قصائد من ديوان "فوات
الأوان"
محمد أبو زيد
بعد عِشرة طويلة، أقول صادقًا: الكوابيس طيبة.
اعتدت الهوة السحيقة
اجتزت النيران
هربت من الوحوش
احتفلت مرارًا بالخراب
جرَّبت العيون المفقوءة
في أطباق الطعام
وأستسيغ طعمها
وإذا فاجأني الغرق
أحادث الأسماك حتى أستيقظ
أدخل النوم
وحِيَلي في جيبي
مثل علي بابا مجتهد يزرع السمسم.
..
لكنني أرتعب من الأحلام
لا أفهم الضحكة المفاجئة
التي أجهل ما يتخفَّى وراءها
لا أُصدِّق الأمل
الذي ينفخني
ثم يُفجِّرني كبالون
أخاف النظرة القادمة من طفل
يعبر الطريق
لكنه..
لا يعرف الطريق.
أُفكِّر أن أُدخِّن؛
لأن التدخين يُدمِّر الصحة ويُسبِّب الوفاة؛
لأني أحب الصور على علب السجائر.
كم هي رومانسية صورة الدخان!
كأنها غيمة طولية أتسلَّقها.
كم هي مثيرة صورة الأسنان النخرة!
كأنها كهف يُخبِّئ مغامرة.
أُفكِّر ألا أدخن؛
لا أحب الدخان عمومًا،
إلا الذي كانت تصطاده جدتي من الفرن
وهي تصنع الخبز.
ثم لماذا أتعب صدري
أنا الذي –كالمحاريث القديمة–
لا أتوقَّف عن السعال؟!
فلأُجرِّب طُرقًا أخرى للموت..
تدفع إلى التأسِّي عليَّ
وتجعلني سعيدًا في قبري؛
لأنني اكتشفت أساليب جديدة للانتحار،
مثل أن أظل حيًّا
ويلقي الناس التحية عليَّ في الشارع،
لكني لست سوى جثة،
جثة قديمة
لن يكتشفها أحد،
إلا إذا حدَّقوا جيدًا في عينَيَّ
ورأوا كلَّابات أصابعي
تقبض على أعناقهم
في عناق أخير.
في الطريق إلى الحقل
ارتويت من الزير
أزحت الطحالب جانبًا
وعببت من المسرب
غطست في الترعة
وملأت فمي ماءً
أمام «السبيل»
أخبرني صديقي، بعد أن شربت،
أن ولدًا بال فيه
وآخر ملأه بصاقًا.
هذا هو درس الحياة يا صغيري:
لا شيء نقي
مثل قلبك.
قنبلة جميلة لكنها غير مُهذَّبة
القنبلة، التي سقطت في حِجري، لم أعرف ماذا أفعل بها.
هل أُعلِّقها ميدالية في جيبي وأسير مُتبختِرًا بها في
الحرب؟
هل أطهوها لجيراني مع قليل من البطاطس والخبز، أم أضيء
بها مستقبلي مع بعض الألعاب النارية؟
محزن أن أسألها ولا ترد
محرج أن أطرق بابها ولا تفتح لي
أكتب إليها رسائل مطولة ولا أرى "seen"
دائرية، تفور من الداخل ككرة أرضية مصابة بالاحترار
المناخي
مرسوم عليها نعشي الأخضر طافيًا كالطحالب
بطنها ممتلئ بالغازات والغيوم والغضب
.
قنبلة لم أعرف ماذا أفعل بها..
فسحبت صمام الأمان.
تعليقات
إرسال تعليق