القائمة الرئيسية

الصفحات

فصل في الغرام الشقي / مختارات من شعر مروى بديدة

 

فصل في الغرام الشقي 

مختارات من شعر مروى بديدة


فصل في الغرام الشقي  - مروى بديدة - بيت النص


البورتريه

 
لقد تكونت في الخط الأفقي حيثما السموات انسجمت تباعا دون غطرسة
و في الزرقة الهائلة انغمست الروح اليتيمة
و في الأعماق منحني الإله نفسا ترعرعت بين أقطاب و مجرات عظيمة
سيد النشاط وهبني النشاط
سيد الكسل وهبني الكسل
سيد السخط وهبني السخط
سيد الفرح وهبني الفرح
سيد المعجزة وهبني المعجزة
و ها أنذا أعيش في جسم من صمغ و خلايا
انبثق بين القسوة و اللدونة
بقدمين هزيلتين أعبر الدروب و بهما أكتسب قوة مذهلة
ومن عيني الساهرتين شعشعت أنواري في الطرق الوعرة
أنا المتحف المتحرك للصدفة الأولى و كل النجاحات هي غلة أتعابي و ثمرتها الطاهرة
وقتما و بقدرة خالق جامح تتجسم الدمى البشرية ضحايا مكرمة للخلق و التجريب
بسلسلة من رأس و وجه و ألبان و دموع
في الصندوق الداخلي للأسرار و الذنوب المهينة يذوب القلب المنهك ،مربى خرافيا في آنية الأمل و المغفرة
و في الخزانة الغضة و السفلى دس الحوض و البظر و السيقان فاحتدمت الحمرة الجهنمية بالسواد و الثلوج و فوق هيكل الآلة المعقدة غردت طيور نائحة فكان الصوت و الكلام .
و أنت يا ربي قبل أن تبدأ الرعشة و أصير عملاقة بأصفاد الفضة تقودني الى أبديتك المرعبة حيثما أركب زورق الموت و التهلكة
دعني أحب مرة واحدة
مرة واحدة أعيش متأنقة ،مسالمة
و في المرة الأخيرة أفنى عزيزة و بلا أحقاد و شرور



