القائمة الرئيسية

الصفحات

الموتَى يقفِزون من النافذة / فتحي عبد السميع

 

الموتَى يقفِزون من النافذة

فتحي عبد السميع

 

الموتَى يقفِزون من النافذة -  فتحي عبد السميع - بيت النص

 

 

سريرٌ قديمٌ يموجُ داخلي

أسناني تَصْطَكُّ

مِن أزيزِهِ المتقطِّع

ثَمَّةَ كائِنٌ يَعتدِلُ مِن رقدتِه

يَتثاءَبُ شابِكا أصابعَه خلْفَ رأسِه

يقومُ بِبُطْءٍ

كي يَنحتَ ذُعْرَا شَفيفا

في كلِّ شِبْرٍ مِن جسدي

 

أجلِسُ على حافةِ السرير

عاجِزَا عن ترتيبِ المَشاويرِ التي تَنتظِرُني

أسترجِعُ الحُلْمَ الذي خرجتُ مِنه

لا أتذكَّرُ إلا كوبا مهشَّمَا

            ومستشفَى

            وسرادقا

كان حُلما جميلا

فلِمَاذا لا أتذكَّرُ

 إلا كوبا مهشَّمَا ومستشفَى وسرادقا ؟

وما الذي يَجولُ في جسدي

كمَا تَجولُ عَتَلَة

في بيتٍ خَشَبيٍّ قديم ؟

لماذا تَمتلِئُ حجرتي

بالراحلينَ في حوادثَ مؤسِفَةٍ

مثْلَ اصطدامِ سيارةٍ بأخرى

أو انفجارِ أنبوبةِ الغازِ

أو تَجَلُّطِ المُخ ؟

هل صحيحٌ أنَّ كائناتٍ غامضةً

زارَتْهُم قَبْلَهَا بأيامٍ

كي تُخَفِّفَ مِن حِدَّةِ المَبَاغَتَة ؟

 

لأوَّلِ مَرةٍ

أجتازُ مَشاويري بِخِفَّةٍ

بِلا ضَجَرٍ أو مُهاتَرات

لا أكتَرِثُ بأني أُخْدَع

وبأن جَداولي

تَصُبُّ في أحواضِ الآخرين

أنْظُرُ بِمَودَّةٍ

لكلِّ شيء

حتى العَتَلَة التي تَجولُ داخلي

رغْمَ اصطكاكِ أسناني

مِن صوْتِ انخلاعِ المسامير

 

أريدُ أن أُحدِّثَ أصدقائي

عن شيخوخةٍ لا تَصنعُهَا السنوات

أريدُ أن أُحدِّثَهم

عن وقْعِ أقدامٍ عسكريةٍ

أسمَعُهَا كلما انتهيتُ مِن ضحكةٍ

 أوْ مِن ارتشافِ كوبٍ مِنَ الماء

أريدُ أن أحكي لأي مخلوق

عن موْتَى يقفِزونَ مِنَ النافذة

ويشبكونَ سواعِدَهم وسيقانَهم حوْلَ جسدي

لا شَكَّ أنهم استيقَظوا

بعْدَ أحلامٍ جميلةٍ

لم يَتذكَّروا مِنها

سِوَى أكوابٍ مهشَّمَة

              ومستشفيات

              وسرادقات.

لا شَكَّ أنهم ثَرثَروا كثيرا

وما مِن أحدٍ فَهِمَ شيئا

إلا بعْدَ انقلابِ سيارةٍ

أوْ انفجارٍ أنبوبةِ غاز

أوْ تَجَلُّطٍ في المُخ .

 

تعليقات