القائمة الرئيسية

الصفحات

قبل الثلاثين بقليل / مختارات من شعر وداد نبي

 

قبل الثلاثين بقليل

مختارات من شعر وداد نبي





(1)


لجسدكِ شكلُ أجاصةٍ ممتلئة
‏‎ساقاكِ أقلُّ لمعاناً
‏‎صوتكِ أخشنُ ممّا يجبُ أن يكون عليه صوتُ النساء
‏‎يدكِ ليست ناعمة كفاية
‏‎بالخدوشِ التي عليها تشبهُ يد امرأةٍ مزارعة
‏‎الطلاءُ الأحمر الذي تضعينه مقشَّر نصفهُ عن أظافرك
‏‎لا تجيدين رسمَ حاجبيك بالقلم
‏‎يبدوان طفوليّين في غالبِ الأوقات
‏‎شفتاكِ رقيقتان جدّاً
‏‎لم تفكّري يوماً بإبرةِ سيليكون لتصبحا أكثرَ امتلاءً
‏‎هما كما كانا في مراهقتكِ
‏‎خيطانِ رفيعانِ كخيوطِ الدانتيل التي كانت تغزلُ بها جدُّتك
‏‎تنسينَ دوماً أن تزيلي شعرةً سوداءَ أسفلَ ذقنك
‏‎حين تغرقين في البحث عن عملٍ يلبّي جموح أحلامك الكثيرة
‏‎ترفعينَ صوتكِ في النقاشات التي يخوضُها الرجال
‏‎تهتمين بالسياسة، والاقتصاد
‏‎تقرئين الفلسفة
‏‎وتخوضين في كل الأحاديث التي تلوي عنق العالم
‏‎تنسين دوماً أن تكوني المرأة المشتهاة
‏‎المرأةَ المرسومةَ صورتُها في ذهنِ الرجال
‏‎لكنِّك حين تجلسين أرضاً
‏‎بشعركِ غير المصفَّف
‏‎وقدميك المتشقِّقتين
‏‎بزرِّ قميصِك المفتوح
‏‎ماسكةً كتاباً بين يديك
تجعلين الأخرين يتمنون
لو كنتِ البيت الذي ولدوا فيه أطفالاً .
2018


(2)

في الحرب
الأم التي تفقدُ طفلها
لا تشيخ
لا تملأ التجاعيد وجهها
لايبيضُ شعرها
تخافُ الأم ألا يتعرف عليها طفلها بعد الموت
فمن يقنعُ طفلاً مات في بشاعةِ الحرب
أن البشر في الأرض ينموون كالأشجارِ رغم كل ذلك الموت
-٢-
تأخذُ الحربُ نصيبها من لعناتِ الجميع
وحدها الأم تغرقُ في دموعها
وتفكرُ على الدوام :
ماذا لو كان للحربِ
"أم"
-٣-
كل الأمكنة في الحربِ
تتحولُ ليبابٍ
وحدها الأرضُ التي تتنفسُ عليها أمٌ
تبقى خضراء
-4-
دموع الأمهات حلوة وعذبة كالينابيع الأولى
-5-
قلبُ الأم
يغفرُ كل ألمٍ
لذا لم تتوقف الحرب عن تكرارٍ زياراتها لنا.


(3)

لا تشرح لأحدٍ
لماذا ترحل حين ينبغي أن تبقى
لماذا تضحكُ حين يجب أن تبكي
لماذا تصمتُ حين يجب أن تتحدث
لماذا ترتسمُ انتفاخات تحت عينيك
لماذا تتوقّفُ عن الكتابة
لماذا تدير ُظهرك للأصدقاء والحياة على حدٍّ سواء
لا تشرح لأحدٍ
لماذا تجفّفُ قلبكَ كاللحم المقدّد في أزمنةِ المجاعة
لماذا تفقأُ عينَكَ السليمة بإصبع من تحب
لماذا ترمِ ذكريات جسدكَ في البحر لأسماك البيرانا المتوحشة
لماذا تسقط باستمرار في جرحِ الحياة المفتوح
لماذا تنسى مفاتيحك على الباب خارجاً
لماذا تفضّلُ المشي حافياً في حين لديك عشرات الأحذية
لماذا توقّفت عن العتب والسؤال
لماذا تملكُ كل شيء وأنت لستَ سعيداً
لا تشرح لأحدٍ
شيئاً لم تعد تملكُ أسبابه
لأنّكَ حين خرجتَ من بلدك بحقيبةٍ صغيرة
تركتَ وراءك هناكَ
جميع أسبابكَ ..

