَةَ المَوْت
وتُبَارِزُ طَوَاحِيْنَ الهَوَاء ..
ظِفْرَاً بِجِدَارِ الَّليْل
وَتَهْوِيْدَة
***
آيِسَاً..
كَبَذْرَةِ هِنْدِبَـاء فِي
العَدَم
***
تِيْهٌ يَتَهَتَّك
جَحِيْمٌ وَاحِدٌ لايَسَعُ
شَاعِرَيْن
***
كَانَ مُمْكِنَاً أَنْ نَنْجُو
بِتَمْشِيطِ الغَّفْلَة
مِنْ أَلْغَامِ العُذُوبَةِ
السَّاحِقَة
***
مُتَنَزِّهةً بِحِيَلٍ
اسْتَاتِيْكِيَّة
أهِيْمُ عَلَى سَطْحِ الغَرَق
بِخِفَّــةٍ سَائِلَة ..
" ِغَرَقٌ يَتَنَزَّلُ عَنْ أَسْمَالِه"
(ميادة محمد الحسن)
غريغور
ماندل
التوجُّه إلى الغشاء،
إلى كلمةٍ محيطةٍ مُشقّقةٍ يَدرأها طوفانُ ألسِنتِها الرّخوة،
إلى تَسافُدٍ طويلٍ بين الأدمةِ والإبرة كافكا،
إنّها طريقةٌ أخرى جافّةٌ للكتابةِ عن شيءٍ لزج
لا يَلبث، مخترَقاً بالذّكاء المقرور،
بالتحوّل من صيرورةٍ شديدةٍ إلى معبودٍ كئيب.
في أنبَلِ الفُرصِ لا يُساوي الطريقُ مسافةً بين نقطتين
ولا يُساوي ضجراً يأوي كنوزَه في العرَاء
مشوارٌ كرتوني يَبدأ من بيضة أو دجاجة الاختلاج
مِن عَلَقِ مدارِ السّاعة يشحّمُ الثقبَ المطِلّ
من شُقوقٍ عُصابيّةٍ تنضجُ وتتقصّف
بالوجودِ الجائسِ الكثيفِ للصّوتِ البشريّ،
مِن شمسٍ صغيرةٍ تُشبِهُ سُهولاً معيّنةً في مارْشات إسماعيل عبد المعين.
في أنبَلِ الفرَص
مثل فرصةِ بساطةٍ واحدةٍ مُهمَلةٍ كهواءٍ أُدرِجَ في أولمبيادِ ﭬـرجينيا وولف
تسبحُ فيه من حجرٍ لحجر
لا تُوجَدُ مسافة،
تُوجَدُ نظرةٌ طويلةٌ أبديّةٌ
تَلِدُ الأبديّة.
الضّحكةُ بنيانٌ في الجوّ،
معمارٌ سياسيٌّ
مُضطردٌ
يتفشّى
مُنتصراً
وحيداً على
تهمة الحرّية.
يَنطوي الكتابُ على قداسةٍ ضروريّة: التعفُّن البطيء
لذلك نفرَحُ بالكتبِ النافقة،
بالأفكارِ التي نُعطِيها احتضارَها فنَحميها من الخلود،
بمصائر ِالحلِّ المقيَّدِ إلى مِسحَلةِ الجوع،
بالاصفرارِ المعقورِ لهياكلِ السّحَرةِ السِّنسكريتيّين،
يُحونَ حيّةَ الحقيقةِ التي أكَلت أرواحَهم
وينامُونَ في العراءِ مُستخِفّينَ بالإيمانِ
الذي دفنُوهُ مع غريغور ماندل في حقلِ بازلّا.
(نجلاء عثمان التوم)
نَحْوَ
قمَرِ الباطِنِ أزْحَف
يا ذاكرةَ الشَّمْسِ المَحْكُوكَةَ
برنينِ عربةِ الهُلاس الرَّصاصيَّة إنَّ يديكِ تهشَّان المياهَ التي ألْجَمَتْهَا
اللَّهفةُ بحبلٍ مفتولٍ من خيوطِ قميصِها وغيابِها،
والوَجْهُ
الذي اْلتفَتَ بحيرةٍ قبالتَك،
ما
كان إلاَّ وجهُكِ ذاتُهُ، منقولاً بدقَّةٍ من رقعةِ كينونتِكِ إلى رقِّ الأفق
الجلديّ!.
