القائمة الرئيسية

الصفحات

الغابة السوداء ! / عبد العظيم فنجان

 

الغابة السوداء !

عبد العظيم فنجان

 إلى نصير غدير

 

الغابة السوداء - عبد العظيم فنجان - بيت النص

 

أنا لا أخلو من الأشجار ، من الورد ، ولا من الفاكهة :

أستقبل العاصفةَ كضيفٍ أنفضُ أمامَه أغصاني ، التي تحطمتْ بفضل رعونته ، وأترنحُ ثملاً بخصوبة نفسي ، عندما يستغلُ أسراري عاشقان يفتحان شهية العراء ، وهما يعرضان بضاعة جسدين غائبين في النشوة .

 لا أخلو من العشب أيضاً ، ولا من العصافير ،

وكثيراً ما شقّـقتني ، كأرض ضربها زلزالٌ ، هجراتُ الطيور ،

كثيرا ما مزقني نواحُ بلبل في قفص .

وكثيرا ما جمعتني الريحُ !

 أعيش مأهولاً بسكارى يسلبون وقارَ الصحو ، بشعراء يكتبون قصائدَهم بدم القلب ، بعاشقات خائبات يدخنَّ سجائر رديئة ، بغرقى يجرجرون الزمنَ من ياقته إلى القعر ، وبيائسين يفكرون في الطيران فوق الموت .

 هناك ذئاب تعوي في مسقط رأس ألمي :

كلاب تنبحُ ، كلاب كثيرة تدخلُ وتخرج على هواها.

وهناك فراشة زرقاء تطفرُ من فمي حالما أصرخ .

 هناك صبية عارية من شدة اليأس ، لا تسكرُ إلا معي ، وعندما تصعد النشوة ، في رأسها ، ترمي نفسها إلى الكأس وتكسرني ، لكنني حالـَـما أصرخ ، تكشفُ عن صدرها المثقوب بأعقاب السجائر ، وتغازلني من خلف جميع النوافذ .

 ثمة وحوش يغريها السكنُ بالقرب ، لكنها سرعانَ ما تفرّ نتيجة البرق :

بروق كثيرة  تضرب هامتي ، فلا يكشف حطامي إلا عن قصائدَ تعج بصيادين يرسلون شباكهم إلى البحر فلا تعود إلا بجنود قتلى ، بعشّاق خاسرين في الحب وفي السياسة ، وبامرأة تمشي وبيدها فانوس .

في الفانوس شعلة ، وفي الشعلة امرأة تمشي وبيدها فانوس ..

 هناك موسيقى تتشمسُ في فضاء خواطري ، وهناك ترانيم تنبثق من هاجس ما لتملأ فراغات مخيلتي ، عندما يقنط الشعرُ ، فلا يعطف عليّ بغيمة أو بشمس ، لكنني لستُ حديقة أو بستاناً :

 هذا ما يؤرق فؤوساً كثيرةً ، وهو ما يدفع الحطّابين إلى وصفي بالغابة السوداء !

 

قد يعجبك ايضا

تعليقات