اسمي كارلوس
باسم المرعبي
ماذا لو اتخذتُ لي اسماً جديداً.. كارلوس، مثلاً؟. اسم جديد شاغر أعبئه بشغف الاندفاع نحو البراري، اسم قابل للانضمام إلى معجم الطيور والرياح والكواكب، يتخذ له رصيداً من الحجر والماء، من النبات والمعدن، من الفراغ والضوء، ولا يرى في السراب سُبّةً، فهو ابن كل هذه العناصر المستحيلة. اسم بقدر ما هو برّي، فإنه يستعذب السير في شوارع المدينة، بعد المطر، حيث الالتماعة الأثيرة في ورق الشجر ونضارة الأسفلت المغسول، وبدء معاودة السير، بعد التلبث تحت السقوف والاحتماء بمظلات واجهات المحال. اسم ينفصل عني وقتما أشاء، وأسترده وقتما أشاء. أسافر دونه، فيما هو يستريح عند مقهى رصيف، في يوم شتائي مشمس، يدخّن ويطالع صحيفته المفضّلة، حيث لا أحد يجرؤ على تعكير نهاره بسؤال أو نظرة.
كارلوس.. مدىً من عُشب، راهب في دير، وصوفيٌّ في معتزله. شعاع ماءٍ في إناء فخاري في باحة مسجد لا يقصده سوى مصلٍّ واحد. وغبار منسي يثيره خفقُ جناح حمَام في إفريز مترَب. اسم يضيئني بقْدر ما فيه من الضوء، ويسترني بقدر ما فيه من النبات، ويقوّيني بقدر ما له من صلادة المعدن.
كارلوس، الاسم الذي أسكنه، مفرغ من شقاء المسافات، ولهُ بَشَرة الفجر الصريحة وتاريخ من المطر والضياع في السهوب. هو كلمة السر التي تُتلى عند كل باب، واللغز الذي يُطرح على كل داخل إلى المدينة.
قد يعجبك ايضا
تعليقات
إرسال تعليق