اختفت اليعاسيبُ من مدينتنا
مع اختفاء النحل والذباب والبعوض
ومع تلوّث الهواء بعوادم المقاتلات
وذرّات الغبار المتصاعدة إثر انفجار أطنان التي إن تي
المخلوط بالفسفور الأبيض.
لم يمُت كثيرون
ومن بقوا؛
من المؤكد أنهم قادرون على تعويض النقص التعدادي
خصوصا بعد التصريح الإعلامي للأطباء
بأن خصوبة المواطنين لم تزل موجودة
وهم يقصدون بالتحديد؛
أولئك الذين قضوا أيام الحرب ولياليها في الملاجئ
أما أولئك الشجعان الذين لم يلجؤوا
أو البائسون في الأحياء الفقيرة
-حيث لا ملاجئ-
أو أولئك الذن تم تكليفهم بأعمال تتطلب الحركة من مكان لآخر
فهم هادؤون في مقابرهم الجديدة خارج المدينة
أو ينتظرون الأطراف الصناعية في المستشفيات
والمحظوظون منهم، وهم قلة
لم ينلهم شيء؛ سوى العنّة والصمم.
خصوبةُ الأرض الآن هي التي في إجازة طويلة
والنهر يجفّ ببطء غير ملحوظ
لكنه يجف
واليعاسيب لم تذهب وحدها
بل تحوّرت معها غريزةُ الهجرة في خلايا السنونوات الوراثية
فأصبحت تعيش وتتكاثر
وتزقزق بصوتٍ لا يكاد يُسمع
في أعشاشها فحسب
فوق جدران محطّةِ القطار القديمة
موظفو المحطة في إجازة مدفوعة
والقطارات التي نجت
موجودة في مخازنها
فقضبان السكك الحديدية مقطوعة هنا وهناك
لكن اطمئنوا
فالمدينة صامدة وبخير.
(أكتوبر ٢٠٢٤)
تعليقات
إرسال تعليق