(4)

أردتُ البقاءَ على قيدِ الحياة
التوقّفَ عن ابتلاعِ المرارة والفطر السام كلّ يوم.
التوقّفَ عن ربطِ جسدي عارياً بالأسلاك الكهربائية.
التوقّفَ عن كشطِ جلدي بأدوات المطبخ.
لم أرد أن يجزعَ رحمي
من كميّةِ الدموع التي تجلبها كتابة الشِعر
لم أرد لأطفالي المجيء مع جينات من كراهية الشعر.
لم أرد التقبيلَ بفمٍ جريح
لم أرد الإصابةَ بعدوى الجراح غير الملتئمة
لم أرد أن أُغرقَ نباتاتي المنزلية بدموعي المالحة
أردتُ أن أقبّلَ من أحبّ بأسنانٍ سليمة
لأنّ كتابةَ الشعر تجعلني لا أتوقّف عن طحن أسناني
أردتُ امرأةً بابتسامةٍ كاملة
برحمٍ غير ممتلئ بالدموع
بمعدةٍ لا ينمو فيها الفطر السام
بجلدٍ رقيقٍ ولامع
بمنزلٍ تحيطُ به النباتات دون ماءٍ آسن
لذا توقّفتُ عن كتابةِ الشعر
توقّفتُ عن تسميم حياتي.


(5)

رائحتكَ
تحتلُّ منزلي وحديقة الجيران
تسقي معي زهور الشُرفة
تضع معي الطّعام للقطّة
تغسلُ معي صحون الغداء
وترافقني للتسوّق من «ميني ماركت»
تنبحُ ككلبٍ مخلص ٍ
بعيونِ الرجل الذي يراقبُ
فتحة قميصي
تُكشّرُ منزعجةً من ملاءات سريري النظيفة
وتنام معي كلّ ليلة
متوسّدةً جسدي البارد
كجثّة بمقبرةٍ جماعيّة.
السعادة معكَ
لم تحتج لمعجزات
حزيران ماطرٌ
طرقٌ خفيفٌ على الباب
وسقوط مدوٍّ
لطائرين أزرقين
من سماء الشهوة
لأرضِ الروائح الصلبة
حيث ُ القُبلة
طردٌ بريديٌ مستعجل
بين رئتين تتبادلان
سيروم الأوكسجين
بغرفة العناية المشدّدة للحب
حبّاتُ العرق
على جبينكَ القاسي
تتدحرجُ كلّ مساء
قاطعةً آلاف الأميال
لتستقر بقاعِ يدي
وتبكي..
تبكي بصمتٍ وتنام.
اختبأتُ باسمكَ
حينما بحث عنّي القتلة
ليقنصوا
الحريّة من شفاهِ قصيدتي
كان اسمك
سياجاً شائكاً أمام
أقدامهم المدجّجة
بالبارود
أشياؤك الصغيرة
الأغنية التي تُحب «Vazgeçtim»
ابتسامتكَ في المطار
قميصك َ الأبيض الذي اخترتُ لونهُ
قصاصة الورقة التي كتبتَ عليها مرّة: «Ez û Tu» وأحرقتُها بالمدفأة
حينما قرّرتُ التخلّص منكَ كحذاء ٍ قديم
رسائلكَ الإلكترونية لحبيباتكَ حينما قرأتُها مرّة ونسيتُها
صوركَ «السيلفي« التي أرسلتها صباحاً
من أمام القطار السريع في المدينة الغريبة
صوتكَ الهامس كموسيقى إغريقيّة.. «وداد»
كلها تعوي الآن..
تعوي ككلبٍ ضالٍ ومخلص
ولا تجدُّ طريق العودة للمنزل
المنزلُ «قلبي» «قلبُكَ»
وما بينهما الهاوية
بالبريد ِ المضمون
أُرسلُ إليكَ
رائحتي..
أقراطي..
خاتم زواجي
طلاء أظافري
نوبة الألم بكليتي
قميصي الأزرق
وطيرا ً أبيضَ يحطّ كلّ ليلة
على سُرّتي
ولا ينام.