غائماً
كانَ، ومتوارياً خلفَ ملكوتٍ مهتَزّ،
ملامحُهُ
مَلْصُوقَةٌ بلعابِ المهارةِ الناجزة،
وفي
إستدارتِهِ الطَّفيفةِ نحوَكِ لَهْوٌ مبلَّلٌ بالغيابِ وسَرْنَمَةٌ مقصوصةُ
الرُّؤْيا،
فكان
أنْ تهيَّأ للرَّنين الملفوفِ بعنايةِ حولَ مِبْسَمِ الوَهْلَةِ أنْ يقرأَ - وسط
شوائبَ من رغبتِهِ البسيطةِ في تقبيلْ العدم - أُكتُوبَةَ الويلِ المهْرَقةَ
كالحُكَاكِ إذْ ينتابُ المطرَ وهو يقاتلُ الرَّحْمَانَ على مفاتيحَ دُودِيِّةٍ
مختومةٍ بأبواب المواسمِ أوْفاقاً وتعْمِيَات.
إنَّها
الحمامةُ، - يا صوتَكِ المُرَجَّلَ بآثارِ خُطَى الخريفِ على قلبِ الحكايةِ
المحترق - تحرثُ - عاقدةً جبينها بهُراء الغيومِ الوسخة -
حقلَ
اللَّذَّةِ، روضَتَها، وتبسطُ على النَّأمةِ أرْصادها الزَّمانيَّة الجديدة،
فتقومُ
فوق الزِّئْبق حالةٌ مجرَّدةٌ من الغبنِ، تعصفُ كشتاءٍ جنينيٍّ مخبولٍ خاطفٍ ثمَّ
تهمد، تاركةً على الزُّلالِ الرَّجراجِ الأبِيِّ بقاءً غامضاً يشفُّ عن إحداثٍ
بيانيٍّ مقطوعٍ، يُشْبِهُ جُمَارَ الهندسة في مراحيض أطلانتس، والحمامة، لاهثةً،
تنحتُ أقفالاً شمسيَّةً من بازلت الرُّبَّما.
هي
العبَّاسيَّةُ، حمامةُ أورانوس، تجرشُ رفيفَها الجافَّ على رَحَى الهواءِ
النَّفيسِ، وتشدو:
ــ
( يا هواءُ
يا
مكنوناً داخل اْبتسامة،
يا
مُجَوْهَراً بأنياب الهدوءِ الصَّاحب،
وَجِّهْ
بذورَ الاسمِ نحو كونةٍ أُخرى،
أمَّا
كفّك،
فَسِرْ
بها على خيال الحرامات البورِ
واْمْحُ
الطبيبات،
أُمْحُ
الطحالبَ القياميَّةَ مُوْدَعَةً في جميلٍ يذِلُّهُ الشَّفق،
أُمْحُ
الرملَ الرَّاسبَ في جفنِ رحلتنا الباسلةَ نحو أيدينا،
واْجمعْ
بأنامل النُّحاس التي لك ما تساقطَ من جوعنا النَّاضج،
أنتَ
يا أُمَّنا.)
إنَّما
الكونُ حصاةُ تتدحرج مع القوافلِ عبرعينٍ مسدَلَةٍ فيَّاضةٍ بالعراءات تصُبُّ في
غابةٍ ملفوفةٍ بقوسِ قزحٍ طفلٍ، وتتعرَّجُ بين اصطخارات السناء الهيِّنة،
متخلِّلةً دغلَ الفراسةِ الحديديَّةِ المحْتُوتةِ بلَّورةً بلورةً تحت سافَنَّا
المدارات الفاخرة، متخطِّيةً حلبةَ الملامح إلى عُضَالٍ مَطْرُوزٍ بالعصافيرِ
ومطاعنِ الذَّهَب.
يتزلَّجُ
الكونُ ثَمِلاً عبر ذلك كلّه، فَتَلْقَفُهُ يَدُ أَمِّنَا وتُقَشِّرُه
ثُمَّ
تَفْقَأُ وَاوَاتِهِ المُسْتَعْصِيَاتِ على مقالةِ الهلال، لينفتحَ في الإثرِ
إثنان وخمسون نهراً أسوداً متأهَّباً بعيونِهِ وتَقَرُّحَاتِهِ لِتَلَقِّي ما
تحلبه الأمُّ من عُصَاراتِ المَخِيضِ الكونيِّ اليابسِ الذي عجزت الشمسُ
المربِّيةُ الشَّديدةُ عن أن تجعلَه لائقاً بخيولِ أمراءِ أورانوس.
