أتهمُكِ بأخطر الجمال
عبد العظيم فنجان
أتـّهمكِ بأخطر الجمال ،
آه ، الجمال ..
ذلك الجمال الذي يجعلني مهددا بالطرد من القطيع ، لأنزوي في ركن حانة ، أو زاوية مقهى : أدخّن سجائري ، محدقا بالدخان الذي يشكّلُ ، وفقَ إيقاع اللحن الذي تعزفه الأساطيرُ ، وجهَكِ ، فأثبُ من مكاني :
أتنقلُ ، بخفةٍ ، بين الطاولات .
أكسرُ في طريقي حواجزَ متوهمَةً : أحطم كؤوسا وقناني خمر . أقفزُ من فوق أسلاك الكلام الشائكة ، متجاوزا الشائعات والصراخ ، لأُحرّكَ يديَّ في الفضاء ، كمن يلاحق روحا هائمة ، وصلتْ لتفيض بخوفها على أمان المكان : هي روحُـكِ التي لا يراها أحد ، روحُـكِ التي جاءت من أبعد نقطة في الزمن ، روحُـكِ..
ويضحكُ الجميعُ ، وتعمُّ المكانَ فوضى حياتي التي لا أجد لها قرارا إلا في هذا اللعب مع اللغة ومع الخيال .
لا قرار إلا في هذا الغرق الطافي فوق مياه الكتابة ، حيث يبدو الطوفان مجرّد قطرة .
يغرقُ الجميعُ بالضحك ، عندما أشدُّ على قبضتيَّ صارخا : وجدتها ، وجدتها ..
أنظرُ إليهم بإشفاقٍ ، وأنا أمسحُ عن خديكِ دموعا ظلت تسيلُ مذ أن حطّموا تماثيلكِ ، مذ أن تحوّلتِ من إينانا إلى عشتار ، ثم تمزقتْ بين الأديان والطوائف : تفرّقتْ في الجبال والأودية ، ومشيتْ حافية تحت الشمس ، بحثا عن نفسكِ في البراري ..
ارتّب هندامَكِ الذي تعتعتهُ عواصفُ التقاليد ، أرفعُ عن جسدكِ الشوكَ ، آثارَ السياط ، وأطردُ الغزاةَ : كلَّ الغزاة الذين تناوبوا على اغتصابكِ ، وأرفعُــكِ .
أمسحُ صرخات السبايا ، أطوفُ بكِ حولكِ : أنصبكِ على طاولتي مثلَ إلهٍ غيرِ مكتشَف ، مثلَ شعاع سيطردُ الظلامَ ، سيطردُ الظلام والعالم ، ثم أنحني لكِ ، لأتلو عليكِ صلاتي ، نيابةً عن الخائبين .
تعليقات
إرسال تعليق