(6)

حينما لا يعودُ لي ما أفعلهُ
‎حينما لا تدهسُني الشاحنة الكبيرة
‎حينما تنتهي القهوة من مطبخي ولا أجدُ سيجارة واحدة أدخنها
‎حينما لا تنتابني رغبة في الحُب أو التنزه في الحديقة
‎رفقة أغاني "ليونارد كوهين "
‎حينما تنتهي صديقاتي من إفراغِ بؤسهن بوجهي
‎حينها أكتبُ شِعراً
‎أو نثراً طويلاً
‎أكتبُ عن نساء ٍ يقُتلن الحُّب بكعبِ حذائهن العالي
‎عن حُب ٍ يقتلُ النساء حينما يأتي متأخراً وينام معهن
‎على أسرتهن بين عناق أزواجهن
‎عن شهواتٍ تبقى حبيسة أجسادٍ هرمة
‎عن أجسادٍ فتية صالحة للحُب
‎مختبئة تحت أوراق التين الخضراء
‎عن قبلٍ سُرقت من شفاهِ عاشقين
‎عن شفاهٍ رديئة سرقت القُبل
‎عن امرأة تخون زوجها
‎عن زوج يخون زوجتهُ
‎عن رائحة عفونة تصدرُ من أجسادِ نساء ورجال لم يلمس الحُب شهوتهم
‎عن أكاذيب يرددها الجميع
‎عن خيانة يمارسها الجميع
‎عن بلادٍ بالية
‎على سرير كل زوجين فيها يوجدُ "ثالثٌ " يستمني
‎بخيال كل زوجين على حدة
‎حينما لا يعودُ لي ما أفعله
‎ولا تدهسُني الشاحنة الكبيرة
‎ويهربُ الشِعر من أصابعي
‎أبصقُ بوجهِ العالم الرديء
‎أرمي كل ما كتبتهُ في الحديقةِ الخلفية لحيواتهم المتعددة
‎وابتسمُ لطائرٍ يُحلقُ في البعيد .


(7)

القهوةُ كعملٍ منزلي للوحدةِ.

أصنعُ القهوة
أكثر عمل منزلي أجيدهُ كربةِ منزل
أصغي لرائحةِ المرارة وهي تغلي
كما تشبهُ تلك المرارة القديمة التي لدغت قلبي حينما غادرت البلاد منذ أكثر من عامين
أُحركُ بملعقة القهوة
البن المترسب في قعر الركوة
أصنع دوامة صغيرة كما كنتُ أحركُ ستائر آخر منزل غادرتهُ
الحركةُ علامة مغادرة دائماً
الأشياء التي تبقى على حالها لا تغادر، تبقى ثابتة وأزلية في حياتنا
لكن الحركة تشي تلقائياً بفعلِ الرحيل والتغير
فإن نحركَ البن في قعرِ الركوة نحنُ نجهزهُ لمغادرة عالمهِ البدائي لشكلٍ آخر
أن نحركَ ستائر منازلنا قبيل مغادرتنا بخفةٍ تشبه الخفة التي يغادر فيها الرجال النساء
ولا ننظر وراءنا مرة أخرى..
فقط الستائر تبقى كلما داعبتها الريحُ كآخر تذكارٍ من يدنا المغادرة.
اصنعُ القهوة أقل الأعمال المنزلية تعباً
وأضحك مع البن المطحون وهو يحدثني بهمهمةٍ لا يفهمها إلا الوحيدون
عن ذاكرة أخرى تضجُ بفناجين قهوة كانت تقدم على سرير الحب
عن فناجينِ قهوة تسرد قصص النميمة الصغيرة لنساء العائلة
عن فتوحات رجالها الغرامية، عن مدنٍ لها مزاج القهوة في ظهيراتِ تموز الحارقة
أفرغ القهوة في فنجاني الأبيض
اختار دائماً للقهوةِ لون البياض ليكسرُ حداد سواده الأزلي
الذي يغلفُ حياتنا ومدننا منذ سنوات
بياضٌ لهُ ابتسامة حُب لم يكتمل لفرط هشاشتهِ
أضعُ القهوة على طاولتي..
أصغي لأخي وهو يحدثني من مدينة حلب
عن الوضع الأمني والمعيشي الصعب..عن منزلنا القديم وغرفتي وكتبي
والغبار الذي عشش بكل زواياهُ «لقد تحول منزل العائلة إلى منزل ٍ للوحدة».
اصرخ في وجه أخي :
عليك أن تخرجَ من البلد
عليك أن تخرجَ من البلد
أبعد فنجان القهوة عني أقصى ما يمكنني
" لقد تجرعتُ ما يكفي من المرارة هذا النهار"


