القائمة الرئيسية

الصفحات

لا أحب العيش في المجاز / أسماء ياسين

لا أحب العيش في المجاز

أسماء ياسين 


لا أحب العيش في المجاز - أسماء ياسين - بيت النص

لا أحب العيش في المجاز مثل النمور. النمور مولعة بنوع من الصيد. غريب بدائي متوحش. وهي لا تأكل من صيدها. تتسلى بالقتل. تزجي الوقت. تنشد المرح في الزمن المضجر. النمور تعيش في المجاز. تتمدد فيه. تقتات الاستعارة. تأكل التورية. تنيك صنوف البلاغة. هكذا يحيا الصياد عمره هاربًا من الواقع. قبل أن يصيبه الملل من ذلك كله. عندها يلفظ اللغة. ينزل في بير متخيل. بعد حين يهفه الشوق. تحركه شهوة الإيقاع بالفريسة. حتى يمل مجددًا.

أنا لست صيادة. كدت أكون. تنقصني مهارات؛ ينقصني الصبر. تنقصني ألاعيب اللغة. لست صيادة؛ مع ذلك لست فريسة شيء. إلا تكرار الأخطاء.
منذ عشرين عامًا وقعت في حب صديق عمري. في الصباح التالي تذكرت القاعدة: لا تقعي في حب صديقك، كي لا تفقدي حبيبًا وصديق عمر معًا.
فقلت: لا. لا. لن أحبه. هربت. ركضت كأني صياد يلاحقه الواقع. كأن صيادًا يطاردني. قضيت سنوات كثيرة لاحقة أعيش في الندم. أقف في الندم. أجلس في الندم. أتلحف بالندم. أنام مع الندم في سرير واحد. مع أني لا أحب العيش في المجاز.
أول أمس وقعت في حب صديق عمري. في الصباح التالي تذكرت القاعدة منتبهة أن علَي مخالفتها. وكي لا أفقد صديقًا وحبيب عمر هذه المرة لم أهرب. لم أركض. أعلم أني سأقضي ما بقيَ من عمري أعيش في الندم. أقف في الندم. أجلس في الندم. أتلحف بالندم. أنام مع الندم في سرير واحد. مع أني لا أحب المجاز. وكنت حتى أول أمس أحلم أني أنثى نمر تتجول بهدوء ولامبالاة في غابة، ثم فجأةً ترى شيئًا لا يراه غيرها، فتركض، وتركض، وتركض، ولا تدركه حتى أصحو من النوم!

قد يعجبك ايضا

تعليقات