القائمة الرئيسية

الصفحات

متسع من الجنون / مختارات من شعر عواد أحمد

 

متسع من الجنون

مختارات من شعر عواد أحمد





أيها الوهم جفف خضوعي

 


قليلا من الصمت

قليلا من سحب الكلام

فضاء العبارات ضيق في غابة الحلم !

من يختزل سقوط الابراج ؟

من يختزلك ايها الوهم ...؟

انت غطاء مرهف للابحار في التكلس ...

انني استجيب لاقاليم مقفلة

ورؤوس تسبح في الركام

أحلم

اتوهج

اخضع

ايها الوهم ... جفف خضوعي

وفتت قرابين طاعتي !

رياحك تدق اسافينها

فوق مدارج الخطى

مسافاتك تتلولب !

دهاليز معتمة لربيع الاحرف

احلامنا تتلاشى

كزبد الاقداح

في الاروقة المسننة ..

في الغصون المقطوعة عن جذورها ...

 

مازال امامنا

متسع من الجنون

لكي ننادي الينابيع

نرج القبور ..

ندق الطبول ...

ومازلت ايها الوهم

سيدا للخفايا

سيدا للنزعات الدفينة !

انني احرق دمي تحت عروشك المسننة

اعلقه اغنية للنوافذ الحزينة

اجعل بكائي خيطا للنزق العنيد



 قناديل معلقة على وشاح الخطأ

 


ازمان لا تشبه بعضها

ساعات مركونة في انقاض النسيان

هذا اصطباري بلا اجنحة

وجموحي بلا هدير..

النهار يذبل...ذاهلا من دورة الخطأ

في عروقي طعمك الاول

ايها السراب..

حينما فقدت السلطان على نفسي

ودخلت في دهاليز مريبة

وزرائب موحلة ...

اضعت صوابي

ودنوت اربت على كتف ايامي

عبثا احاول ان اعيد لها الاعتبار..

احاول اقتناص لحظات هاربة

كالفراشات...

أي وجل يصم جبين فرحي الاول..

اية غيوم تلبد سماء جنوني

لقد حان الوقت لكي افضح

قتامة سلم الغبار..

واحجم خطواتي (عفوا) أخطائي المقبلة

انني اكتض بناري

وانقاضي تحترق مثل غابة جرداء..

لم يعد ثمة متسع

لارتكب قصيدة اخرى في مديح الرماد..

عقب كل حماقة ...

اشتم اسوارا توهمت  انها

تدثرني بظلها الضليل

وانهارا من الحليب الاسود

وساعات معتقلة في ادراج التقاليد !

مبتلى بالمرارات .. كل سفر مراره..

مبتلى بانهماري كشلال من الرماد..

كزوبعة مفجوعة !!

 

الناس الذين شاركتهم اسراري

حاملو المشاعل والاكاليل

المحدقون صوب الشمس

حين سقطت القناديل

علقوا في محيط البدايات

اسماءهم ..

رهنوا الخواتم والافواه

لاختلال قاتم !

غرزوا في دمي بعض اسمالهم..

رهنوا خطواتي

لسراب مداراتهم..

المدن التي تخيلت 

المدن الاثيره

ذات الواجهات المشرقة

والاشجار الحانية

تلك المدن

بأساورها قيدتني

وبدخانها وعويلها  !

احرقت شراييني

اربعون شائبة ونيف

تتراقص في مداري

 

أتأمل قناديلا معلقة على وشاح الخطأ

وجنايات مؤجلة حتى اشعار آخر

((وسعادات سيئة الصيت))

انتظر لغة اخرى

وبريقا  آخر...

يعيد الانهار الى نصابها

والاشجار الى سمائها

والماء الى جبين الفرح الاول !