أمّا
الجلالُ المنحوتُ من نَقَاوَاتِ أخوالِ الفضَّةِ الثَّرثارة،
فعابثاً
مُسْتَهْزِئاً في قلة الطيرِ، يتبلَّلُ بالصَّباحاتِ المتناثرةِ من شفاهِ الأبقارِ
الطَلِيقَةِ في سَهْلِ الخَاطِرِ الوَعْر،
الأبْقارُ
التي تُبَعْثِرُ بأظلافِها الْبُرُوجيَّة هَوَاجسَ الحَجَرِ الأَرْقَانِ، باحِثَةً
عَنْ وَقْتٍ طائشٍ غَافلَ الرُّعْيانَ وأنزلَقَ مِنْ على مُتُونِها جارِفَاً
مَعَهُ الوَرْدِيَّةَ الأجْنِحَةَ والمَرَاثِيَّ والخَشَب،
ومِنْ
وَسْطِ فُتَاتِ الهَوَاجسِ وتَعَرُقَاتِ الحَجَر، كان صَوَتٌ أخْفَى، يَتَسَلَّقُ
النُّسغَ السَّرَطَانيَّ المُتَفَتِّقَ في طالعِ المِيَاهِ الفارغة...،
وَلَكنَّ
نُشوبَ الصَّخرِ في الحوافِّ المُسْتَدِقَّةِ لِهامةِ العَبَث،
يُعَرِّضَ
الوقتَ المُغامرَ في هيأتِهِ المصْنُوعةِ لإخْتِطَافٍ مُبْطَنٍ في ما يُشْتَبَهُ
أنَّها أصابِعُه.
لا،
فألزُجاجُ الآنَ يَرْفَعُ تُهْمَتهُ الصَّفراءَ التي تَسَتَدِلُّ على بَذَخِها في
علاماتٍ فاحِمَةٍ مُسْتَوعَبَةٍ طَيَّ الزَّمنِ الخاصِّ كَعُقْلَةٍ أو كَبُرعمٍ
على جذوعِ الأفْكارِ اللّيّنة،
ما
في مُسْتَطَاعِ الوقْتِ، برغْمِ حِذْقِهِ وصَلَفِهِ، أنْ يُسَوِّي عمامة الفارس
الحمراء،
ولا
أنْ يَتَنَاولَ ذاتَهُ الهَضِيمَةَ التي اْنحَلّتْ عَنْ خَيَطِها الباقي خَفِيفاً
مُعْلَقاً بحَلَمةِ الأذُن،
وتَرَدَتْ
كَرِيمةً كريمةً،
فَإنَّ
باباً ما، يَمِيلُ شَرِيفاً، بحَنَانٍ، نَحْوَ الذاكِرَةِ المُقَلَّبَةِ بمحراثِ
الرَّنين،
كَأنَّما
لِيَلْثُمَها
كَأنَّما
لِيُخْبِرها، أنأ قَمِيصُكِ المُموَّهُ بالحَطَب،
كَأنَّما
لِيَشْتَغِلَ أنْحَاءها بِحَائِكٍ مِنْ غُرُوب،
كَأنَّما
لِيَمْرُقَ عَبْرها، ثُمَّ يَصْرُخُ بفَخْرٍ أحْمَقٍ، يا للعالم!، ها قد عَبَرَتني!...
مُسْتَكْثِراً
على الهُلاسِ بَنِيهِ المَاهِدِين جِبِلاتِهِم الخَطَّاءةَ لِرُقَادِ الحَرْبِ
ولِلسِفَاحِ المُؤاخى،
يَصيحُ
كَجَمْرةٍ بَصِيرة،
أيَّها
الْبابُ الضَّاربُ رَمْلَ الرُّوح،
أدِرْ
وَجْهَك نَحْو فَنارِ حزْنِي،
أيَّتُها
الرُّوحُ الضَّاربةُ رَمْلَ اللّهْفَةِ،
أدِيرِي
وَجْهَكِ نَحْوَ البابِ،
نَحْوَ
نَفَسِهِ الطَّافِيةِ فوقَ زَبَدِ المقاومة،
واعْبُرِيني.
(محمد الصادق الحاج)
الحياةُ الوفيرةُ
أنا حيٌّ حبيبتي
فأصابعي باتجاهاتِها جميعاً
ساعيةً نحو الأزمِنةِ الهارِبةِ
في السُّطور
والزّهرُ النّضاحُ الذي ربيتهُ
مُذ كُنتُ شاطئاً راكِضاً بعيني
أُنثاي
فكبُرَ وأضحى أريجاً ثرثاراً في
أورِدتِها
وللتأكُدِ أكثر
فقد خرجتُ جافَ الحوافِ والجوفِ
من حُلمٍ وافِرِ الرّعد والمطر
وأيضاً
تشتّتَ بعضُ دمي قُدامي
حين أردتْ رُصاصةُ البؤسِ فؤاد
بلادي
وأيضاً وأيضا....
ها أنا حيٌّ حبيبتي
أمشي في جُثثي
(بله محمد الفاضل)
ينبغي لي
كان ينبغي لي أن أسقط
صرخةً
تنزلق مِن ثغرِ الليل .