فصل في الغرام الشقي

 
بعينين ترمشان و قلب تذيبه حسرة دائمة
هكذا أحبك و بذات الطريقة أهجرك
سم سحري أتجرعه و به أهلك هلاكا مروعا
انحني إلى الأسفل كثيرا، أصير ماكينة من دم و عضل و كلما دنوت منك تتوتر مكابحي
حركة مجنونة أندفع بها إليك
على ركبتيك الباردتين
ووسط هيئتك المتغطرسة يرتاح المحرك التعبان
وداد مرهق و نعاس ثقيل يتملكانني وقتما استسلم بين يديك
و من بشرتي الخارقة أصنع لك الاردية الحريرية و الأفرشة الحارة
كلما نقرت بإصابعك على بدني الغض تنتفض طاقتي الغريبة في الشرايين و في أعماقي القاتمة يلمع الكوارتز و يقدح الصوان حتى مطلع الفجر الغجري .
أنفر منك ثم أحن في اليوم التالي
مجبرة على الطاعة و الخضوع
مجبرة على الإمتثال للذائذك الثمينة
تحت جفني و وسط كل أطرافي يسكن الوله و الجنون
أحببتك وقت هزيمتك و إنفعالاتك
وقتما كنت ببطء تتنقل بين الشطآن الصافية لروحي
و في المساءات الطويلة أختنق بريش أجنحتك المكسورة و من السماء أتوسل راحتنا
من حيث تنزل الطيور العملاقة بكامل الوهن و الشجون
بلطف تمسح على حلمتي فينز الحليب عتيقا و مضاء
و بقبضتي المرتجفة اجعل عضوك مصابا و محموما
غبطة تجمعنا في طريق حادة
عربة ايروسية مخبولة و بلا فرامل ،نحن فقط نحفظ أكوادها الغامضة
و حتى حينما يأخذنا الخدر، بدلا عنا تكمل مسارها آمنة
أحبك بالفشل الذي يبدو فظيعا و قديما
بالجزع الذي يحتل عينيك بينما انت على سرير امراة أخرى و أنا أجرك بخفة حتى تستقر بين ساقي و في البركة الحامية تذوب كل اجزائك
أنت ثوري الهائج و الأسطوري
امنحك وسمي الحارق
و حينما اصارعك ، ادعك تنتصر و تشفق علي
يتأخر الحب على كلينا كما تتأخر القصائد في الوصول إلى روحينا الهائمتين
كما تتأخر البارجات في الوصول إلى الأسطول إثر الحرب الطاحنة
كما يتأخر المدفع في إطلاق القذائف في لجة القتال
عطب في الشعور و الموهبة النادرين
أصاب بالحمى و الأسى و حينما يراودني هذا الغرام اشفى بسرعة أو عبر مراحل سحرية
قوة خاصة و مجهولة لمضاد حيوي خرافي.
أريد أن أصل إلى أرذل العمر و أنت إلى جانبي تشكو مثلي و تتخاذل
نضحك في اليوم الاول
نبكي و نئن في اليوم التالي
مرات تهل علينا القصائد مع سطوع الأقمار و سعير الشموع و مرات تغادر قسرا مع الموتى المنتحرين و الغرقى بغفلة في البحار و الجزر الخطرة
بينما يضطرب أعداءنا بحسد و أحقاد
ينتظرون مماتنا
و بين كل الجموع سنجد صديقا واحدا ببزة القس الكئيب يتلو علينا كل ما كتبنا و يشيع الجثمان على كتف واحدة و مريضة


شيء مريض كان ينمو و أنا أسميه العائلة


بوداعة قبلت الصراخ و الخوف
لم أرفض حتى كوني محطمة
كنت سعيدة للغاية وسط حشرات مضيئة
أحداها تلمع الاخرى و تنقل لها المرض و الشكوى
و المداعبة و الأوكسجين
أخفيت قوتي و تشنجاتي
أعطيت بدني للحرارة الفائقة و الألفة و النفور
و التخمة و الجوع
سكنت معهم في البيت و خارجه
لا أحد منا كانت له أجنحة
لكننا طرنا بعيدا و لا أعرف كيف حدث ذلك
لا بد أن الريح عصفت بينما كان أحدنا يحب الآخر و يتبادل معه المحنة و الأذى
لم أعد أراهم
أكبر وحدي بسرعة و ضراوة
وكلما اصابني ضوء في قلبي أرسله إليهم كي يعرفوني
مدينة لكم في كل الأحوال
إخوة صغارا و أما هائلة
و أبا أعرف فقط مقاس حذائه
الذي مشى به بعيدا عنا
رافقتكم في الرحلات و الحفلات و الجنائز
لبست ستراتكم و سراويلكم و جواربكم
أعرف جراحكم و خجلكم و جحودكم
أعيش بالعطب ذاته و أحبكم
أتمنى لكم ليلات هادئات
و صحة جيدة
أتمنى لكم أحبة يخلصون و
إله لطيفا لا يمتحن طاقتكم الضئيلة
أتمنى لكم موتا خفيفا لا يؤلم أبدا
و أن لا تأخذكم الأهوال بعيدا قبل أن أراكم ثانية سعداء
أخي يا صاحب العيون المدورة و الجريئة و الحزينة أبدا
لا تاسف على المال و الصحبة و النساء
أنت يا ايها الموهوب و المعذب
اعزف موسيقاك و نم على سريرك الفضي
أنت يا أيها القديس الصغير
لا يليق بك العبث و اللهو
جعلك الله هادئا و مطيعا للعبقرية و الشقاء
سوف تحيا هكذا لا تشبه جيلك
غريبا و وحيدا و لأجل هذا ستحبك امرأة تشبهني
و تخلصك من الشدائد و الأسى
أختي الصامتة دوما
تخجلين من الصخب و ضرب الطبول
تحركين أصابع يديك فقط و لا ترقصين
ترفضين دوما أن تكوني نشطة و سريعة
تحملين عقدك متماسكة جميعها مع أعضائك الناعمة
تائهة و جميلة و شاحبة
و حينما تقفين أمامي يغمرك البكاء
تجملي مرة واحدة و ضعي الأقراط التي أهديتك
و كلما غبت ستسمعين قصائدي و شجوني
و قبل أن أنسى أوصيك مرارا ان لا تكتبي الشعر
فتتحطمي أكثر
آسفة أمي على هذا الأسى
لست ثملة و لست أعدد أحزاني
أنت تعلمين جيدا كم تنفست عميقا حتى تنجبي هذه الاختلالات العظيمة
آمل انت تكوني فخورة بإعاقتك هذه التي تتكلم بغرابة
فلتغمركم الطمأنينة دوما
أهلي الكرام
ليس ثمة من أحبه أكثر منكم
لن أبني أبدا عائلة تشبه جنونكم و أوجاعكم
لن أحظى أبدا بالمشقة ذاتها



