مختارات من ديوان " مساءٌ يستريحُ على الطاولة "
إيهاب خليفة
ما قاله
الصلصال في المصنع
نحْنُ
دُمًى
صنعتنا اليدُ العارفة
صنعتْ لنا الأذيالَ
والأرجلَ والأيديَ والرؤوس
وتركتنا هاهنا ثابتين .
تركتْ أمامنا جرائدَ وسجائرَ
وأسدلتْ ستائرَ حولنا
ولم تضعْ على البابِ قفلا
تركتِ الراديو يعملُ
ومسرجة قريبة غيرَ مطفأةٍ
والحارسَ البدين نائمًا
والشارعُ قريبٌ .
أسلحتنا
صلصال
وهوياتنا صلصال
وعيوننا صلصـال .
كل ليلةٍ
هكذا في مصنع ِالصلصال
يُسْمَعُ الضجيجُ والصراخُ
ويفتحُ الحارسُ البدينُ عينيهِ
ثمَّ ينزوي في شخيرهِ
المخيف .
قبلَ أسبوع
هربتْ دمية ٌ
كانتْ ترتدي
قميصًا منْ صلصال ممزق
تركتْ لنا رسالة ً
منْ صلصال سريٍّ
كانَ في ساقِهَا رصاصة ٌ
منْ صلصال مشعٍّ .
جنَّ الحارسُ ذوالنابين
والشفةِ الحبشيةِ
والمسدس
وظلَّ يطلقُ الرصاصَ حتى الرعب
في الهواء .
كلَّ ليلةٍ
يأخذوننا
لكي نعترفَ
في المخفرِ
القريبِ .
كلَّ ليلةٍ نعذبُ
ثم ننسلُّ من طاقةٍ جانبيةٍ
ونمضي
في الشوارع هائمين .
كل ليلة
نعودُ
نتسلقُ بنطالَ الحارس
نقيد يديه بالخيوط
وننتفُ شاربَهُ
نصفعُ بقوةٍ قفاهُ
ثم نرتدُّ
كما كنا
قبل أن تشرقَ الشمسُ
على مصنع ِ
الصلصال .
الحلـوة
يفرونَ إلى
بيتِها العتيق ِ
يريدونَ مغفرتَها وهي ميتة ٌ
العجوزُ التي تساقطتْ أسنانُها
وافترستْها تجاعيدُ
الموشومة في يدِها
المشوهة الآنَ
التي كلما سألوها عن شيء
راحتْ في خيال ٍولم تردْ
التي تستفيقُ مرة في السنةِ
تحكي عن أبطال ٍ
وبطولاتٍ لم تحدثْ
معها خنجرٌ
عليه دمُ عشيقِها الوحيد .
ألم تكنْ هناكَ
والمرايا تتبعها
وهي تغسلُ الأوانيَ في ترعةٍ
شعرُها إلى نصفِ ظهرها
وقرطها طويلٌ
وخلخالُها يستنفرُ الحجرَ
لكنْ ما من أحدٍ تزوجَ بها
عاشتْ عانسًا
تسخرُ منها النساءُ
والرجالُ يتمنونها في الحرام ِ
لشدةِ جمالِها
لا يمكن لرجل أن يعطيَها اسمَهُ
لشدةِ جمالِها
عقدتْ لها أمُّها مزادًا لشدة جمالها
أخبرتْها عرافة بالمصير .
الحلوةُ
حبيبُها خرجَ ولم يرجعْ
وجدوهُ
ممزقَ الأعضاءِ
عندَ منحدرِ الجبل ِ
ووجدوا قلادة ًغريبة ً
مشبوكة في أصابعَ ممزقةٍ .
كانوا يحسبونَ عليها الأنفاسَ
كانوا يتجسسونَ علي ظلها
كانوا يتمنونها
ويحلمونَ معها بليال ساخنةٍ
ومع ذلك كانوا
يعاملونها بازدراء .
ألم يشنعوا
عليها
ويحاصرونَ بيتها
بالمشاعل ِ
والسباب .
- " أخرجي عشيقك أيتها
السافلة
أخرجيه وإلا..."
