القائمة الرئيسية

الصفحات

ثلاث قصائد ليانيس ريتسوس / ترجمة : مبارك وساط

 

ثلاث قصائد ليانيس ريتسوس

ترجمة :  مبارك وساط

ثلاث قصائد لريتسوس - ترجمة : مبارك وساط - بيت النص

 

 

1- ثمّةَ لَحظاتٌ غَريبةٌ، فريدة


ثمّة لحظاتٌ غريبة، فريدة، وتكاد تكون مدهشة ومضحكة.

فهذا رجلٌ يَمشي في الظّهيرة حاملا سَلَّةً على رأسه،

والسّلّة تُخْفي وَجْهه كُلّه

فكما لو أنّهُ بلا رأسٍ

أو أنّه أراد التّنكّر جاعِلا لنفسِه رأسًا مُخيفًا،

بلا عَيْنَيْن،

وبعيون كثيرة.

وهذا آخرُ، يتفسّح حالِمًا وقتَ الغروب،
يَعْثُرُ في مكانٍ ما، فَتَنِدّ عنه شتيمة،
ويعود إلى الخلف، ويبحث؛ - إنّه
حجرٌ جِدُّ صغير؛ يرفعه إلى فوق، يَطبع عليه قُبلة،
ثمّ فجأةً يشعر بالقلق: فلربّما كان شخصٌ آخر
قد باغَتَه في أثناء فعله ذاك.
يبتعد في حال مَنْ أَقْدَمَ على ذنب.

وهذه امرأةٌ تُدْخِلُ يدها في جَيْبِها، فلا تَجد فيه شيئًا،
تُخْرِجُ يدها، تَرفعها، تُمعنُ فيها النّظر:
ترى اليد وقد تكاثر عليها غبارُ الفراغ.

وهذا نادلٌ أغلق راحة يَده على ذُبابة،
فهو لا يَشُدُّها؛
يُنادِيه زبون، يَكون قد نسي الذّبابة،
يبسط كفّه، تطير الذّبابة وتَحُطُّ على الكأس.

وهذه ورقة تتقلّب متحرّكةً في الشّارع بِتردُّد،
متوقّفةً بين الفَيْنَةِ والأُخْرَى،
دون أن تثير انتباهَ أيٍّ كان وهذا يُعْجِبُها.
إلّا أنّها، في كلّ لحظة،
تُصدر قرقعةً خاصّة، وبهذا تُكَذِّبُ نفسها،
إذ تبدو كأنّها تبحث أيْضًا
عن شاهدٍ ما، لا يَزْوَرُّ عن الصِّدق
يُعاينُ حَرَكَتَهَا البطيئة، الغامضة

ولكلٍّ من هذه الواقعات جمالُها المنعزل، اللايُفَسَّر،
والألمُ العميق جدًّا الذي تنضَحُ به
إنّما هو نابع من حركاتنا الشخصية، الغريبة
والمجهولة أليس كذلك؟

 


2 - حِسُّ البساطة


خَلْف الأشْياء البسيطة، أتخفَّى من أجل أن تعثروا عليّ،

فإنْ لمْ تعثروا عليّ، عثرتُم على تلك الأشياء،

وستلمسون ما لمستْ يَدِي،

وآثارُ أيدينا ستترابط.

قَمَرُ شهر آب يُشِعّ في المطبخ

مثلما وعاء مطليّ بالقصدير ( السّبَبُ الوحيد لهذا هو

ما قُلته لكم)،

فهو يُضيء البيت الفارغ والصّمتَ الجاثي في البيت

على ركبتيه الصّمتُ

دائمًا يَجْثو.

كلُّ كلمةٍ هي ذهابٌ للقاءٍ ما- لقاءٍ

يُلْغَى في أغلب الأحيان

وهي كلمةٌ صادقةٌ، فَحسب، حين تُؤَكِّد

على لزوم ذلك اللقاء.



3- فتياتٌ نحيلات


فتياتٌ نحيلات

على السّاحل

يَجْتَنِينَ المِلْح، مُنحنيات

فهنّ لا يَرَيْنَ البحر

شِراعٌ

شراع أبيضُ يومئ إليهنّ من عُرْض البحر

وهنّ لا يَلْحَظْنه

يَسْوَدُّ الشّراع

مِنْ فَرْطِ الحُزن

 




قد يعجبك ايضا

تعليقات