القائمة الرئيسية

الصفحات


 

مرافعة لحرف العلة

نداء يونس


مرافعة لحرف العلة - نداء يونس - بيت النص



أمشي بين بيوتِ الطينِ 

في الأبديَّة

أعضُّ؛

       على الزنابقِ الـ تعْرفُني،

أكسِر قناةَ الرِمْحِ     على فَخِدي:

عصاً للقتالِ

عصاً سرير.

 

لمْ نأْتِ من هَنِ الأمَّهاتِ،

شَقَّ إلهٌ       الغيم،

      ونَثَرنا.

 

الأطفالُ بلَوْنِ القمحِ

الحجارةُ 

    كذلك.

 

"كلُّ جَسَدٍ عُشْبٌ"[1]؛

قدَرٌ للذين يولدون من الحقولِ؛

المناجِلْ.

 

الزَّمنُ الآن:

الألفُ الثانيةُ بعد الميلاد

 

وثائقُ لاشيش،

الإله "بان"     الذي من سوسيتا،

مَبْخَرتيَ        التي في بيسان،

البوابتان الحجريتان

من خربة قِيافة التي في بيت شيمش[2]،

الفخَّار المُلَون،

نَقْش عَقْرون،

مسَلَّة حاصور،

آلهةُ طبريَّةَ،

الأربعون سَطْراً  

من ملْحَمة جلْجامش التي عثر عليها في مجِدُّو؛

طُفولَةٌ حَجَريةٌ لكنْعان

       في

مَتحفٍ اسرائيلي.

 

كنعانُ أسيرةٌ

في مَتحف روكْفْلَر

أقصدُ؛ المَتحفَ الاسلاميِّ،

قبْل النّكْسة.

 

 

في "غراند باليه" في باريس

      عُرِضَت

"رُمَّانَةُ العاج"[3]

المُزيَّفة.

         

ليس يَحْفظُ الاناءُ المكسورُ  

        ماءً.

 

الزمن الآنَ:

مُنتصَف الألفِ الثالثِ قبلَ الميلاد

 

ايلْ ...الي ... ايلي الذي في مورّيا[4]؛

تَعِبٌ شَعْبُكَ الأبَدي في كَنعانْ ... شعْبُك الخاصُّ

الذي يُستَعْبدُ في أرضِهِ

في تسيف وشُمرون[5].

 

عَنَاةُ؛

ترتدِي ثِيابَها المصْبوغَة        مُطرَّزَة الوجْهين،

تعُدُّ شواقلها[6]،

تُصَلِّي للزنْبَقةِ،

وتحْتَ العرْشِ      تنْثُر القَمْحَ،

تنادي       ايل،

صلواتُها               خرْسَاء .......

 

كيف عرَف يَهوذا

أين تُخْفي الإلهةُ المُحارِبة

          سلَّتَها!

 

في الطينِ

كنَّا نكْتُب.

تخْتفي الحقيقةُ  

تحْت المعابدِ المُدمرَّة ِ

وعتَباتِ البيوتِ التَّي لمْ يبْقَ  

             سِواها

حينَ رفَع يَشوعُ مدينةَ ليبونا

في الجليل

على الرِّمَاح.

 

"ايل....

في] يدكَ [نهَايةُ الزَّمانِ...

] نحن [         ابناء كنعان

سُجناءُ ضجيجِ الأرضِ....

المصيرُ يُهلِّلُ بالنسبةِ] لنا [،

الموتُ بأيدي أبناء ايْليمَ

أيُّها المُحْتجِب ... "[7]

بأيْدي الغُرباءِ     العابرين.

 

الحكْمة على شِفاهِ ايلات[8] 

 حُلْوةٌ كالرُّمان

ونحن (أملٌ الأَزهارَ) 

الذي تحمِلُهُ

         و(الذَبيحَةُ الحَيَّةُ)..