الحلوة أرادتْ أن تعذبَ الكلَّ
فهشمتْ مرآتها
وألقتْ على وجهها
ماءَ النار
وخرجتْ في الظهيرةِ
إلى الطريق .
- "
منَ
الفقراءِ كان حبيبي
من العامةِ
كان نور عيني
من يردَّ نورَ عيني ..."
أمها ماتتْ
المخطط ُلاغتصابها
وملفقُ التهم لحبيبها
أطلقَ الرصاصَ على رأسهِ
الجبلُ الذي كان مسرحَ الحادثةِ
طارَ في الهواءِ
الذين عادوا في المساءِ
ومعهم السرُّ
خرجوا هائمينَ على الوجوهِ .
قيل : عاشتْ متسولة بعدَ ذلكَ
قيل : صارتْ تنبشُ القبورَ
وتنظرُ في كلِّ كفن .
قيل : إنها
تخرجُ
في صورتِها الأولى
في أوقاتٍ غير معلومةٍ
تخلع ملابسها
وتسبحُ مثلَ جنيةٍ
برجلين كَزعنفةٍ
وتغيب شيئا
فشيئا في بحيرةِ الأبد .
البلدة العظيمة
- نعم، انتقلَ الأحياءُ إلى المقابر،
وانتقلَ الموتَى إلى البيوتِ .
وُضِعَ في قصر الحاكم
جثة لحاكم قديم
على نفس الكرسيِّ
المرصع بالجماجم والدماء ،
ووُضِعَ حارسان مقنَّعَان
من نفس الزمن
كان يفضلهما ،
ويؤثرهما بالجلدِ
والسباب .
المتهمونَ بالخيانةِ
بُحِثَ عنهم في كلِّ قبر ،
ورغم التشوهاتِ
التي دمغتْ عظامَهُمْ ،
والتي جعلتهم شبْهَ مجهولينَ
إلا أننا على يقين ٍ
أنهم هم أنفسهم
الموتى المطلوبونَ
الذين عارضوا ،
ها هُمْ مرة ثانية
يُسَمَّرُون في ساحةِ الإعدام
في بقايا أكفان قذرةٍ ،
وبأجسام يملؤها الدودُ
و الغبار.
و ها هم
الحراسُ النبلاءُ
ذوو الهراواتِ،
الذين ساهموا في القبض عليهم
بعد مطارداتِ الوحل ِ
والغاباتِ
والجبال ِ
يبتسمون في أكفانهم أيضا
ومعهم سياطهم
ونياشينهم
وخلفهم كلابهم
ذاتُ الأجراس التي ترنُّ ،
كلابهم المدربة السوداء
الميتة أيضا
التي تكادُ تنبحُ .
ها هي
البلدة العظيمة ُ
عادتْ كلها من جديدٍ ،
القاضي آكلُ السحتِ بمكر عينيهِ ،
وفتواهُ المعلبة ُ،
والوزراء ذووالأبراج
والجماهيرُ
التي لا تجيدُ سوى الهتافِ ،
ولا ينقصنا الآن
سوى لعنةِ الروح
حتى تكون اللوحة ُ
مشهدًا حيًّا يخلو
من الحياة!
الميت
الميتُ
بلا حبل سُرِّيٍّ
في ديسمبرَ القاسي بكى البردَ
وأمُّهُ خياطة
وأبوه نساج .
الميت
لم يكنْ يسعدُ لقدومِهِ أحدٌ
ولا يصطفُّ لوداعِهِ أحد .
الميت
عذبه الشيخُ الأعمى
بالجيم المعطشةِ
حتى فرَّ واثنتا عشرة علامة
زرقاءَ
على ظهرهِ الضامر .
الميت قال لهم "لا أرى
اللهَ "
فطردوه
وقال لهم "أراهُ "فطاردوه .
الميتُ فاضتْ روحُهُ
بدليل أنَّ عينيهِ ساهمتان
وكفه حين تـرفع تسقط ُمكانها
و هاهم يحملونهُ )الميتَ)
تماما فوقَ الأكتافِ
لا لأنهم عرفوا قدرَهُ
ولكنْ لأنَّ ثمة أشياءَ
يجبُ أنْ تُوضَعَ
في المكان ِ
الذي ترك .
