جنس الناي
معاذ حميد السمعي
أود لو أكتب نصاً
لا تهزمني فيه رائحة البارود
ولا تأكلني فيه الشوارع والليالي الباردة،
نصاً ولو لمرة واحدة في عمر أناملي
نصاً بماء الورد يسقطني كجين متفرد
لجنس الناي وأسلاف الموسيقى.
مللتُ الكتابة بالدم والدمع
ومللتُ هزائمي.
أود لو أكتب نصاً
واحداً يا الله
ينبذني في العراء ليتسنى شكرك
في مساحات الرضا
بدلاً من وقوفي نازفاً ثائراً رافضاً باكياً
شاكياً على بابك،
نصاً بلا مؤثرات
بلا مجاز
بلا انزياح
بلا عقد،
أبيض، نقياً، واضحاً مثلك،
نصاً يعيد لي الموجات الصوتية
لكلماتك الأولى،
لطنين أناملك على جسد الصفصاف
وأنت تخلقني من العدم،
نصاً بأي لسان وأي شكل تريد،
في شتلة
يتيمة تحبو إلى فناء منزلنا
وتستلقي في الشمس،
في شجرة حلوب في الوادي،
في حقيبة طفل ذاهبٍ أو عائدٍ من مستقبله البعيد/الـقريب،
في سور حديقة مزهرة بغدٍ مكتظ بي وبك،
في عيون الباعة، في بضائعهم البسيطة
وبساطتهم الودودة،
في تخمة
الرصيف وأناقة المتجولين.
أود أن أكتب نصاً
يفلتني من أمعاء الحرب مبلولاً بكل قذارتها
ويرمي بي في غسالة أمي،
غسالة أمي يا الله!
إنها لا تعمل منذ ربع قرن
فهل ستسألني لماذا؟!
وأنت تعلم أنها لا تدور في العتمة،
ونحن هناك في إبط شارع
وفم دبابة،
نلعق عتمة النهار
وعتمة الحي
وعتمة النص.
سئمت قراءة القذائف
وتصفح الأشلاء.
مللتُ، مللت الكتابة بالدم والدمع
ومللت هزائمي
أود أن أكتب نصا لحبيبتي.
تعليقات
إرسال تعليق