قميص غيابك

 

حين يلبسني قميص غيابك

اضيع مابين موج الخريف

واستدارة المكان

لا اكتفي بوداع النوافد

بل اسمي الانتظار الممتد بين غيابك

وشجرة كياني

اسميه وردة  معدنية

 اغصان مدلاة بالثمر

دموع في قارعة الانتظار

امام  المدار الذي يشبه حلزونا ؟؟

المدار الذي نتكلس فيه

السماء  تحنو عليك

وها هي الشموس ظلالها قربك

 وعناقيد الرغبة منثورة امام سواحلك

متى يمنحني غيابك فسحة

كي اتخيل صفائي لهبا؟؟

متى يمنحني فسحة

كي اتخيل عالما ساطعا بعرائشه والوانه ؟

دعيني اهطل

بلا شوارع ولا حواجز

بلا ممرات مقفلة في الذاكرة

وساعات ملتوية

ربما اتخيل شجرا لا يمنحة اثوابه

 لاحد ما سواي انا

وانت تتخثرين بعيدا وحدك

في ذلك المدار

وفي الحقول  الملفعة بالعطش والغبار

ووجهكذابل امام اقواس الغياب

دعيني اصف لك شجني البارع

امام مضامير غيابك



جسدك يضيء المصابيح

 


في الغرفة القاتمة والثقيلة

حيث يرمي الصيف قشوره

الاوقات مترعة بالوحشة

والمصابيح باضواء حائلة

***

الستارة تحلم  بالظلال الدافئة

حيث الساعات كالمسامير الصدأة

والسواد يوشح خطانا ورغباتنا

الطرقات لا تصل

والمسافة بلا قصبات

وانا اتخثر في رغوة المكان

واكفكف فيزياء الظلام

عن مروجي اللامعة

عندها

ايقنت ان جسدك البهيج

وحده

يضيء شحوب  المصابيح

 

 

جسدك دير معزول

 


الحنين يتدلى كأذرع مفتوحة ...

ودخان الرغبة المحمومة يتصاعد

كالنوافير ..

جسدك الطري كغصن الرمان..

بوصلة ...

 تتجه اليها رياح الرغبات

خفية

خفية ... تلك النداءات

التي تضرب سواحل الجسد

كأمواج هادئة ...

 

الضباب يعرش على المدى ...

والقشور تتصاعد في فضاء الامكنة ..

البصر يرتد خاسئا وحسيراً...

والرؤية لم تعد كافية

حيث مساحة الزبد

تغطي المواسم العارية .......

 

في ادغال الجلبة واللهاث

جسدك الناعم البكر

هو القارب الوحيد

الذي يسبر اغوار المكان...

ويتخلل جزيئات الهواء

ويثقب الزمن ...

جسدك هو اليقين الوحيد

الذي تتجه إليه الريح

وحركة الكواكب...

 

السحب الخفية تمرق محاطة بالدخان

تلوح وتبتعد !

وجسدك دير معزول ..

يغرق على قمة منفردة ومبهمة !

محاط بذوائب الصمت والفراغ ...

يلغي طقوسه تارة

وتارة يقيمها تحت ألسنة الصمت

تتكسر اغصان الرغبة القاسية

وتتناثر ...

ولا احد ...

يحرق المباخر  لجسدك

تلك البوصلة التي تقرأ المناخ والفصول !!

 

 

 عثرات

 


الطفل يلهو في عنق الزجاجة !

الحمامة معلقة في منقار النسر

القنابل تضرب اطنابها

في الخرائط المزركشة

والازقة الشاكية

والاروقة المنسية

والجنايات والبراءات

ايتها البلاد القابعة في ذاكرة النسيان

متى اعثر على صروح بلا تيجان

وممرات بلا صواري

وقلوب مطهرة من الاستعمار

الاجساد ملتفة في شرانقها

والصدأ يغلي في القدور

ترى...

من الذي سيحصي العثرات

على طريق الشمس ؟



حين نادمت الفراغ

[ فصل محذوف من سيرة ذاتية]

  


حين نادمت الفراغ

وكان الضجيج يتكسر من حولي

والعواصف تضع اوزارها

تذكرت اول ندامة في حانة الانتعاش !