مشاعر
بقرن جديدٍ
، للمرءِ أنْ يفرح
حيثُ كلُّ الأمنياتِ ممكنة ٌ
إن كنْتَ رومانسيًّا
فقدْ ينبتُ لك جناحان
بهما تحطُّ على السحابِ إن أمكن
وبهما تغيبُ في الذكرى أو الشفق
إن كنْتَ بلا ساقين
فها هي الأرجلُ الصناعية ُ
والأعينُ الصناعية ُ
والدموعُ الصناعية
فإنسان هذا القرن لا يجبُ عليهِ
أن يبكي بنفسِهِ
معنا
المناديلُ الصناعية
معنا عرائسُ من الصين
تندبُ
معنا قواريرُ بكاءٍ عالية
ُالجودة .
نحن في قرن
جديد
للمرء أن يضع جدولا للمشاعر
في السادسةِ صباحًا يكتئبُ
عند احتضار الشمس يرقصُ
يفرح حين تنتزع الأرواحُ
ويموت كمدًا
حين يرى مولودًا
يصعد على مسرح الوجود
لِيؤديَ دورًا ثانويًّا
مادامت كلُّ الأدوار تُخْتَمُ
بالسفر
مَنْ يكرهُ الأربعاءَ سيمرضُ
ومَنْ يحبُّ الآحادَ
سيحزنُ
واضعًا يدَهُ على مساميرَ
لا تزالُ تنزفُ .
سيمكنكَ
أنْ تمرضَ وتحقدَ
وتفرحَ وتحزنَ
وتغضبَ وتَصْدِمَ وتُصْدَمَ
بمواعيدِكَ أنت
كل الأشياء
لا شيءَ سيستعصي
سوى أمنيةٍ واحدة ووحيدة
هي أن يعودَ بكَ وقتٌ
إلى وراء .
كيس قمامة أسود
من
الميلادِ
أعلمُ أنني وطنٌ
لِمَا هو مهملٌ
و منفي .
حياتي أمام الأبواب
أو تحت
أحواض الغسيل .
كل وقت
يأتيني زائرٌ
بلا ملامحَ
يحملُ ذكرياتٍ عفنة ً
الدجاجة كيف قصُّوا أعضاءَهَا
وألقوا أحشاءَهَا
الخبز لا يزورني إلا والفطرُ
طافرٌ على وجهه
كَحبِّ الشباب .
ممَّ
صُنِعْتُ
من إطاراتِ السياراتِ الممزقةِ
على أرصفةٍ لا أ سماءَ
لشوارعِهَا
ومن سرنجاتِ الحقن .
أين أنتظرُ
أنتظرُ
مكوَّمًا بجوار أعمدةٍ مطفأةٍ
أخشى أن ينسوني
فأصبحَ
فريسة لِقططٍ
ستسحبني
على الإسفلتِ
منتهكة أسراري
أو لشتاءاتٍ
تضربني من كلِّ جانب
بمطر لا يعرف الرحمة .
أين
العمالُ الذين يدفسونني
في عرباتٍ تجرُّها بغالٌ
سوداءُ
مجهدة
أين العمال
الذين سيعيدون تشغيل أحشائي
بما يدرُّ ربحًا خرافيًّا
على وكلاءَ
مجهولين .
خرجْتُ من
كلِّ بيتٍ
مطرودًا
ومصحوبًا باللعنةِ
محمَّلا بالأسرار
كثيرونَ يرونني
كثيرونَ يلمسونني
لكنْ لا يقاسمني أحدٌ
شبقَ المحرقة.
مذكرات جنين لم يولد
هذا مكانٌ
ضيقٌ وكئيب
أشعرُ برغبةٍ عارمةٍ في هجرهِ
قدماي لا تساعدانني
في إيجادِ مخرج .
لِمَ أعيشُ في ظلام
أنا الذي سأولدُ
كيف سأواجهُ النورَ
وأحلى وقتٍ في عمري
يضيعُ هباءً .
أسمعُ جيدا
وأفهمُ
وأشعرُ بوطء
وتنهداتٍ
وتأوُّهٍ يأتي من قريب
و زخاتِ مطر .