أن أذوب في وعاء وقت
يتسع
فقط للحزن .
أن
أمزق جسدي وأتلاشى خفيفاً
في
وحلِ الفراغ .
كان ينبغي لي أن لا أنام أبداً
طوال
الليل .
فأظل أحدق ملياً في ظلي
كأنه
مِن زمن آخر
لا
يعرفني ولا أعرفه ،
فقط
أصطدم بي صدفةً
في
منعطف ضيق يغص بالعبث .
كان ينبغي لي أن أمضي وحيداً
نحو
الضفة الأخرى
حيث
الصمت وحده يصرخ
في
وجهي
دون
أن أقوى على كبحه .
كان ينبغي لي أن أتلاشى سريعاً
في
برهةٍ ، دفعةً واحدة ،
كضوء
يفيض مِن عينيْ الشمس
لحظة
الغروب .
لم تمر لحظة دون أن أفكر في موت ،
في
خلاص أو حتى خراب يضع حداً لكل شيء .
في
خضمِ هذا العبث الذي يغمر الكون ،
ليس
بوسع رجل مجنون مثلي ، أن يفكر ، أو يحلم
بنجاة
الكون عبر أمل يهبط مِن سماء بعيدة ،
آن
تدحرجه ، كحجر مصقول ، يدا الرب .
الخراب
فقط ما أنتظره بصبر كاد أن ينفد ،
وبيأس
فاتر لا يثمل مراهقاً .
كان ينبغي لي ألا أحصد
غير
خيبةٍ تتمدد
مرةً
إثر أخرى .
كان ينبغي لي ألا أحصد
غير
يأس طازج
يندفق
مِن جثةِ الحياة .
(عبد الوهاب لاتينوس)
العتبة
قبل الأخيرة
في الآونة الأخيرة ،ساءت علاقاتى
مع كل من علقتُ معه
حتى
الجار الذي أدمنت نظراته سوقية الهوى
لم
يعد يستفزني الصمت لأصرخ
ولا
الكلام لأتفرّس ملامح المتكّلم عنهم
غواية
الورق الأبيض تشكو برودة حبري العام
الشّهيد
المعلّقة صوره في كل مكان بعيداً عن ” شوفي”
هو
نفسه الفتى الذي هتفت بالأمس باسمه في مقدمة قوائم المطالبة بحرية المعتقلين
الآن
لا شيء يسترعي اهتمامي
رغبتي
المتعمّقة في اللا انتباه هي كل ما أملّكه لأناي
“المسافة
بين الآن والغد نفسها المسافة بين الآمس والآن”
هكذا
قالتها أنثاي في هدوء ببغاوي عندما سؤلت”بما تفكّرين”؟
السّرعة
التي تقاس بالمسافة على الزّمن سخرت منها القوانين الكونية
بعد
أزمة الصمت ولذّة النّظر للجزء الفارغ من الكوب الممتلئ حد اللّا فراغ
الزّمن
لحد المتشبثين بالأحلام الواهية
اللغة
التي لا تحتمل قوانين “كبلر” تناسبني تماما
تليق
بكوني محض رغبة تتكلّف أفكار تُحققها كسلاً
السّاعة
الآن الحقيقة كقضاء الله لا مهرب منها
وقضى
الله أن أغض الطّرف عن كل ذي قول
يثير
قيامة الكلمات في ذاكرتي الصدئة.
(إيماض بدوي)
وَحشُ
التجوَال
(1)
أتجوّل في أمعاء وحش أطلَّ بقلبه
الخفّاق
على
هذه الدنيا
كما
تُطلُّ الوردةُ بذبولها في نهاية المطاف،
والثِمار
بتفسّخها بعد انتهاء القِطاف.
أن
يَنسى الزارعُ أحلامه ويقطف كوابيسه بشرهٍ مُتعمَّد،
أن
يَنَال الساقي مِن مَن سقاه بقوّة فيضان المياه.
أتجوّل في أمعائه وأحدّق في
البنايات الصارمة التي تأسَّست هناك بقوَّةِ الجَرْح،
ومن
خلال ضلوعي الحزينة أتنفّس الهواء القليل الذي مُنِحَ لخائضٍ مثلي.
وفي
الأثناء تتكشّف الأمعاء عن جُثثِ الكثير مِن مَن خاضوا،
وتبدو
نهايتي، مع هطول الفضلات القاسي على الرأس والقلب، مَعقولةً
بل
مُشتهاة.
