القائمة الرئيسية

الصفحات

 

جرح

وفائي ليلا

 
جرح - وفائي ليلا - بيت النص

 
 
حسن جداً
أنا اشتقت لسينما الفردوس
لصور "إغراء" تتعرى بفخذين هائلين وعينين من توسل معلقة على جدران سينما الأهرام
للعسكر الذين يسترخون على المقاعد الخلفية ليوم كامل وهم نيام ببدلاتهم الأكبر من مقاساتهم
وجوههم الريفية الجميلة
وأحذيتهم التي بلا أربطة حقيقية
"لبيل " فضولي يدقق في العتمة عما يمكن أن يحدث ... ويحدث طوال الوقت(..)
اشتقت للفقر الذي يسير متمهلاً على أرصفة الشام
لمرايا الحلاقين
ملابس بياضهم
انعكاس العالم في مراياهم ...نقاء بلجيكي خالص كحدقة عين واسعة
لطقطقة مقصاتهم ...عشرين منها في الفراغ للدوزنة وواحدة في منتصف الهدف
اشتقت لأول فيلم تركني أبي فيه في صالة معتمة لم أخافها
لأول إمرأة عارية تماماً تنام مع رجل ... لمستْ له جرح ملتئماً على صدره في حديقة منزلها قبلاً ...لتنتهي معه أخيراً متقلبة على السرير
لباص القصاع ...
" الكولبة"الخشب مقابل القصر العدلي
جداول مرقمة وأوراق لتدوين عبور باصات الأرض
قلم "البيك" الأزرق خلف أذن أبي
"قيصر " الذي كان له " إرّ "هائل ونظارة طبية "كعب الفنجان" .... كنت أدقق في ضخامته المفرطة طوال الوقت ... متناسياً ضحكاته الهوجاء التي تحتمل سخرية الجميع الصاخبة والفجة ... تلفت كل المارة برعونتها ... ولا يكترثها ...هو
لملابس أبي الرمادية
.لخطواتي المتعثرة التي تتعقب خطواته الواسعة
يده التي لا تفلت يدي ... وما زلت أعتقد إلى الآن أنها فعلت
حسن جداً
اشتقت للمباني الحجرية البيضاء
قرب قصر العدل
للناس الذين يعبرون تحت فحيح شمس خانقة
كيف أنسل بخطوات واسعة من بين جموعهم لألحق حلماً مستحيلاً
اشتقت لزجاج محلات الصالحية ... ألمس بأصابعي الفارغة كل ذاك الإمتلاء و الغنى الأنيق المتراص والمعلق على خيطان شفافة كوهم
لبلاط الأرصفة
لحنفيات الماء البارد التي تتدلى منها طاسات النحاس برنين الفضة
"لبسكليتات" المراهقين التي تتمايل مع أجساد ممتطيها .. تعبر بين الناس كفهود رشيقة تاركة رذاذ ضحكات العبث وإلتواء كلمات تغازل المارة كي يفسحو
اشتقت لظلال الحميدية ... ثقوب سقفه حيث يرمي الله ليرات من ضوء على رؤوس المارة ..
عينان تشخصان إلى الأعلى بنقاء مريمي وتنتبه دائماً إلى الجانب بمكر حيث ملابس الراقصات معلقة بألوانها الصاخبة التي أخالها تتحرك وإلتماعاتها التي تخفق .. تجاورها ألات الموسيقا الماجنة تلك..الدربكة والرق .. بطن مكشوف،
وأرداف تهتز تسخر من "طرابيش" عثمانية حمراء مشنوقة جوارها، وغير متقنة تثير الضحك.
اشتقت لرغبتي بمحو عبارات مضجرة لطالما احتلت الجدران
... كشط صور لرجل له جبهة متورمة ومرمي في ملامح ميتة لا تشي بأي شيء وتثير هلع الجميع
لزحام " الميكروات" الذاهبة إلى المخيم
الأجساد المتلاصقة، ورائحة العرق
لمشاهد " بورنو " عابر بين امرأة ورجل في زحام تستطيع أن تميز فيه شهيق يرافقك إلى السرير ألف عام
اشتقت للفقر الذي لمنا في قبو معتم
كراكيب وفوضى .. أسرّة تعتلي بعضها البعض
مرآة عرس مصلوبة وحيدة على الجدار
وأمي بهالات تعبها منفية في ركن معتم على كرسي منخفض تطهو للكون وجبات صبر لا تنتهي
وأبي .... مارد يعود من عمل مجهد
يرمي خواتمه العقيق على سطح البيرو المُصدّف، مع ساعة هائلة بعقارب كثيرة لا تعرف أيها يرصد الزمن
ذاهباً إلى نومه الطويل ... لأنسل على رؤوس أصابع حذري حيث جيبه الواسعة .. ملتقطاً ليرات فضة أكبر مما هي في الواقع _ هكذا تخبرني ذاكرة اللمس العمياء _ ... تدس فرحاً مواز في قلبي الـ يخفق مليون ضربة بالدقيقة الواحدة، مع ابتسامة ظفر أخيرة هي بين الخوف الرهيب وأقصى الفرح.
حسن جداً
هل يُعيرني أحد عمره
هل " يُدينّني" قلبه
يديه
قامة قصيرة
وخطوات أقصر
سأعيدها كلها .... أقسم
.
.
مممممممممم .... ثمة ثقب في حذائي
حاولت أن أخفيه من المشهد ....آملاً أن أحداً لم ينتبه له
أو تُظهرّه الكاميرا ..._ كان عاري لسنوات طويلة _
و الآن أحن لملامسته معزياً وحدته ... لمسه كجرح ملتئم. 
.....
 
 

تعليقات