(8)

قبيل التهجير بقليلٍ
 
قبل التهجير بقليلٍ
قبلةٌ على جدار البيت
قبلةٌ على الطريق للبيت
قبلةٌ على شجرة الزيتون في الحديقة
قبلة ٌ على أبريق الشاي الساخن على الطاولة
قبلةٌ على مؤونة المطبخ/ مرطبان الجبن الزجاجي/ مرطبان المخلل/ مرطبان الفلفل الجاف/ مرطبان مربى المشمس والتين والكرز / إكليل الجبل/ الزعتر البري/ ماء الورد.
قبلةٌ على سرير الأطفال/ ألعابهم/ كتبهم المدرسية
قبلةٌ على صورة عائلية لم تعلّق بعد على الحائط
قبلةٌ على مقبض البابِ المكسور
قبلةٌ على طاولةِ الطعام.. ببقايا الغداء الأخير
قبلةٌ على ضحكات الضيوف العالقة في هواء المكان
قبلة على كؤوس النبيذ المرتبة في الفترين
قبلةٌ على المهد الخشبي الذي كُبر فيه أطفالك الأربعة
قبلةٌ على المكتبة التي صنعتها من خشب الزان
قبلةٌ على دانتيل ثوب زفاف زوجتك المطوي في الخزانة
قبلةٌ على الملاءات البيضاء الممتلئة برائحة عناق جسديكما
قبلةٌ على أصص الزهور في الشرفة
قبلةٌ على الوعود التي أطلقتها لبيتكَ ولم يمنحك التهجير الوقت لتفي بها
كأن تطلي غرفة نوم الأطفال باللون البرتقالي
أن تصلح خزانة المطبخ المخلوعة
أن تثبت المسامير في الحائط لتعليق الصور العائلية المركونة في الدرج.
أن تغير أصيص نبتة الغاردينيا بأصيص أكبر
أن تشتري سجادة صوفية جديدة
أن تبدل صنبور مياه جديد للحمام
أن تصنع بيتاً خشبياً للعصافير في حديقة المنزل
قبلةٌ للحياة الهائلة التي عشتها بين جدران البيت الصغير
قبلةٌ للأشباح التي ستحرسُ بيتك بعد الرحيل
وألف صلاة بالكسر ليدِ الهجرة التي ستأخذك من بيتك
وترميكَ للعراء الذي لا جدران لهُ
العراء
الذي لا يمكنك أن تعلق عليه
ولو صورة عائلية للذكرى.


(9)

قبل الثلاثين بقليلٍ..قبلني.
 