ثمرة
خطيئةِ الحبِّ أنا
والدليلُ الحيُّ
على تفاهةِ التصور
حيثُ لا مادة تجسِّدُ المعنى
العالمُ كبيرٌ في الخارج
يجبُ إتقانُ الكذب
فبدونِهِ لا حياة صالحة
يجبُ تعلمُ النفاق
فهو الجسرُ الذي تمرُّ فوقهُ
كلُّ نجاحاتِ البشر
يجبُ إتقانُ البكاءِ
والانتماءُ لأرصفةٍ سريةٍ
وعدمُ البوح باسمكَ
لأيِّ شخص .
إن
وُلِدْتُ فسأصْمُتُ
على عكس كلِّ الصغار
سأصمتُ طوالَ عمري
ولن يستطيعَ أحدٌ
الحصولَ مني على ضحكةٍ واحدة .
إن ولدت لن أسمحَ لهم بوضعي
في غربال ٍ
ولا بالهمس في أذني
بأي إيعازاتٍ
لن أسمحَ لهم
باجتزاءِ أيِّ شيء مني
لا تكحيلَ عينيَّ سأقبلُ
ولا ثقبَ أذنيَّ
إن ولدتُ فلن أنادي أحدًا
بوصفٍ إلا إذا تحققتُ منه
لا أبوة سَتُمْنَحُ إلا بعدَ
تجاربَ طويلةٍ
وإثباتاتٍ دامغةٍ
ولا أمومة سينادَى بها
ما دمْتُ سأحرمُ من رضعةٍ
في موعدها
مادام الصبارُ
سيكون رفيقي
في أقرب الفرص .
تقول التي
تحملني
في الذهاب والإياب
إنَّ سريريَ الهزاز قد أعد
من خشبِ الزان
أن لي غرفة ً
سأعيشُ
فيها وحدي
أنني لا يمكنُ أن أنامَ
معها في السرير الكبير .
إن ولدت مع
كل هذا
ووضعي المقلوب
فسأدينُ بالانتماء فقط لأبى
الذي عرفتُهُ
قبلَ أيِّ أحد
أبي الذي أحاطني لأشهر كاملة
بلوني المفضل
أبي الذي
اسمهُ
ظلام .
كيف قتلت طقطقة الأصابع قطي الوحيد
لا يستطيع
طقطقة أصابعه
فهو قط
وأنا كما تشير الأدلة
آدمي
وحيد .
سنعقد صفقة
إذن بيني وبينه
لأنني أريد نشر الفزع
في قلوب النائمين حين يصحون
ويجدونني أحدق في أحلامهم
وأريد سرقة أطعمة
وأجري
وأريد قطة من الشارع
أخرج معها في ليلة
ليلة كاملة
أتحرش بها
ثم نتهارش في الصباح
ونقطع الصلة
بعد أن يغرس كل منا نابه
في الذكرى .
سيخلع القط
فروه
وسأضع أمامه جسدي
وسوف يتم التبادل
في وجود شهود
من الجانبين
ولتجد الأرصفة
مغفلا آخر
لكي يصاحبها
ويطقطق الأصابع .
.
حارس شخصي للبكاء
ضد
المناديل كلها ،
أحمي سيدي
بالروح والدم .
النظارة السوداء لي
والشـــحتفة عالمي الوحيد.
لا أنظر إلى الوردة ،
بل إلى الشوك
ما دامت كل وردة
لا تغادر حراسها .
لا أنظر إلى الحياة
بل إلى التراب ،
ما دمنا لا نتحول إلى فضة
ولا حديد .
ظة
فريدة يولد البكاء ،
ومن عين خلقت لتوها ،
عين لم تكن موجودة
قبل هذه اللحظة ،
في وجه هو الآخر
غادر رحمه الآن
في جسد
كان قبل لحظة ميتا فعلا .
مرآة ما قد
تكون صدئة
أو مهشمة
لكنها استوقفت كل ذاكرتك ،
وكميدان
حدث فيه اختناق مروري ،
كان عليك أن تفتح باب السيارة
وتهبط لتمضي مترجلا
كمن عرف أنه مطارد
وأنه لن يصل .