 

فلتأتين يا بنات كنعان

بشعُوركُن المَلساءِ،

بالرمانِ في الثنايا،

بالعنَبِ الـ يتَأَوهُ تحتَ الكعابِ.

 

حسٌّ غامضٌ يُنْبِئُ،

سيأْتي تمُّوزْ لسيدةِ البلادِ،

" ليكونَ شفتيها "

" ليسْتريحَ      في ظلِ النظراتِ".

 

فلْتأتينَ يا بناتِ:

بالأرجوانِ والنّدَى،

بالزيْتِ الذي في الجرارِ،

وقرابِ الجمْرِ الـ تضجُّ

              في الخفاءِ.

 

فلتأْتينَ يا بناتِ:

بقرْنِ القوةِ [9]

والقرابين،

ولتمسكنَ السَّمَاواتِ من أعناقِها

وتكتبْنَ:

الذي ثيابُهُ من الغُيومِ،

الذي يُفتِّتُ الأَرْزَ في يدهِ كالعَثِّ،

الذي يأْتي في عربةِ القِتالِ

سيَحفظُ الكُرومَ،

ويُشتتُ شعبَ الغُبارِ.

فلتأتِينَ يا بناتِ إلى الأَشْتَارُوتِ[10] فَوْقَ جبالِ الجليلِ،

ولتقطفِنَ التفَّاحَ

في طَريقكُنَّ إلى اوغَاريتْ [11]،

ولترقْصُنَ حتى تثْمَلَ الأرضُ

وينكسر طُلْقُ الرمّانِ.

 

ولتأْتينَ يا بنات كنعانَ:

بالموجِ إلى ساحلِ البلادِ،

بالغيمِ إلى جبالِ القدسِ،

بالنخيلِ إلى أريحَا،

بالوديانِ التي سيصبُّ الغيبُ فيها النّارُ،

في أيديكن أساور البدْوِ

من بيرِ السبعِ،

وعلى أكتافكنَ ترفعنَ الخيامَ.

 

فلتأتينَ يا بناتِ:

امسحنَ بالزَّيتِ جسدَ ايِلْ،

واخْلَعنَ الغُلالاتِ عن أجْسَادِكِن

هذي البلادُ الحَرامُ.

 

يا بنات:

لتأتيَنَ بالقشِّ والسلالِ، والزنابقِ[12]،

والبخورِ،

وخارجَ سورِ آورسالم،

رحبنَ بالأنبياءِ،

ولتأتينَ يا شقيَات:

بالفرحِ في أصواتكن،

بخلاخيلِ التّاريخِ والمجراتِ،

ولترقصنَ،

سيأْتي تَموزُ من أرض آور

 "بكلماتِ التجاربِ

لسيدةٍ في البلادِ.

ارقصُنَ يا بنات،

"كالثيرانِ على العُشْبِ الجافِّ،

واحْملنَ الطيوبُ إلى ايلات[13]،

والأربعينَ سطرًا من ملحمةِ جلجامش،

والبوهيلُو[14] السَّوْداءِ من طبريّا،

حضِّرنَ التراتيلَ،

وافرشنَ الطّريقَ بالوردِ والملحِ،

والوحلِ

الذي يغمرُ "لذةَ الحماقاتِ،

وغنين.

 

الزمن الآن:

ألفٌ وتسعمائةٍ وسبعةٍ وثمانون بعد الميلاد

البلادُ على رُؤوسِ الرِّماح 

مرَّةً أُخرَى،

عادَ العابِرونَ.

 

لم نكُن نُقاتِلُ،

بل،   

نخترَعُ الحُلمَ،

 

نأْخذُ الكلماتِ:   

سرَاجًا       لم يزل يشْتَعِل؛

هي طُفولَة الأشياءِ القديمةِ.

 

نرسمُ بالحجرِ

وجهَ الحاضِر        الذي نُريد.