رياح الشعر

 
مذ صغري كنت أعي جيدا معنى الإضطهاد...
أن أضطهد نفسي لأجل الأشياء التي أحب...
أو أن تضطهدني الأشياء عينها....
لذلك كم أتمنى دوما لو كنت كائنا بغيضا...
لو خلقني الله على هيئة حشرة كريهة سامة...
تنفث سمها دون أن تأبه أو يرف لها جفن...
لو كنت جرافة عملاقة تهدم و تهشم ...
لا قلب لها سوى ذاك المحرك الملتهب دوما...
مؤسفة هي الفراشة التي تهب ألوانها للريح...
تخفق كثيرا في صد النكبات و تموت دون ذكرى..
مؤسفة هي العربة التي تحمل الثقل طويلا...
ثم يلقى بها في كدس الخردة دون إمتنان...
أنا امرأة مختلة...بعاطفة غبية!
دائما أقول لم يكن الكره أبدا مؤذيا كما الحب...
كل القساة لم يحطمهم الكون
و لم تحبطهم الحروب...
أن أعيش بعاطفتي الجياشة هاته...
أي أن أكون إجرامية في حق نفسي...
للحد الذي سأصنف فيه مريضة من الصنف الأول
في الأمراض النفسية و الإختلالات ...
أي أنه ليس من الصعب أبدا...
أن أقتلع قلبي و أضعه في خلاط كهربائي...
ثم أنتظر عصيره على مهل...
أضع الساق على الأخرى و أشربه بسرعة ...
أن أعلق أصابعي على قفل الباب قيد الإنتظار...
أن أعيش برعشة مزمنة و تقلبات مفاجئة...
كلما إشتقت الى أحبتي...
أصرخ الى أن يفر الهواء بحنجرتي...
و أفقد السيطرة ...
في مثل هاته الحال أكون حتما كائنا ساذجا...
لا ينفعه عقله في شيء...
سوى بعض الذكريات المضنية...
و تأريخ الأحداث التي لم تكن لصالحي أبدا...
الأمر الذي يؤكد لي في كل مرة ...
أن لا شيء يؤذينا و يقزم داخلنا العظيم...
سوى أفئدتنا المشحونة بالحب...
المشحونة بالحب كثيرا ...
الى حد الإضطهاد والعذاب ...!



