القائمة الرئيسية

الصفحات

وكأنني أجمع أزهار الخشخاش / مختارات للشاعرة أفين حمو

 وكأنني أجمع أزهار الخشخشاش

مختارات للشاعرة أفين حمو

من ديوان (غناء في الطريق إلى المقبرة )


وكأنني أجمع أزهار الخشخشاش - مختارات للشاعرة أفين حمو


ماذا لو ؟!

ماذا لو وجد كل منا في مكان مختلف ؟ أنا هنا في الشرق وأنت هناك في الغرب أنا أكتبك على أوراق الزيتون وأنت تكتبني على جسدك غروبا انثر على جسدي بذورك وخذ من سنابلي خبزك في الحلم تقول : أنا عنوانك وأنت سيدة أعماقي بلا سفينة تبحرين حينا وحينا آخر تغرقين.
غناء في الطريق للمقبرة الحانوتي وبائعو الأكفان والعطور ياتون إلى بيتنا يجلسون في صومعة قريبة يسألون أبي أين الفراشة التي اصطادها الظلام ؟ وبصوت منكسر يرد: ما زالت في الأدغال تنبعث منها زخات شهب وصليل أصوات مجنونة هاربة أنا هنا محاطة بالكثير من النسوة العابرات وجدتي تمسح تعرقي تحاول أن تخفف من دبيب النمل الذي في رأسي وتسدل الستائر على ظل شجرة غضة أمسك كتابي المقدس بيد وأجمع العالم كله في قبضتي الأخرى آااه يا أبي لم تعد ذاك الماركسي الثائر الذي يهرع لانتزاعي من براثن الغارات القاتلة بدوت اليوم كبدوي ضعيف وقع بين أيدي الشرطة يجرونه لانتزاع المعارك الطاحنة التي تدور في مخيلته وأنت يا أختاه لن أكون لك بعد الآن تلك الأخت التي أمارس عليها شغفي وأستمتع أن لا تكون مثلي حتى لا تحرر أخطائي وأنتما يا أخوي الشقيين لن تعودا تتهافتان لمساعدتي لن تكونا بحاجة لأن تكونا عكازين لجسدي لأسير إلى الأمام فها هو النور يصنع لي جناحين سأتعلم الطيران بمفردي دون ثمة شفقة سألفها مع الوقت كما ألفت رسم وجوهكم بسحر غامض وأنت يا أمي لن أحتمي بك بعد الآن أعلم جيدا أنني كنت الفاشلة الوحيدة في العائلة التي ستترك حياتها قبل ان تتعلم العزف على البيانو وتعلم النوتة الموسيقية كنت تسمينني الفراشة العنيدة لكنني هذه الليلة أستسلمت لصرخاتي لم أعد بحاجة لأوهم الآخرين بعدم خوفي من الخسارة بتشبثي بالركن الخفي من الروح لأساير البعض كنت أخاف الظلام لكنني الآن محاطة بالكثير الكثير من الضوء أضع قدمي الحافية على وجه الحياة فلم أعد مؤهلة للوجود هنا ولا أحتاج أن أمسك بيدي المعمدان لأقطع الجسر وأصل مبتغاي سأغني الآن للطريق وتعلو الدهشة موكب المشيعين فراشة خضراء متوهجة مستلقية على ظهر التابوت وتغني للطريق إلى المقبرة ندبة في سريري
الندبة التي نمت بجانبي في السرير لم تمسسها الثورة لكنها تتسع يوميا أسلمتني البارحة للكآبة بصعوبة استطعت أن أتفادى الموت كأنني طفلة تخرج من مهبل مغلق الندبة تراني وحيدة قد أموت الآن وأنا أراها وحيدة قد لا تموت غدا لكن الضجيج الذي يصدر عنها يجذب انتباهي أحيانا كأن الثورة تتصاعد للذروة تتطلق صرخات عنيفة كالرصاص ولا تنفجر زهرة خشخاش خيط واهن يفصل الحقيقة عن الوهم بين السماء الصافية والبحر لم أفهم أبدا كيف يضيع الإنسان نفسه بين مرآة يومه والأشياء الأخرى لماذا لم يحظ بنفسه مثلا كقارب يبحر بأزهار الخزامى أو زهرة بين الأصداف أو رجل مثقل بالعصافير؟ ما أحتاجه فقط خيط واهن لا لأغادر به أو أعيش فيه كهذه القصيدة ليس لصيد الأفق أو التقاط أسم أسفل الصفحة أو لربط رسغي بشاش أبيض إنما لأرى كثافة السماء ولأرى البحر كماسة زرقاء كبيرة وأنا أجلس على أرضها أعيد الأموات لداخلها وكأنني أجمع أزهار الخشخاش أيها الشعر عبثا حاولت الاستشفاء بالشعر تعريت أمامه أخذت بيديه ليمررها على مواقع وجعي وندوبي حاصرني كشيطان ترك لظبيته على طول الطريق أوراق الخس وحبات البازلاء ليغريها بصعود الجرف ليسقطها مثل حصاة هائمة على وجهها تاهت عن نعيم الجنة! أيها الشعر يا نقي عظامي اشفع للبهاليل حماقاتهم ليلتقطوا ذراتك وينثرونها فوق أوراقهم اترك لهم بعض الضوء على طرقات الغي اقترب أكثر أيها الدليل مكانك هو السماء التي تومض بدمك والأفلاك التي تتهاوى كما الشهب تحت سكون تنفسك كل كلماتك أناشيد فانظر للعذوبة التي تغمر السفح بقمح نشيدك و انظر للمعذبين والمشردين كيف يداعبون صدرك بشعاع من الشفاء والأمل فلتبدأ الصباحات بغمس أنفاسك في حناجر الآلهة كي يتدلى من السماء لهاثك كثمر فتشدك الأرض إليها مائدة توت أيها الشعر يا رسول الأرض يا دليل العاشقين انثر علينا من دمك الأزرق حتى نهتف باسمك كالخيول الخفية

تعليقات