فلمن
خاضَ جحيماً كهذا حُرِّمَت عليه الشكوى
وانخَسَفت
بداخله الطيور المسجونة لأن لا مُبرِّرَ لحريّتها
في
عالمٍ يؤمن بوجوده المُطلق في كلمة (القفص)!
أيتها
السماوات، التي شاهدت الانتهاك المُبرّ لجراحات شاعرٍ وحيدٍ يعوي،
كيفَ
تمرّين على الأرض، يومياً، مثلما يعبر النهر مجراه، دون أن تسقطي؟.
(2)
وفي
أعماق الأشجارِ راحت عليك الدنيا وأنتَ تُشاهد
النهرَ
يتصاعدُ ويضحكُ في الأوراق وتضربه الشمس،
وفي
أعماق الجبال لاَنَت لك الغربة فرأيتَ
فَرَحَ
الغارِ بمتوحِّدٍ يتوجّه إليه براحةٍ زلزاليَّةٍ تهدّ الجبال!
وفي
أشغال الوردة كنتَ المغتال لحظةَ أن حطَّ نحلٌ ليلتقطَ حياةً،
ليَنقُلَها
لحياةٍ آخرى.
وفي
الموتِ نلتقي كذلك في عين الوحش التي تَنظر،
تُحدِّقُ
في لؤلؤة المصائر وعنفوان خيالها،
امتلائِها
بطاقة الرفض والتمرُّد،
واحتشادها
بجيوشٍ لم يُخلَق مثلها إلا داخل الحرف واللغة.
عين
الوحشِ تحدّق بقسوةٍ في لؤلؤة المصائر على كفِّه تَختَنِق!
(3)
يا
لحزني الذي يسيرُ بأقدامه السائلة،
يفتِّشُ
عن طرقكَ الهائلة،
ليلتقط
أنفاسهُ وينتقمَ من ذاتهُ،
هذا
الحزن المتروك على قارعةِ الريِق،
يبتلعُ
ما كانَ مِنهُ، ويَلفُظُ ما شَانَ وجهه بالحريق.
وبين
الدخان تَقَدَّمَ واختار الخوض في أمعاء الوحش،
على
أرضها الخصبة، بالجثث، زَرَعَ ما يَلِيه،
في
انتظار ما يليكَ يا قاسيَ القلب، يا الله.
(4)
في
الصحراء الغامقةِ لَدى الواحةِ رأيتُكَ تُمسكُ روحَ غابةٍ تَعزف بهِ،
القمرُ
كان جالساً على التراب الناعم
وليلُكَ
المسجون في العطش ينتاشُ أضواءَهُ؛
الواحة
كانت مليئةً بأشباحكَ
والغابةُ
تتقدّم من دَمِكَ،
لا
مانعَ لأهوائها سوى هذه الأشباح،
لا
منقِذَ من حقيقتها سوى الانطلاق الحرِّ في أشلاء الجثث الملقاة في الغابة.
هناك،
وسط أنواء اللون الأخضر المُحمَر،
وتُخبرك
الشلالات بأن لا مفرَّ من جنَّةٍ صغيرة.
أراقبك الآن في هذه الصحراء
الداخليَّة،
ينتشي
خيالُكَ ويتغذَّى بكوابيس متراكضةٍ في عروقك،
وجذورك
تَخرقُ الأرض تُمسكها من تلاليبها الملتهبة،
أراقبكَ
تَتَفرَّع في هواء الجحيم متنفِّساً جميع الحرائق بنشوةٍ غامضةٍ
وأصغي
بأسراريَ الصغيرة المتكوّمة في الرمالِ بينكَ،
وبين
سيّدنا القمر.
(5)
ولكن،
في
أمعاء الوحش السريَّة
غُرَفٌ
تُبنى بأحلامٍ صغيرةٍ
تُشِعُّ،
من جدرانها المبنيَّةُ بالنسيان، أجرامٌ
تمشي
في الأرض؛ في الأسواق بين الناس،
تأكُلُ
الطعام تحاول أن تتذكَّر الحب.
(6)
الآن،
لا
مفرَّ من سلوكِ السلوكِ الذي مُنِينَا بِسلُوكِهِ:
لنقتعد
لنا مقعداً قصيَّاً في ساحةٍ مَا نَحنُ إلا جزءًا قصيَّاً من بُنيانها الداخليّ
القديم جداً، المصقول بالحروب الكونيّة المتعاقبة: الموسيقى المتآكلة بفعل ما
صَنَعته من جثث، والشعر الذي لوَّثَ صرخاته بتشذيب أظافر اليَدِ الظالمة. نحن في
حانةِ الوحش نحتسي أمعاءَه، ومع كل ضربةٍ وأخرى تُصاب الأرض في مقتل، وتُفضح فداحة
المِيتات الفرديّة المتحوّلة - بقوَّةِ ما تَبَقَّى من اختلال – أرقاماً لا تسمنُ
ولا تغني من جوع!.