 

إذا وقعَ حجرٌ في يدِك       ألْقِهِ فيكَ،

ستَراهُ يرتفعُ

هكذا   

      نُصْلِحُ المَاضي.

 

الحاضر المُرَمَمُ،

يصْنَع ماضيًا.

 

نلعَبُ .... نُقاتِل

اكتشفْنا انَّها

مُتَرادِفات.

 

جُدران المدينَة: 

    جريدتي الصَّباحِية

نكتب أسْماء الشُّهداء،

اعلاناتِ الحِدادِ

الدَّعْوة إلى الإضراب

الحِراكَ الحِزْبيَّ

شِعاراتنا الوليدَة،  

      هل كنَّا مُراسِلين بالفِطرةِ.

 

بالطِّينِ

نمْحو الكلامَ، عن الصُحُفِ       الحجَريَّة؛

وبالماءِ، أشْطُف الطينَ.

هكذا أحتالُ على الأمرِ العسكريِّ؛

تلك ألعابُ الطُفولَة.

 

في الطريق إلى جِهَةٍ آمنةٍ

خلف البيْتِ اكتشفْتُ دمِي

لم يكن من أثرٍ      للرَّصاص.

 

تعلمتُ أناشيدَ الثَّورةِ؛

أناشيدُ الجسدِ كانتْ تُغنِّي ذاتها  

 أوْلويَةً أخيرةً.

 

نكْتُبُ بِيَدٍ

نمْحُو بالأُخْرى؛

نلْعَب "قَسَمَ الوَرْدِ":

يُحبُّني .... لا .... يُحِبُني.

 

كان الخيال بحراً

وكنا سفنا           من ورق.

 

في الطريق إلى مدخل المدينةِ       المغْلقِ

كنت ألقي الحِجارةَ           معهُ،

ونبْتَسمُ؛

هكذا            كانت ذَرْوَة العشْق.

 

لم نكُن نَعرِف الهيليوم،

البالوناتُ   بألوَانِ العَلمِ     التي تشُدها الرِّيحُ يُسقِطها الرصَاصُ، فهمنَا أن العلَمَ

تلْزَمُه سارِيَةٌ أو مَشْنَقةٌ    

كي يرتَفع.

 

نجمعُ الأَقمشة السوداءَ          لإعلان الحدادِ

نعلِّقُها فوقَ الأسلاكِ.

الطرُقُ مفخَّخَةٌ،

والجيبُ العسكَري  

يدوسُ الياسمينَ.

 

أزحفُ       تحت السّياجِ

أفتحُ باباً،    

من الجهةِ الأخُرى يهربُ المُطاردون.

 

ذاكرةٌ للجُرح           في ظهري،

دفعني جنديٌ وصرخَ..

نَرمي حجَراً،

نموت         دون مُساءَلةٍ.

 

نوقِظ اللَّيل

عُقوبَتُنا السِّجن.

التُهمَة         سيِّدي القاضي ...

منْشورٌ مكتوبٌ بالعربيِّة.

 

لم أكنِ الضَّحيَّة الأخيرة،

الدَمُ قَنَاة،

لكن نمْسكُ يَدَ الله.

 

صادقتُ قلبي   

منذ الطُفولة كنَّا معاً نلعَب،

نلْقي الحجارةَ        مثل الكُراتِ        ليس في مدينتي ملْعَب

لا مراكز للطُّفولة

         لا طُفولَة.

 

الجنود يفتِّشون كل زاويةٍ في البيتِ منتصَف الليل،

أُخبِئُ رأسيَ في الشَّراشِف

كان على أبي أن يُقْسِم مراراً

أنني فَتاة.

 

الجنًودُ في نُقطَة المراقَبة العسكريةِ على سَطْحِ دارِنا

يتصرفُون كأنَّهم في البيتِ؛

نخْتصِم حين يذْهَبونَ، أينَّا      

يُنَظِّفُ القذارةَ البشريةَ    

    التي تركوها في الزوايا ...