أغنية لروحي

 
حينما أصعد و أنزل كموجة عابرة
حينما و بغفلة أضيع وقتي الثمين
من ذا الذي سيعيد لي مجدي الغابر
حينما تسلب مني ضحكاتي في الصقيع الكئيب
و في غير أمان اضع قدمي
من ذا الذي سيهبني الهدوء و الرحمة
حينما و بغير دراية يراودني الترح الثقيل
و في الليل البهيم اضيع نجمي اللامع
من ذا الذي سيمنحني نورا و إشراقة جديدة
حينما و بعينين متعبتين اتوسل الى السماء البعيدة
من ذا الذي سيهون علي مشقة المسير
و بيده الطاهرة سوف يغسل أدراني
حينما تسير الانفاس كضرب السهام و من العمق تغادر الروح الكسيحة
من ذا الذي سيلفني في الشرشف الابيض
و في طائرته العجيبة سيسلمني الى الأفق الصافي حيث يتوجب علي أن أعيش ابدا .
شكرا أيتها الذات الصامدة
شكرا أيتها العزيزة و اللطيفة
شكرا أيتها الشرسة و المتجبرة
شكرا يا ذاتي الدائمة و الوحيدة
انني باقية و متوازنة و من جروحي القديمة تشع أحلامي القادمة
يا من تأملون في اندثاري و غيبوبتي
انني في قمة الجبل الشامخ أغني
و حيثما يتألق وجه الإله بخشوع يرتعد قلبي و أبتهل
انني أكون الأنغام الخالدة و من الحب المهلك أستمد قوتي الغريبة
و مع المهار المجنحة أرسل الأمل لإخوتي المساكين
و للأطفال أنشودة يرددونها حينما أغدو ذكرى
و لشبابهم القاسي أنا رمزهم المجنون
رأيتها تبرق و بحنان أضاءت الركن الحزين
يراعة صغيرة و مكلومة
رأيتها تحوم و من صدرها النحيل وصلني ضياء سحري
يقظة و صبورة و بين الأقطاب المتزاحمة ترقص مخبولة
و بضراوة ينبض العشق في عمقها المريض
سألتها من تكون في هذا الغسق المجهول
قالت : "انني فيك صنعت كل سكوني و آلامي
انني صورتك الواضحة في هذا الدجى القاتم "



إنفصال 


سيدي يبالغ في أذيتي
يمد أصابعه الجامحة نحو أشيائي الرقيقة
فجأة لم يعد ثمة حب
و بحزم ليست فيه عاطفة كأنه يجز عشبا ميتا
أما أنا فقد تعلمت أمر الإختفاء
روحي لن يجدها بينما اللحم ينضج أمام عينيه

مضطجعة على صفيح من النجوم
بلطف أستسلم للكسل اليومي
حتى الشمس التي تدثرني بوهجها الحريري
لا يمكنها أبدا العثور على قلبي
إنني بقسوة أنفصل دائما عن شكلي اللطيف
مهما بدوت ممتنة

إنك تقترب في الساعة التي أخص بها نفسي
آه ! حبي المغمور
ليس ثمة ما أقدمه غير الشكر
لا يمكنني أن أهبك سفينتي المحطومة
هذا القلب ليس أكثر من ذلك
يدك أوشكت على لمسه
ثمة أيضا جرح مفتوح دائما
هذا الذي يخترقه قوس المطر لحظة كأنه خنجر مسنون
فيغدو كل منا في مكانه متفحصا غياب الآخر

حياتي ليست مناسبة

أنا أيضا أتركها و أمضي
بحيث لا يمكنني أن أدعوك إليها
أمنحك حبا ليس مراوغا
بينما أقع حبيسة كطائر ليلي وديع
سطوتك هذه لم أعد أريدها

أعباء ليس من السهل تحملها
هذه الموهبة أيضا تاخذني بعيدا عنك
لكن الروح آسفة



إحباطات :



آه ! لقد حسمت الأمر
لو كنت الزهرة التي ستتفتح وحيدة عند ولوج الفجر
عارية و مستكينة في الأسى
وديعة ،ناعمة و جاهزة لكل يد عابثة
من مكاني سأسقط سريعا
راحلة نحو المد الأرضي الغامض
تاركة حفرة مليئة بالأنياب
أمضي نحو المجهول ناسية كيف كنت متألقة