كامرأةٍ سيّئة، لا ملامح لها
تبيع جسدها على رصيفٍ مزدحم ببرلين
حفرتُ حفرةً صغيرة
تحت شجرة زان خضراء في منتزه "فيرستن فالدي"
حفرةً صغيرة تتّسع لأدفن فيها ثلاثين عامًا
وبلدًا خرابًا
ثيابي القديمة
أحذيتي في خزائن منزلي المتعدّدة
قصائدي القديمة
والكثير من العشّاق البائسين..
قبل الثلاثين بقليل..
طمرت التراب جيّدًا بحنانٍ بالغ
كما فعلتُ مع تراب قبر أبي في أغسطس بلدٍ آخر
"الموتى لا يعودون"
همستُ بأذن شجرة الزان
ووضعت أحمر الشفاه على شفاهي الجافة
أرسلت رسالة حبٍّ قصيرة:
"هيّا تعال.. المزيد من القبلات، قبل أن تذوي الحديقة"
هو وأنا
نعرف جيدًا أنّ الحديقة التي تفتّحت هذا الصباح
لا تعرف شيئًا عن المدن التي ذاقت العرق المالح
لقدميّ الصغيرتين
ولا خبرة للحديقة عن الحرب التي طحنت مُدني الأولى
الحديقة التي تفتّحت هذا الصباح تبتسم
لتجاعيدَ لم تظهر بعد على وجهي
ولا تعرف أنّ "الحبّ سيرومٌ مضادٌ للشيخوخة"
قبل الثلاثين بقليل..
كامرأةٍ سيّئة تبيع ماضيها بمئة يورو لسكّير
أبيع تلك الأعوام مجّانًا
لحرس الحدود في الدول التي قطعتها هربًا من حربٍ لم أردها
لرجال الضرائب في ألمانيا الرأسمالية التي أقيم فيها
للنازيين الجدد وهم يهتفون: لا نريد لاجئين
للرجال الذين تعلّقوا بقفطاني الكوردي الملوّن
كأزهار توليب لحظةَ الوداع
فأرسلتُهم للنسيان
بعد أن دفنت زهورهم.. رسائلهم.. أسماءهم..بحّة أصواتهم.. وجراحهم تحت شجرةٍ خضراء أخرى
قبل الثلاثين بقليل..
أضحك لقسوةٍ مرّت بها حياتي وأردّد:
امرأةٌ عاشقة أنا
امرأةٌ لا تشيخ
امرأة لا تخفي آثار الحبّ عن عنقها.. سُرّتها.. نهديها
ولا تندم يومًا على لدغة الأفعى بين ساقيها..
امرأةٌ سيّئة..
تشتم العالم بمنتصف كأس فودكا
تهاجم النظام الحاكم في بلدها
فيما الحاجز الأمني يبعد أمتار قليلة
عن مدخل منزلها
امرأةٌ سيّئة..
تبتسم للرجال الغرباء بلا سبب
فقط لأنّ أحدًا ما قال لها ذات مرّة:
ابتسامتك صنيعة الربّ فلا تبخلي بها
امرأةٌ تبتسم للاجئين
لباعة الماركيت
لكلب جارها الألماني
لنشرة الأخبار الدامية
للزهرة الغريبة تحت شجرة الزان الخضراء
وتردّد بلكنةٍ ألمانية ركيكةعلى كلّ غزل: Dankeschon
امرأةٌ سيّئة
لكنّها حين تحتضن رجلاً تحبّه بين ذراعيها
يقيم الغيم منازله في أحضانها
قبل الثلاثين بقليل..
عرّيت جسدي أمام مرأى الشعر
وأشّرت له:
هنا ندوبي القديمة
هنا أثر الحصبة على ظهري
أثر الحجر الصغير على ركبتي
أثر قبلة حبٍّ طازجة على عنقي
وأثرُ الوحدة في قصيدتي
قبل الثلاثين بقليل..
أتعلّم المزيد من الجمل البذيئة
وأتعلّم ركوب الدرّاجة الهوائية
ولا أنسى تعلّم رسم غيمةٍ في مخيّلة القارئ
ولا أكترث إذا قيلَ بهمسٍ: ما أقساها من امرأة
لأنّني أبيعُ ثلاثين عامًا مضت بما فيها
فقط لأهتفَ بالشعر:
قبّلني.. قبّلني..
قبّلني قبل الثلاثين بقليل..
قبّلني..

تعليقات