(7)
ففي
الأمعاء، لا تَخف،
يتفتَّحُ
الدرب أمامك ببساطةِ وردة؛
وسط
روائح الموت الغالية،
وسط
الأطراف المُقطَّعة والدماء الحارّة،
هناك،
وسط الناس والأشياء والعَفنِ يتفتّح الدرب:
من
خطواتكَ تنقشع ذواتك الكثيرة،
كاشفةً
عن أنفاسها المُتهدّجة،
مُعتصرةً
قلوبها أمام عينيك،
منحنيةً
تدعوكَ لوليمة الآلام،
رافعةً
لك أقنعتها احتراماً وإجلالا!
.....
ثمّ
أن الشكوى هنا لا تجوز.
يجوز
التربّص واقتناص اللحظات فقط!
(مأمون التلب)
( ....... )
صَحَوْتُ
على صوتكِ هذهِ المرَّة ، بألمٍ في الكلمةٍ التي لمْ أقلها ، الكلمةُ التي
تَجذَّرتْ في الروحِ كأنينٍ مُلْتَصقٍ بالعظامِ ، صَحوْتُ وعلى الحَلقِ أشجار ورياحْ
، تخبرني بالمشاهِدِ التائِهةِ في ملكوتٍ لا نعي مَغاليقهِ ، نحنُ أبناءُ الفجيعة
الكُبرى ، لنا مِن الوجعِ نصيبٌ كنصيبِ الطبيعة مِن حقولها ، نوزع اللهبَ على
الموائِد الممدودة في خطوطٍ لن تلتقي ، موائد من صُنع القدرِ الماهِرْ ، خاوية على
عروشها ، فيها نتقاسمُ الخبز كالحكايا ، نتقاسمُ الحساء كما تتقاسم البنت أسرارها
مع المرآةِ ، صحوتُ على صوتكِ كسولاً مِن فمٍ كسولٍ
تتثاءبُ الكلماتُ فيهِ ، سَرتْ في الدمِ كما تَسْري الآلام في القلوبِ العَاشِقة ،
كثيراً ما تمنيتُ أن اكونَ أسيراً له انا الغائب في أبدٍ يجمع بين الصِفاتِ
والهِباتِ في جسدٍ واحدٍ ، كالظنونِ تعبثُ بضفائرِ البالِ ، أيُّ حالٍ هذا الذي
يصنعُ مني فزّاعة في حقلِ عينيكِ وانا الذي لا ثمرَ لي ولا سَمر
.
صوتكِ الذي يُرَى ، يطوف بالبلادِ المرهقة ، البلاد التي نما الريش على أطرافها فصارتْ مأخوذة بالتحاليقْ ، صوتكِ يا منبع اللطافاتِ يسري في الآذانِ كالأذانْ ، حنينُ المحطاتِ ووحشة البيوت المهجورةِ ، حديقةُ العينِ في زهوها ، يُغيِّبُ ولا يَغيبْ ، في كلِّ وجعٍ يسكن الروح هو البلسم ، كان يمضي في اليبابِ فَيَنْضُر ، وإذ نُوديَّ للحبِّ يكون أول الحاضرين ، صوتكِ محبَّة الصوفيُّ لشيخهِ ووقار الشيخ .
وأقول في خاطري تريثي يا لهفةَ الأعضاءِ ، تريثي يا بنتَ اللهبِ في احتراقكِ ، تريثي يا حديقة البيتِ حينَ تنثرينَ رحيقكِ على الخيالِ ، تريثي يا نافذة البيتِ ، وأبوابه ، وجدرانه ، ورخامه ، وأوانيه المصنوعة مِن ألقٍ مليءٍ بالقهقهاتِ الناعمةْ ، تريثي في القتلِ ، دعي النار تفعل بالجسدِ أفاعيلها ، دعي الجسد يفعل بالماء أفاعليهِ وأغلقيهِ على نسمةٍ مِن عبيرِ زِنْديكِ ، لطالما ارتوى مِن التناهيدِ المُلقاةِ على المسامعِ كالقميصِ ، تَمهَّلي يا سورةَ مريم .
