القائمة الرئيسية

الصفحات

وماذا يفعل الرومانسيون غير ذلك / إبراهيم البجلاتي

وماذا يفعل الرومانسيون غير ذلك

مختارات من شعر إبراهيم البجلاتي

 


-١-

 

كل خطأٍ

هو خطأُ شخصٍ آخر

الآخر هذا

في رقبتِهِ ذنوبٌ وحيواتٌ كثيرةٌ

لن يغفرها له أحدٌ

مِن بينها حياتي

حياتي هذه المعزاة الحرون

هذه المخدة التي أحرثُها كلَّ ليلةٍ مرَّاتٍ ومرَّاتٍ

بحثًا عن بقعةٍ باردةٍ

تُعفي دماغي مِن حرقة الإيروتيكا

ومِن حرفة الندم

حياتي هذه فيلم حضرْتُهُ عشرين مَرَّةً مِن المنتصف

أو قبل النهاية بمشهدٍ أو مشهدين

ولستُ شغوفًا بمعرفة البداية

ليس لأنها مُعلَّقةٌ في رقبة الآخر

وليس لأنها تقريبًا لم تعدْ تخصُّني

ربما فقدتُ اهتمامي بها

منذ أن قال أحدهم:

البداية مُجرَّد لحظةٍ ستجدها أمامك مباشرةً

قبل دقيقةٍ واحدةٍ

مِن نزول الستار.

 

 

-٢-

 

كأنه قدري

أن أقفَ دائمًا في منتصف الطَّريق

كحبَّة فولٍ في قصبةٍ هوائيةٍ

ليستْ محشورةً

ولا تكتمُ أنفاسي

فقط تُحْدِثُ صوتًا في الشَّهيق وفي الزَّفير

حياة ناقصة

لم تعتنِ بالحزن في إصِّيصِهِ العالي

ولا بالغناء على شُرفة الليل

كأنه قدري

أن أعيش بصوتٍ مبحوحٍ

أن أدورَ حول نفْسي في حجراتٍ خاليةٍ مِن الحُبِّ

أخترعُ الحبيبة

عسل البداية

ولدغات النحل.

 

 

 

 -٣-

 

كل شيءٍ جاهزٌ

ولدي خُطَّةٌ

سأتركُ رسالةً

كتبتُ مثلها حين كنتُ مراهقًا:

"رحلتُ

لا تبحثوا عني

فأنا أعرفُ الطريق جيدًا

ولن أعود".

 

عُدتُ بعد يومٍ ونصفٍ تقريبًا

لم يمنعني الخجل مِن الطرق على الباب

ولا مِن الوقوف تحت دُشٍّ باردٍ

بثيابٍ كاملةٍ

آه

كُنَّا في ديسمبر

داخلي قشٌّ

وقلبٌ محروقٌ

ومِن يومها

وأنا ساعةٌ عطلانةٌ

لم يبقَ في مينائِها غير عقرب الثواني

لذا لا يُمكنها أن تُعطي قراءةً صحيحةً مرَّتَينِ كل يومٍ

كما يقول باولو كويلهو في عجالةٍ قصيرةٍ عن العلاقة بين الوقت والخطأ

أو بين الوقت والنسيان 

 

مِن يومها

وأنا أُجيد كتابة مثل هذه  الرسائل القصيرة

 

مِن يومها

وكل شيءٍ جاهزٌ

وهناكُ خُطَّةٌ

تليقُ بقنفذٍ وحيدٍ

يخلطُ الكلمات بدُخان السجائر

ولا شيءَ يحدثُ!

 

 

 -٤-

 

مِن المناسب الآن أن نبكي أسلافنا الشجعان

خاضوا حروبهم الطويلة دون غطاءٍ للرأس

ناموا على ظهور الخيل

بأملٍ جنائزيٍّ

في أعين البرتقال

–لم يكن الحور العين قد ظهرنَ بعدُ-

سرابٌ تحت أجنحة البط

لا يختلف كثيرًا عن سرابٍ تحت الكيبورد المعدني

ولا عن دمعةٍ محبوسةٍ

في خزانةٍ أو كِتابٍ

لا شيءَ يُشبه لعنة القرب سوى الاعتياد المستمر على البعاد

ولم يعدْ لائقًا أن أرى قلبي فقَّاعةً

أو سلحفاةً مقلوبةً على ظهرها في الشمس

ما اسم هذه البنت؟

مِن الـمُؤكَّد أنه لم يكنْ سُعادَ

ومِن الـمُؤكَّد أيضًا أنها كانت تُشبه أمي كثيرًا

ووقتها لم أكنْ أُحِبُّ الأُمَّهات

أو قل إنني كنتُ غبيًّا ومشغولًا بحراسة المرمى

يا إلهي!

كيف مر العمر دون أن أُقبِّلَها ودون أن أُحرز سوى هدفٍ وحيدٍ

كان بقدمي اليُسرى

لم أستخدمها سوى هذه المرة

قذيفة لم أرها إلَّا في شباك الخصم

يومها ولِمَرَّةٍ وحيدةٍ كنتُ فارسًا حقيقيًّا

حافي القدمين

ورأسي حليقًا لامعًا بمزيجٍ مِن الزيت والعرق

وهو ما يحدث تقريبًا الآن.

 

تعليقات