قبل الجنازة
مصعب أبو توهة
تمشي الرياح بأثوابها الخيلاء فوق الصخور،
فوق البيوت، فوق الحفر،
فوق البحر وفوق مشاعل النور
في الشوارع المرهقة.
يهطل المطر بخطًى واثقة.
تستلقي الرياح على الأرض الباردة،
تمدّد يديها وتغسل نهودها.
تنادي على الغيوم بصوتها المبحوح،
"شكرًا يا عربات الطهر.
أحبّكنّ يا بنات السماء
ويا ساهراتٍ فوق جفون المساء."
يوقف البحر تصفيقه قليلًا وقت العاصفة.
يرخي أذنه لنوتة الطيور وهي تهبط مع البرق،
تهوي نحو الحقول،
تترك ريشها فوق القبور،
تذهب تستحمّ تحت الغيوم.
غيمةٌ صغيرةٌ مرّتْ مرّةً فوق الوادي،
توقّفتْ فوق شجرة جوّافةٍ تعرّتْ
إلّا من عشٍّ أكل عليه الخوف وشرب.
ألقتِ الغيمة ما في فمها وسقتْ عصفورًا
تكبره هي بساعة.
والريح تنهض مرّةً أخرى،
تكنس الأوراق المبلّلة قبل أن تمرّ الجنازة.
تعليقات
إرسال تعليق