 

ممنوعٌ أن نصِل البحْرَ المُحْتَلَّ،

حاراتُنا تُغلقها براميلِ الإسْمَنتِ،

حظْرُ التجْوالِ لأيامٍ.

 

حاكمٌ عسكريٌ   

      أو حاكمٌ باسمِ الله؛

لا فَرْق.

 

الزمن الآن: دائماً

 

نلعَبُ ضِدَنا،

نُقاتِل      أشباحًا:

ماءُ النارِ -مثلا-

كي نُجبَرَ  

على غِطَاء الرأْسِ

والفِقْهَ المُستَورد.

 

 صرنا دُمَى

    معارِكُنا:

               طولُ التَنورَة،

              ألقابُ البطولة،

              نصيبُنا الوطنيُّ   

من مساحَةِ الشَّاشاتِ،

والأرداف،

ومن يرِثُ الحاكِم العسكريَّ 

   في حياتِه،

              والسَّلام الاقتصادي ...

    

ثَوْرتُنا رِدَّة.

 

صار لنا

ذراعٌ من حجَر

     وأخْرى    من عَسَلٍ

قَدَمُ من صَخرٍ      وأخرى تنْكَسِر

وريدٌ تُرابٌ      وآخرُ جمْرٌ.

(وحدنا) انكسَرْنا على أبوابِ مكَّة

لم يُسمَح إلا     للأنبياءِ الجُدُدِ       بالدخولِ،

وظَلَّ اللهُ      

      سَجينَ الكَعْبة.

 

الزمن الآن: أناشيدٌ

عُدْ إليَّ يا زمنَ الأناشيدِ

- إنِّي أدعوكَ

ما تبَّقى لا يَعْدو         ذِكرياتْ.

حبيسٌ            هو الإلهُ،

أمَّا أنتَ        فلا تقبَلْ            بالعَدَم"[15].

 



[1] *أشعياء 40/6

[2] سوسيتا وبيت شيمش مدن كنعانية قديمة

[3] ادعت سلطة الآثار ومتحف "إسرائيل بانه الاكتشاف الوحيد الذي يعود تاريخه الى عهد ما يسمى بالهيكل الاول، تبين أنه اكتشاف مزيف 

[4] *موريا او مريام: الاسم القديم لفلسطين التاريخية

[5] شعب كنعان يعرف ايضا بشعب تسيف وشومرون وكان يعيش في السهول التي تسمى باسمها في منطقة تسيبون على حدود كنعان

[6] الشاقل عملة كنعان القديمة

[7] من التوراة الكنعانية: نصوص اوغاريت

[8] إلهة كنعانية ... ابنة ايل واشيرة

[9] مِحْراثُ عَناَةَ الذي كانتْ فيه قوتُها

[10] المَحَارِقُ على رُؤوسِ الجِبالِ حَيْثُ كانتْ تُقَدَّمُ القَرابينِ لِعَشْتارَ

[11] حيث تَمَّ العثورُ على التَّوْراةِ الكَنْعانيَّةِ التي لاحقًا استنسختها اسفار العهدِ القديمِ دون الاّشارةِ إلى المصدرِ الكَنْعانيِّ كما توضِحُ الدراساتُ المُقارنةَ لترجماتِ "أَلواحِ اوْغاريتْ" ونصوصِ رأْسِ شَمْرَا، وحيث الذي بين علامتي تنْصيصٍ في هذا النصّ، اقتباسٌ مباشرٌ من الأصلِ؛ "التوْراةُ الكَنْعانيَّةُ "

 

[12] الزُّهْرَةُ المُقَدَّسَةُ لِبِلادِ كَنْعانَ

[13] ابنَةُ اله كَنعانَ، ايِلْ

[14] الالِهَةُ المَنْزِليَّةُ في بِلادِ كَنْعانَ

[15] من التوراة الكنعانية نصوص اوغاريت


تعليقات