لو كنت الطير الذي سيغرد مهتاجا و مريضا
في الظهيرة الحزينة سأهب روحي للضواري
بقع الدم تصبغ بخفة مخمل الرياش

منقاري الأنيق سيبقى لغزا للغابة

لو كنت البيت الذي تسكنه بمفردك
سأمنح جدراني ملمس إمرأة محبة
كأنني أضمك حينما تغلق باب حجرتك
و في النهاية ربما قبرك هو الحجرة المجاورة

لو أنك أهديتني الحب دون غطرسة
كيف لي أن أفطر قلبك!



1990 أغنية لرفاقي الموتى


آه نحن ! ماذا يمكن أن نقول اليوم
أي تعاسة تكبدناها
و أي سعادة خاطفة قد تنتظرنا
إله جميل و رحيم خلقنا عام 1990
فليرحمنا دوما و ليغفر لنا

ترافقنا بصمت و شجون
بتعنت و إكراه بلغنا أعمارنا
و في الحجرات و الحوانيت الضيقة
تبادلنا القبل و كؤوس الشراب و الشتائم و الإعتذارات
إنسحبنا من أحلامنا كأنها زلات
و قبلنا تعسف الأهل و المعلمين و حتى عابري السبيل
حضرنا الحفلات و الجنائز و نكسات البلد
و مواكب الدخلاء و الأجانب و قوات الإحتلال
رأينا كل الأمور دونما قدرة على السيطرة
لكأنما جبار يكسر كواحلنا و أرساغنا في كل مرة نريد الحراك
إننا نصنع بديلا لعجزنا المفروض
قوة إندلعت في أرواحنا الواهنة
بلا دراية و لا تمعن نجيد الفنون جميعها و نسعى إليها
أسماك هجينة تسبح في آفاقنا الغائمة
تتغذى على طحالب الذاكرة السامة دوما
فتنمو نموا مبهما و عجيبا

آسفة على مدار الساعة ، على مدار كل السنوات التي مضت و ستمضي
لم أكن صديقة رصينة و لم تكن رفقتي مريحة و هادئة
فزتم بإضطراباتي و أحزاني المتكررة
جلسنا في كل الطرق و عبرنا البحار
نحصي خيباتي معا و أضعها في حسابكم
فتتكفلون بها شاكرين
لكننا ترافقنا بلا أحقاد
عشبة الحب السامية نتأت من دمائنا بصفو و وضوح

لن أجرح كبرياء أحبتي النيام
فلتناموا عميقا في اللحد
جثث غير كاملة
و أرشيف موت أليم مسجل في القانون الجنائي
لن أذكر أسماءكم
أعلم أنكم الى الآن تخافون و تخجلون

أنت (ع) لقد قصدت ليبيا بعد ثورة تونس
عام 2011
و تجولت بحزام ناسف
غيرت إسمك و وجهتك و التحقت بفرقة إرهابية
و حينما أردت العودة
في ليلة صيف رائقة قصفتك قذيفة آر بي جي
و راحت ورودك اللحمية تتناغم مع النجوم
سجلوك في الابحاث و التفتيش
على أنك إرهابي
و أعدوا لك مشنقة و أدوات تعذيب في حال وصولك لكنك هلكت في بنغازي
نجا منك عظم ذراعك اليمنى
يحلم برفقتنا ثانية
أمر نعرفه نحن فقط

أنت (م) تعاطيت حبوب الكآبة
و كسرت القيثارة التي كنت تمضي وقتك معها
قصدت الحانة كئيبا و دائخا
أسرفت في إستهلاك كحول رخيصة
ثم بإبتسامة ملائكية ناديت بأسمائنا جميعا
و في آخر دمعة ذرفتها
مت بعينين مفتوحتين
لمعت فيهما قنينات ملونة فوق الطاولة و صورة جماعية لنا بالأبيض و الأسود

