القائمة الرئيسية

الصفحات

 ستيناتي

وليد الخشاب


ستيناتي - وليد الخشاب - بيت النص

لا أحب الذهاب إلى المدرسة
لأن أشرف ويصا يضربني
ويجري لمدام عايدة يشكوني لها
من وقع المفاجأة لا أدافع عن نفسي
الظلم فظيع
وحوش المدرسة أول تمرين على الافتراء

سعد زغلول
له ميدانان وضريح
وشوارع لا تعرفونها
يقف دائما قرب الماء
على النيل في القاهرة
وعلى البحر في الإسكندرية
لم أصدق معلمتي حين قالت:
بالعقل، كيف يوجد إنسان في مكانين
في وقت واحد ؟
ساعتها فكرتُ:
بالتجربة، أعرف أن "سعد" موجود في مدينتين
في الوقت نفسه
قالت وكأنها سمعتني:
هذا تمثال وليس شخصاً
فهمت أن النحتَ سحرٌ
يمنح الحياة للجرانيت
ويجعل الشخص متعدد الأجساد
طبعاً سعدٌ حيٌ
بدليل أنه يبتسم
وأن تمثاله في الإسكندرية يشيخ
وأن البحر أمامه
قد نَمَتْ له لحيةٌ بيضاء


الغارة الوهمية
أجمل ذكريات الطفولة بعد 1967
تخرج جدتي الفول النابت في الصباح
فأعرف أن الليلة نقضيها في غارة
نشعل الشموع بترقب
ومع ذلك نشاهد التلفزيون
لا أحب الأمسيات المحرومة من التلفزيون
ولا أفهم الفارق بين انقطاع الكهرباء
وغارات العدو المتخيلة
كانت نوافذنا زرقاء
وزجاجها معقودا بالشرائط اللاصقة
ومداخل عماراتنا تتخفي خلف حوائط من الطوب
وجراجات مدينتنا مخابيء وبدرومات منازلنا كذلك
في طفولتي كنا نتهجى الحروف
ونتعلم أوائل الكلمات:
أبي... أمي... غارة... مخبأ...

 
في ستيناتي كان الناس قبيلتين
أمة إدفينا
وقوم قها
في موسم المشمش كنا نباهلهم
ونقول لهم: لكم المربى عاماً
ولنا الكومبوت عاماً
ليست النوستالجيا لدولة أم
بل لمقام الخيارات البسيطة

 
كان الموت أيامنا مختلفاً
الرجال يلبسون كرافاتات سوداء
ويجلسون في الصوان
منفصلين عن الستات
كان العزاء في المساجد نادراً
نكتفي بالشارع للرجال
وبالصالون للنساء
وكانت القهوة أكثر رداءة من قهوة اليوم
لكن لها حلاوة الحنين
كانت الناس تقول: "البقية في حياتك"
فيرد أهل المرحوم: "سعيكم مشكور"
إن كانوا في سن جدي
وإلا فيقولون: "حياتك الباقية"
اليوم يقول الناس: "البقاء لله"
ويحرمون الأحياء من بقية الأمل

 
ميدان رمسيس
لم يعد رمسيس بالميدان
لكن ذكراه باقية
ظل يروي آلاف الأطفال
من نافورته
مثل إله خصبٍ وثني
ويصل الأمجاد القديمة
بمنجزات الجنرالات المعاصرين
حتى تحطم في جوف عربة نقل

قد يعجبك ايضا

تعليقات