غَضَبُ الطَّبيعة
(ردًّا على عُواء أَلنْ جينسبرج)
مروة نبيل
حَضروا جميعًا،
من ذَهبن إلى الأسواق على عَجلٍ، وعُدن
من باعوا السَّراويل والجَوارب على أرصفةِ المترو
من غسلوا أكثر من مئة سيَّارة في نصفِ ساعة
من استيقظوا مبكرًا وذهبوا إلى العمل في كاملِ أناقتهم.
البِضاعة التي اشترت ما احتاجته من الناس.
المُتمردون على رئيس الحي الجديد،
أعضاء النقابات، والمنحلُّون عن الرابطات.
الغامضون،
العائدون من سهرات الخارج،
من تركوا هذا الصخب وناموا.
اللَّيل الذي حَضَر دونَ أن تكترث الشَّمس
الظِّل الذي من دونه لا يَرْتسِم مكان
الهواتف على الوِسَادات
أجراسُ الأبواب.
بَكَّاءات ليلةِ القَدْر، مُنتظرات الغَوْث السَّماويّ
من قَطَّعن الكلام بضحكات قصيرة مُهسْتَرة
من لم يترُكن وصفةً لإبادةِ النمل إلا وجَرِّبنها.
مُستخدمات "الرِيتِينُول" أيا كانَ سِعر الدُولار
من وَرَّدْنَ شِفاههن
من مَارسن حُبًّا لا يُعجبهن
من ضاجعنَ الصُّوفي في المَسجدِ وفيما وراء
المَسجد.
من رفضن الذهاب إلى الطبيب، وفَضَّلن الطبيبة
من يبغضن أزواجهن، ويَغتصِبن شُركائهن، وأصدقاء شُركائهن
كُلَّما أمكن.
الساحرات، مُستخدمات العُود والعَنبر في الجَلْبِ
والتفريقِ على السواء.
المُتورطُون في أكثر من علاقة
المُضطَجِعون بسأمٍ يتأمَّلُون أجساد زوجاتهم
الشَّاردون من دون شَريكة.
الشَّاردون في الشُّرفات
بآلامٍ،
بخسائرٍ، بسجائر،
بكحُول
بزمانٍ يرقصُ لذةً بأنَّهُم –
قريبًا - سَيختَفوا.
أصحابُ الطموحِ والاستراتيجية
أصحابُ السرديَّةِ والجَدليَّة
الواثقُون في البديهيات كأنَّها أكثر من معلومة.
الطيَّارون،
المَدهوسون تحت أقدامِ المنطقِ وهو يقذفُ الكواكب ببعضها
بعضًا.
أنصارُ العِلمِ للعِلمِ
أنصارُ الفنِّ للفَنِّ
المُقتربُون من الصِّفر
من طلبوا اللجوء لأسبابٍ تتعلق بالبيئة
من دَوَّنوا أرقامَ هواتف، قصائد، وأسماء عقاقير
على أغلفةِ الكُتُب.
من افتقدوا الليبيدو
من لم يَصبِروا على طعامٍ واحدٍ
من رفضوا أن يُطعمُوهم.
من وَجدوا الحيلَة، ولم يُحددوا الهَدف
المُتمَركِزون أمام الشَّاشات
من كَتَبوا دونَ اكتراثٍ للكِتابة
من لم يقرأوا إلا لأنفُسِهم
الأرسطيُّون والأفلاطُونيُّون
الفرَانكفونيُّون والأَنْجلوساكسون
الفُقَّاعات
المُتحرِّكون حركة الجُسيم المَغزَليَّة
أصحابُ الذَّاتيَّات المُمَغنَطة
تيارات التَديُّن الشَّكليّ
من كتبوا مَسرحية في إثْرِ
مَسرحية.
من طَهى بزيتٍ مُهَدْرَجٍ في الطابِقِ نَفسه
من تركوا أكياسَ قمامتهم مَفتوحة
من غيروا بَطاريةَ ساعةِ الحائطِ بشكلٍ دَوريّ
من رتبوا قنوات الإرسال بعنايةٍ
من ألْقوا بأنفُسِهم من الأبراج
من ألْقوا بأنفُسهم في الأنهار
من ابتلعوا حَبَّات الغَلَّة.
حَضروا جميعًا،
كان لكُلِّ واحدةٍ منهن ثَديان،
وفَرْج، ومُؤخِرة.
وكلُّ واحدٍ كان معهُ قََضيبه.
كانت لهُم ذَاكِرات،
أكْبَاد، كُلْيَات، ورِئات نَظيفة.
كانت لهم حِراب، نِبَال، وبَنادق.
حازوا الوَعي
حَازوا قُدرات خاصة،
منهُم من أكَلَ الزُّجَاج
وفسَّر الأحلام، ووَشوش الأحجار.
حَدَسوا،
أخرجوا النعمَة من النقمة
شَهِدوا الدَّيْمُومةَ تخلع ثيابها
وأدركوا ما فيها من خُنُوثَة.
الديمومةُ التي لا تَعبأ بأحدٍ،
التي لا تُعذَّب،
التي تُجَرِّدُ وتُجَرِّدُ ولا تَضرِب الأمثلةَ،
التي تُلهمُ الصيَّادين تلقين نُعوتها للشِباك،
التي تُسَرِّبُ رائحة طَبيخ الأمَّهات على الطُرُق الصَّحراويَّة،
التي أجْبرَتهُم أن يستخدموا الزيت،
ويكونوا قِدِّيسِين.
التي أيضًا لا تنظُر إلى نفسِها من خلال القَبر.
حضروا جميعًا،
وأمام نَوعٍ من الفَزَعِ
لم يُصدِروا أي حِرَاك.
القاهرة، أكتوبر 2024
تعليقات
إرسال تعليق