القائمة طويلة و جارحة
أحبكم كما لو أننا ولدنا للتو مجددا
فصيلة ثانية لعام 1990



إلى العائلة


اخترت لكم رقما جيدا ربما تحبونه أو أنه يشبه الرسم إلى حد بعيد .
و قد كنا في ما مضى عائلة تحب التجوال و الرحلات و الأرقام التي لا تستوعب الكسر أكثر من مرتين كي تبقى جميلة و مقنعة.
لا تبحثوا عني في تلك المدينة الواسعة فقد غادرتها مذ سويعات قليلة
و هو ما سيبقيكم في طمأنينة هذه الليلة و غدا في المساء الأحمر المتقد سترغمكم شمس الصيف على البحث و تكرار الإتصال بي.
لست أكثر من شبح متخم بالضجر و الموهبة و الخذلان.
أجل ! الخذلان الذي نتعلم منه سريعا و خلفه تأتي سعادة خاطفة .
أراكم الآن و قد منحني السخط عيونا تتلألأ في الظلمات الموحشة.
ما زال وضعكم بهيجا و هذا ما يجعل الندم ساكنا في أعماق روحي و ربما سيهيج و تعذبني ظنوني إن أسرف أحدكم في إضاعة وقته متأملا صوري ،مشتاقا إلي.
اجتمعوا على مائدة الطعام كما في البدء ...أحدكم يرفس الخبز مع الحليب و الآخر يقشر ثمارا ناضجة ، مائعة
أما أنا فأحب منظر الأكل لكنني أعاني من إعياء صباحي يمنعني من الجلوس معكم.
اربطوا خيوط أحذيتكم جيدا و بشكل أنيق
لأن السخف يبدأ من الأسفل و تحديدا من شكل الأخفاف و الأحذية حين تنتعلونها و أنتم حزانى.
أبصاركم شاردة معلقة في السقف و هو ما سيعطي للمنزل روحا خالدة لن تترك غيرنا يرتاح فيه في حال فقدتم صبركم نهائيا و أنزلتم إعلانا للبيع. و راودتكم فكرة شراء بيت جديد قرب محطة التاكسي...
كنا نقول ذلك في نكاتنا الجماعي و ضحكاتنا الطويلة أثناء الليل و قبل النوم بدقائق.
أخشى أن تصبح هذه المزحة حقيقة و أراكم تعتمرون قبعات سميكة في الحر و أنتم تقتنون الأثاث من السوق الصينية لتنظيم غرفكم الجديدة.
صورتنا و نحن في حقل البرسيم أحدنا يلف خاصرة الآخر بيده و جوهنا تبتسم بسخرية و انشراح للكاميرا
لقد فصلتها عن البرواز الخشبي و أخذتها معي
وضعتها في حقيبة يدي الى أن أطلب لها بروازا ذهبيا لماعا لا يستهين بجمالها.
نظفت الخزانة من السجائر و العلب المحطمة و نسيت الجعة في البراد . كنت سأعد سمكا مقليا و نحتفل معا.
سيحصل ذلك مرة أخرى حين نقصد البحر على الدراجات و تعتدل الحرارة في كل شيء.
ثمة تحف نادرة نسيت أن أحتفظ بها في رف آمن
ذاك الأرنب الوردي بالأجنحة الفضفاضة. إنه من العاج و يبرق. كم كان يجعلني سعيدة .
تلك العربات القطنية السمينة انها بلا عجلات و لا يمكنها السير . لكنني كلما تعثرت بها تدغدغ قدمي و ترعبني...
كما ترون في نهاية هذا الحديث الخجول إليكم.
"80" ليست سيئة.
جميعنا أحببنا هذا الرقم .حتى في غرفة الموتى أتذكرون؟...


تعليقات