أدريانو حامد
عازف البيانو
الأعمي في ميدان فورست
أو
ظل
بلا أثر
اللاجئون الجدد هم أكثر الغرباء
تيهًا / كائنات حائرة تتوسط المابين/ يقفون على حواف البكاء بلا دموع في أعينهم
حنين راعف للمستحيل وتوق حارق للخلود/ هل تكفي الأبدية لتعويضهم زهر سنواتهم
المسروقة وغدهم الغامض ؟
بنصف
ذاكرة يعيشون /
نصف
هنا /
والآخر
هناك في بلاد بعيدة /
دائماً
يرتدون ملابس لا تلائم الطقس/ بشغف من يريد أن يغير العالم، يتابعون بنهم كل نشرات
الأخبار العالمية ثانية بثانية، تذبحهم عناوينها الدامية / فلا ينتبهون لأحوال
النشرة الجوية فيبللهم المطر/ يهيمون في الطرقات مرتجفين مثل طيور يتيمة / يحاصرهم
إرتباك شائك وبعض حرج / يصبون لعنات خرساء على السماء الغريبة التي تمطر بلا بروق
أو سحب داكنة / ويعودون بنصف ذاكرتهم لإجترار لعنات أزمنة دائرية أقتلعتهم فجأة من
تحت سماء يطمئنون لها ويعرفون كل تحولاتها كأصابعهم المعروقة /
ذاك
المارد الأسمر سليل آلهة النيل العظيم / حقا إنه إبن جدته العرافة وبخورها المعطر
وذاكرتها البدائية / يعرف الأماكن بروائحها / ويشم تعب الآخرين عندما يعبرون من
أمامه /عندما تحدثه حبيبة الشقراء عن فاكهة لا يعرفها لا يتخيلها إلا إستوائية /
وإذا حدثته عن تنورة جميلة أعجبتها لا يتصورها إلا مشجرة مثل روحها التي يتوكأ
عليها في بلادها الغريبة /
ويل
للغريب بلا حبيبة /
الغريب
لا يصادق إلا أرواحًا غريبة /
يري
بأذنه /
ويسمع
بعينه /
يتخيل
الأشياء بنصف ذاكرة، ويسمعها كما يحب لها أن تكون في أبجديته الجديدة التي لا يعرف
جيداً رسم حروفها وتتشابهه عليه الأصوات فيها / عندما لوحت له بيدها اليسري مودعة
وقالت له:
نلتقي
يوم الجمعة الساعة الثالثة مساء في ميدان "فورست" بوسط المدينة / تخيل
الغريب بذاكرته الإستوائية أنه سوف يعانقها في ميدان وارف أكثر من قلب أمه / لكنه
في ضحى الجمعة وجده صحراء موحشة مع بعض التحسينات الخرسانية تنبت من بلاط صخري
قديم / وعندما قرأ تلك اللافتة Forrest Place، تبخرت من ذاكرتة آخر واحة في أمنياته أن
يجد بعض إخضرار في ميدان السيد فورست أو لوحة لهما / أصطادته نغمات كانت تتصاعد في
ذاك البوار من أصابع عازف بيانو أعمى في حلة سوداء كأنه قادم للتو من العصر
الفكتوري، كان يُنغم The Lonely Shepherd، لم ينتبه المتعجلون بخطواتهم الراكضة أمامه
لتلك الأرواح المستوحشة التي تبكي بقلبه ثم تخرج من بين أصابعه وتهيم في الفضاء،
لم ينتبه أحد منهم أن يرمي قطعة عملة معدنية صغيرة في قبعته السوداء المهترية
الممدودة أمامه كقدم فيل رضيع محروقة / بل تعالت صراخات مراهقين صاخبين يعبرون،
تلونت روؤسهم مثل أعراف الديوك، وقهقهوا كثيراً وهم يشيرون بأصابع فاحشة، ويعرون
مؤخراتهم ويضربون عليها بكف واحد ثلاثة مرات أمام عينيه اللتين كانتا تحدقان في
سواد الكون وتريان صلصالاً يتناسل أقماراً ذهبية / على ناصيه ميدان السيد فورست
كتمثال روماني قديم كان يقف أحد محترفي التمثيل الصامت متلوناً بالفضة من ظفره إلى
شعره يدير كلعبة إلكترونية وجهها باتجاه من يرمي له قطعة عملة فضية ويبتسم / وعلى
الناصية الأخرى حاوٍ يبتلع سيفاً/ وآخر يتلفع بأفعي ذات ألوان براقة / وبائع
لبلونات في هيئة حيوانات أليفة يتوسط المكان / عشاق بمرح يتخاصرون ويبتسمون برضا
من يملك الأرض والفضاء / في تلك اللحظات عازف البيانو الأعمي كان يعزف أحد مفضلات
الغريب If I Were a Rich Man، فينجلي بعض من سخام الصدى بروحه فيري أمامه
غجريات مزركشات كحلم صبي يعبرن بصخب بلا خيام / طفلة تتشبث بأصبع أمها المستعجلة
وتلح كي تشتري لها آيسكريم / حلقة صغيرة حول رسام يعطيك ملامحك بدقة فوتوغرافية في
خمس دقائق / من وشم لاعب كمال الأجسام يطل لسان تنين يكاد أن يلتهم من يقف قرب
كتفه / صبية تعبر نصف عارية كأنها في مسابقة عالمية للفوز بملكة عدد الحلقات
المعدنية التي تتدلى بأحجام مختلفة من أنفها وقرب حاجبها الأيسر وفي أذنيها وفي
منتصف شفتها العليا وفي لسانها وأخري بحجم كبير علي سُرتها / عازف كمان كوري يثرب
نحيب ملائكة معذبة تريد الإنعتاق / بملامح وديعة سرب من الأسيويين الضامرين
الطيبين يتلفعون بثياب برتقالية اللون يمرون بخطوات هادئة كأنهم في صلاة بوذية لا
تنتهي / خلفهم يسير حافيا كنبي، منبوذ عجوز من السكان الأصليين لأستراليا يشم الغريب
أوجاع روحه المتشظية ولظى احتراق قلبه / ويري رجليه الحافيتن تعانقان أوتاد
الأسلاف في باطن الأرض/ وآلام أجيال مسروقة تطل من عينيه اللتين تحجر الدمع فيهما
على حواف الصراخ المكظوم /
ينتبه
الغريب.. إنها الساعة الخامسة مساء.