تذكرت وانا عائد من الحرب

جلسة في زواية مجهولة

في ساحة (حافظ القاضي)

قال احد الجالسين – لا أعرفه .

انت تلحق الضرر بنفسك وانت تعب

الكؤوس بسرعة !

قلت – لابأس  الحربُ تعب رؤوس البشر

أسرع من هذا ؟

(لم أفكر بكِ أيتها المدن والشوارع التي تهرب !

أبادلك أيتها الشمس الحانية

بالجمر والشظايا

أو بالصبر المر !..)

وفي جلسة اخرى

في بيتنا الاول في (حي الزراعة)

رأيت الربيع يهرب بخيوطه الذهبية

والاشجار تلبس اثواب الحداد

والزمن مستنفرا كالدبابيس

ينغرز في خلايا جسدي

رأيت الطيور المتآلفة

تغادر اعشاشها مكرهة نحو الصحراء

وكان ملائكه بجلابيب حجرية

يقطعون الاواصر ببنادق الكلاشنكوف

(الوطن لايعرف الا الطيور المهاجرة)

في ندامة اخرى

في مكان آخر وزمان آخر

رأيت الهاوية تتسع

وتذكرت رصيد حماقاتي الذي يتسع ايضاً

الاشياء أعداء

الفكر طاقية تسقط او هاوية

رأيت الوقت ونحن نسبح فيه

كالاسماك الميته

يهرول – عكرا – كالانهار

في موسم الفيضان !

 

في ندامة اخرى

تذكرت كيف اني خرجت

من جبهة النار

وحاولت ترميم حياتي

واطلاق العنان لرياحي المكبلة في الخفاء

تذكرت المرأة التي احببت

كيف حرضوها على الهرب مني

ومن الحب ؟ وكنت اقول  :

هذا الشرق ولاية للأب والرب ؟

 

أي تمائم في سفر الجاهلية ؟؟

لم تزل تحملها الاعناق !

وحينها قرأت ابا تمام

((صدعت لهبا قلبي المستهترِ

                            ولبثت نهب صبابةٍ وتفكرِ))

لم تزل مساحة حبي

اوسع من الخرائط المقفلة

والاسلاك الشائكة !

وتضاريس النسيان !

(أيها الفراغ ياكوميديا العطش

من يملأ جراري الفارغة ؟

ويشرب كؤوسي المترعة ؟! )

في جلسة خامسة أو سادسة

لا اذكر

نادمت الطفولة وتجردت من العواطف

(العواطف جبال

أو أمواج

والجسد قارب)

تذكرت كيف اني احببت الطيور

حاولت التأليف

بين ما ضاع مني وبين الذي لايمكن القبض عليه .

الطيور الجميلة

لازلت اجهل سر تعلقي بها

عاودني ضمأ ميتافيزيقي

وحنين ازرق بلون السماء !

تقمص طير – وكان اخلص من البشر

روح جن أوشيطان –ربما-

وراح يخفق في عقلي الباطن.

 

في الجلسة الراهنة

لم اتحرر من الفراغ

كان نديمي هذه المرة شجرة النسب !

التي سقطت كثيرا من اوراقها

يالغثاثة الحقول الجرداء  ،

ووعورة الغابة

أي ركام يتصل بالسلاسل

التي انقطعت

كيف تضيع الشموس وتهرب النوافذ ؟

لم اتذكر سورة الاختناق

لانني اختنق

لم اتذكر فضاء العُلب

لأنني مُعلب .

قال لي (سمير قادر) وهو صديق قديم

نحن في حقول مغناطيسية

وبلا نوافذ

العالم بمعطف اسود وقبعة وغليون

يدير ظهره لنا

تذكرت كيف اننا

اصبحنا في سورة النمل

سعاة على كل ذرة رمل

عبيد موتورون لملاك الضرورة !


تعليقات