الحياة مثل العشب
العشب يرحل في هذا العالم بلا حدود،
يمتد واسعًا، أخضرَ أكثر كلما نفخت الرياح نهره.
لا يتوقف العشب عن المسير أبداً،
يتسلق قمم الجبال،
يتجول في المدن النائمة،
بين السفوح والسهول المنبسطة،
فوق التلال والبراري،
في أراضٍ لم يعرف فيها القنطور الهزيمة أبدًا،
حيث تصدح الطبول في الأفق تحت سنابك الخيل،
وحليب الحياة يختمر في خيمة الشعر تحت نور القمر الشاحب.
العشب يحتضن مطر السماء على ظهره المليء بالحياة،
يثبت الأرض بأقدامه الرفيعة التي لا يمكن حصرها.
يمسك جمجمـة الموت بيدين نحيلتين ولكن دون أدنى تردد.
وفي عمله الذي لا ينضب، يشق طريقه بتصميم،
يتسلق ويواجه كل تهديد بالنمو والإصرار.
العشب يعشق الأرض كما يعشق ذاته،
ويشعر بالفرح حتى في أصعب الأيام.
يغوص في عمق الجذور المتأصلة،
ويمضي بخطى واثقة لا تتوانى.
يتلون ويتنوع، لكنه يبقى دائمًا مشاعًا وكونيًا.
يتبع الإنسان كرفيق رحلاته،
وينحني برفق للذكريات المنسية.
يمهد العشب فراش الأرض لوحيد القرن المهجور
ولفأس الهندي الأحمر القديم.
ينمو كالرموش قرب الينابيع الصافية،
ويخط برسوم زهور باهتة مرتفعة صورًا لحيوانات سقطت تحت صواعق القدر.
وفي الأعشاب الممتدة تمر الجرذان الوحشية بشق طريقها،
لكن هذا العشب يظل دائم الحنو على التراب والحيوان على حد سواء.
قد يُفنى بفعل النار أو البرد القارس،
لكن شعلة الحياة فيه لا تخبو أبدًا.
لا يحلم أبدًا بأن يتحول إلى أسنان حادة أو شفرات قاتلة.
قد يعجبك ايضا
تعليقات
إرسال تعليق