نصف
ذاكرته نسيت انتظاره لحبيبته الشقراء / وصارت تتفرع مثل لبلاب تطارد مقطوعات
"شوبان" السريعة التي جعلت عازف البيانو الأعمى فجأة ملك الميدان ضابطًا
إيقاع الخارجين من نهارات العمل الطويل / مسرعين كالناجين من الطاعون يوفون نذورهم
بوضع العملات الذهبية في قبعته، قلبه يجادل "شوبان" في سماواته البعيدة
وأذنه تتحسس برهافة فقيرة هل هذه رنة عملة بقيمة دولار أم دولارين ؟!، تلك الخشخشة
لفئة الخمسة أم العشرة دولار؟، الغريب يتحسس جيبه فتطل من محفظة نقودة الجلدية
صورة حبيبته الشقراء فيتذكر بنصف ذاكرته المثقوبة التي حلقت إلى ما فوق قوس قزح
بأنها لم تأت.
في
أول الليل سار الغريب وحيداً مبللاً بالغياب مثل ظل بلا أثر لطيور يتيمة //.
(عفيف إسماعيل عبد الرازق)
شِتَاء
رُوَيدَاً رُوَيدَاً
وَعَبرَ الطَّرِيقِ القَدِيمِ
يَهُبُّ الشِّتَاءُ على رِسْلِهِ..
يَنتَهِي العَابِرُون،
القُرَى،
وَالمحطَّاتِ،
وَالأَزمِنة..
...وَلا
شَيءَ يَعلُو سِوَى الذِّكرَيَات
الأغَاني البَعِيدَة،
وَالَّذِي لا يَعود..
هَا
هُنَا لا أَحَد..
وَلا أيَّ بَابٍ صَغيرٍ لِنَطرُق..
تُرى كيفَ تاهَ الطَّريقُ بنَا
وحشةً إثرَ أُخرَى؟
وهَل
لا يزَالُ مكانٌ بعيدٌ،
وَغيمٌ،
وقَهوة،
وَلا زَالَ في المغرِبِيَّاتِ نَاس..؟
يا لهَذَا السَّرَابِ
شَغُوفٌ بِنَا هَكَذَا هَكَذَا،
وَيقطُفنَا وَحشَةً إثرَ أخرَى
ولمْ نودِّع أيَّامنَا..
ولَمْ نَرجع البيت بعدَ الخَرِيف
خِفَافَاً
خِفَافاً،
ومِن دُونٍ منفَى..
.
.
سَوفَ نمَضِي إذَاً
وَلا مَوعِدٌ ها هُنَاكَ لدَينَا،
ولا أيّ حُلمٍ لِيجلُو الحَنِين..
يا إلَه البَعيدِ ابتعدنَا كَثِيرَاً
فمُدَّ إلينا قَلِيلاً من النَّهرِ كَي نَرتَوِي،
قَلِيلاً مِن البَيتِ حَتَّى نَنَام..
وَمُدَّ إلينا قَلِيلاً مِن النَّورِ
كَي نَلتَقِي وَردَةً في الطَّريقِ..
وكَي نَقتَفِيكَ..
ولا تَبتَعِد إنْ نَسِينَا قَلِيلاً
فَفِي العُمرِ نَنسَى..
..
..
(أنس مصطفى)
تعليقات
إرسال تعليق