اضطهاد
وفائي ليلا
لماذا أصحو فزعاً في منتصف الليل
لماذا نومي متقطع ،
تطاردني الكوابيس من مكان لمكان
يطلق عليّ أبي الرصاص في كل مشهد فيها
يمد لي اصبعه الوسطى
:- لم أزل حياًً يا "منيك "
لماذا يهددني الوقت إن صحوت متأخرا، لأهرع إلى الملابس قبل أن يقرع جرس المدرسة،
العمل،
الإمتحان.
لماذا تجربتي مع الحياة لا تتجاوز كلمة"أخاف "
لماذا يهددني أحد ما
القاتل الذي عملت تحت أمرته ،
وكل زملاء الذل ينظرون إليٌ في الكوابيس بعين الريبة
والإدانة
يصمتون
حين أستفسر
ويهزون رؤوسهم بالنفي حين أستنجد ،
أو أحاول التبرير .
طالما أنا في بلد " الحب والإباحة
لماذا مازلت أستمني في سرير الوحدة
أضاجع ما لا أجرؤ ،
وأخفي ما لا أستطيع البوح
أغلق خلفي باب الحمام بالمفتاح ، مع أني أسكن وحيداً
لا أجرؤ أن أنام عارياً
أجلس لساعات كل الصباح على السرير
وأنا أفكر
أين أتجه ،
وما هو الخطة.. ؟
لأنتهي على سرير الإحباط ، واللاجدوى .
طالما انا في بلاد " الدقة"
لماذا أشعر طوال الوقت أني تأخرت
فاتتني مواعيد الطائرات
وأخطأت في رقم الرحلة، وعليّ أن أذهب قبل عشر ساعات إلى المطار من شدة الهلع
ضاعت أوراقي ،
جوازي ،
وأصير أردد اسمي بفزع كي لا أنساه
وأغرورق بالدموع حين ينكرني موظفو الإستقبال
أركض خلف القطارات
لأنتهي على كرسي أخر لحظة وأنا ألهث كالكلب.
طالما أنا في بلاد "الطمأنينية "
لماذا أنهمر بالدمع كلما تسألني المحققة عن صحتي النفسية
لماذا يجف حلقي كلما أتجه إلى مكتب الهجرة
لأظن أنهم سيقولون لي حان وقت الترحيل
أتلفت بهلع مستنجداً، وعيناي تلتمع بسكاكين الدموع
لماذا أرى في أساور المجرمين التي تتدلى لامعة من أحزمة رجال الأمن
النساء، والرجال في "المدرخون"أنها تخصني
كل "سيكورتي " في أي مكان، عدوي اللدود
كل مسدس، أو عصا كهربائية تتدلى تعنيني
تصعقني على التحديد
وتشير إليّ
أراقبها بطرف عيني
وأبلل ثيابي الداخلية .
طالما أني لم أفعل شيء ،
لماذا أفر من رصيف رمى به مراهق ما مفرقعات
وأتجنب أن أعبر قرب أصيص زهور نزع أحد المتهورين أزهاره على الأرض
:_ لست أنا الذي هو ...!
أصرخ مستنجداً بينما عشر رجال أمن يحاولون تثبيتي على الأرض
دفع رأسي إلى الأسفل،
ومحاولة تكبيلي بعنف
لماذا وفي كل لحظة يحدث فيها خطأ من أحد
أرسم سيناريو كامل في مخيلتي لتبرئة نفسي، لأثبت للمحقق أنني كنت في مكان آخر
أو أنني مع سواي
أكثر مصداقية
وثقة
أو أني لا أعلم
أو لي ليس لي أي علاقة
وهو يرفع حاجبيه غير مقتنع .
طالما أنني في بلد "الكاميرات، وأجهزة التنصت"
لماذا
لا أجرؤ أن أبقى في مكتب ما،
أو بيت أحد لوحدي لئلا أتهم بجريمة سطو
أنظر إلى بصماتي بحزن
وأفكر طوال الوقت بمحوها بالأسيد ..!
أتأمل اسمي وأفكر كيف يمكن أن أستبدله
بنقطة
فقط. ..!
كيف يجب أن أغيّر ملامحي
صوتي ،
لون عيني ،
أن لا أتعرفني .
طالما أنا في " بلاد الحقيقة"
لماذا أهرع إلى الصدق ، فقط لأني أخاف أن يكتشف أحد أنني أكذب
ولا أضحك من تهكم أصدقائي البريئة، وأظنها إهانة .
وأشعر كل محاولة للمزاح معي تهديد، وتقليل من أهمية
لماذا كل الوقت أريد أن ألتقي أي أحد
ليسمعني وألقي عليه ثقل ما أنوء حمله طوال سنين
أنهار على كتفيه بسرد تاريخ مأساة لا تعنيه
وقصة ضجر ليس لها أي مبرر ، أو حتى توقيت مناسب
لماذا أرى في كل حب مناسبة لكي أنزل حقائب خوفي الهائلة الثقل
على مركب ترحابه
ليغرق في أقل من دقيقة
أتوق أن تضمني أي إمرأة ،
أن يكترثني أحد .
طالما أنني في "بلد الكفاية"
لمادا أشعر بالجوع إلى أي إهتمام
وتلقي المساعدة من أي عابر
اسعافات أولية لجروح لا يراها سواي
جرعات حماية
وحبوب طمانينة لا مبرر لها على الإطلاق.
طالما أنا في بلد "الفردية ، والاعتداد بالذات"
لماذا لا أشعر أني مستقل
وحين أدخل البيت،
أخاف من المرايا
من فكرة أني معي"لوحدنا"
أتشاغل عني طوال الوقت،
أعمل أني غير منتبه
في حين أن هناك أحد ما بالقرب يشبهني
أطول قليلاً
أكثر ثقة
ومتأكد
يبتسم بسخرية
ويقلّب بين يديه السكين
تعليقات
إرسال تعليق