البكاء
ثمرة
لها مواسم
لا تستطيع حتى لو بنيت
أكبر صوبة في العالم
أن تنتج أي قطرة منه
في غير موعده ،
مهمة مستحيلة
كجمع الذهب بواسطة
الزئبق المميت .
حين نراه
نبكي فرحا
نشعر بإنسانيتنا،
إنسانيتنا الغائبة
إلى أبعد حد ،
والتي تبدو كمذنب
لا يمر بالأفق
سوى مرة واحدة في العمر.
البكاء لا
يكون موجودا
حين تطلبه ،
البكاء هو الذي يطلبك
كرجل لديه ثأر عندك ،
يظهر أمامك فجأة
كلجنة مرورية،
تفتش عن أشخاص مشتبه فيهم
قاموا للتو بإحداث تفجيرات.
بكاء اليوم
ليس نفسه بكاء أمس .
كل من البكاءين
قد انساب على الخد نفسه ،
ومن نفس العين
ولكن المنبع اللامرئي
لم يكن واحدا
والألم أيضا .
كل بكاء لا يمنحك أرصفة بلا
حدود
ولا يمزق القلب
كالسكين
ولا يهبك عاصفة
ليس ببكاء
في بلاد
وجوه أهلها مطموسة الأعين،
أيادي أهلها
منزوعة الحنين ،
لا يمكن للبكاء أن يوجد .
كل ما عليك الآن أن تجلس
أمام مرآة شاحبة ،
وتحدق
بعينين ساهمتين
في الشيء الذي يلوح من بعيد
ولا يبين .
آخر يوم في حياة صاد
يمكن لصاد
الآن أن يخرج
فقد انتهى كل شيء
من حوله
الروائح السيئة في كل ركن
العائلة محشورة
في نفق
الزمن يتشمم الجثث
ككلب بوليسي يخشى إعدامه
وعليه أن يثبت أن الخريف
الذي يعيش فيه
والهزال الذي يفتت عظامه كذبة .
صاد
الذي لم يستوطن منزلا يوما،
وعاش
من رصيف إلى آخر ،
ومن بالوعة إلى غيرها.
ومن خرابة إلى أخرى ،
هو الآن محاط بالخيبة الكاملة .
لماذا عدت لتزور العائلة يا صاد
لماذا؟
العائلة مدمنة الألفة
ذات التقاليد
الراسخة
التي تتلف الكتب والخشب وتسرق الطعام .
العائلة
التي أحبت الحياة
في ظلام
و تفزع من النور ،
الفارَّة من كل شيء
سهلة الاصطياد
التي تكون مقابرها حيث
تعجز خطواتها
عن الفرار .
العائلة التي بعتها
من أجل نزق
عابر
قصير .
هناك حيث
عشت
كنت صادا من درجة ثانية
الصادات الشقراوات
المغريات
لم يعتنين بك
وأطعمة الميكروويف
لم تكن مريحة بحال .
أرصفة
لامعة فوقها مشيت
مولات خمس نجوم
اختبأت فيها
بينما لم تستطع يوما
أن تغفو في مكتبة كعادتك
في مكتبات الشرق
كنت تنام
حتى تتعب أعضاؤك
و يرقاتك تستلقي
فوق أي سطر تشاء .
هناك تأكدت
أن نملة ضئيلة
يمكن أن توقع الهزيمة بك
وأن نعاسك ليس آمنا
في وجود الأرملة السوداء
وأن الفراشات زعيمات مافيا
لسرقة الألوان .
هناك عرفت أنك إن لم تصنع مجدك
في وطنك الأم
فلا مجد لك
وعرفت أنك
وللأسف الشديد تكبر .
لم تعد إذن
من أجل أحد
لا عائلة ولا مكان
لا حنين ولا ذكرى
بل من أجل نزق
آخر
غريب .
شواربك
ظاهرة الآن
من ثقب
لم ينتبه إليه أحد
لتذهب إلى جوارالعائلة
ملقيا نظرة أخيرة
ولتتنهد
وأنت تضغط بكل قواك الخائرة
على بخاخ لعلبة
عليها صور لكثير منك
إنه قدرك
قدرك الذي لا مفر منه
يا صاد !
تعليقات
إرسال تعليق